فى النصف الثانى من القرن الثالث الهجرى، ذلك القرن الذى ازدهر فيه التصوف الإسلامي، وامتاز بالورع والتقوى الصادقين، ظهرت بمدينة «نيسابور» فى «خراسان» فرقة من فرق الصوفية أُطلق عليها «المَلامَتِيَّة» أو «المَلامِية»، واختارت هذا الاسم لما يتضمنه من معنى عميق، مشتق من الملامة، ومن الكتب التى تناولت تلك الفرقة بالتحليل والتوضيح كانت "الملامتية والصوفية وأهل الفتوة"، تأليف أبو العلا عفيفى.
والطريقة الملامتية، أو الملامتية، أو الملامية، اسم اشتهر على طائفة من الصوفية السنيّة، وشيخهم الأول هو حمدون القصار (توفى سنة 271 هـ / 884)، وقد سمو بالملامتية لأن طريقتهم تقوم على ملامة النفس فى كل الأحوال. وأول شخص أفردهم بالكتابة هو الشيخ أبو عبد الرحمن السلمى فى رسالته «أصول الملامتية»، وقد قرر فى صدرها أنه لا يوجد لهم كتب مصنفة، ولاحكايات مؤلفة، وإنما هى أخلاق وشمائل ورياضات.
ووفقا للكتاب مضى نحو قرن من الزمان على ما كتبه العلامة "فون هامر" فى المجلّة الآسيوية، فى موضوع الفتوة الإسلامية وصلتها بالفروسية الغربية، وأهمية دراسة الفتوة الإسلامية والحضارة الإسلامية عامة فى فهم الفروسية المسيحية، وكان هذا أول ما كتب فى الموضوع بطريقة علمية دقيقة.
وكذلك ألقى العلامة «كاترمير» بعض الضوء على هذا الموضوع الغامِض المُتشعِّب الأنحاء فى بعض تعليقاته على كتاب السلوك للمقريزى، ولكن لم يظهر فى الفتوة الإسلامية كتاب أو مقال ذو بال حتى نشر الدكتور «ثورننج» سنة ١٩١٣ كتابه الجامع الذى ألم فيه بأطراف لم يعالجها من قبله واستند فيه إلى وثائق تاريخية هامة.
وقد ظهرت مقالات أخرى قيمة فى المجالات العلمية الألمانية لأمثال الأساتذة تشنر وفون هارتمان وشاخت؛ إلا أن هذا الموضوع الحيوى العظيم لم يلق بعد، لسوء الحظِّ — من العناية بدارسته دراسة مستفيضة ما هو جدير به.
بالنظر الدقيق فى الأقوال المأثورة عن رجالهم، مما رواه السلمى فى رسالته، وما نجِده فى تراجم مشايخ خراسان، نستطيع أن نؤلف صورة عامة — قد يعوزها الكثير من التفاصيل — عن طريقة الملامتية وتعاليمهم، ولم يعمل السلمى أكثر من أنه جمع ما وصل إليه من أقوال هؤلاء المشايخ، وما عرفه من تقاليدهم وعقائدهم وأحوالهم التى تميزوا بها من غيرهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة