بالتزامن مع العيد القومى لليابان أجرى السفير اليابانى بالقاهرة "نوكى ماساكى" حوارا مع قناة "سى بى سى"، تطرق خلاله إلى عمق الصداقة المصرية اليابانية والشراكة المستقبلية وحبه للمصريين وللثقافة والطعام المصرى، مشيرا إلى أنه يزرع الملوخيةَ في مزرعته الصغيرةِ باليابان، مؤكدا: "الملوخية المصرية أشهى".
وقال السفير اليابانى بالقاهرة إن مصر دولة محورية ومهمة فى الشرق الأوسط وأفريقيا سياسيا وجغرافيا واستراتيجيا، واستقرارُها لا غنَى عنه لتحقيقِ السلامِ والِازدهارِ في المنطقةِ.
وقال إن اليابان تدرك الأهميةَ الجيوسياسية لمصر منذ زمن بعيد، وأنشأت فى عشرينيات القرن الماضى المكتب القنصلى الأول فى الإسماعيلية بالقرب من قناة السويس، مؤكدا أن "مصرُ ضروريةٌ للربطِ بين آسيا والشرقِ الأوسطِ وأفريقيا وأوروبا، مضيفا: "لقد أصبحتْ دولةً أكثرَ أهميةً حاليًّا؛ لأن اليابانَ تروِّجُ الآنَ لمبادرةِ "محيطٌ هنديٌّ وهادئٌ حرٌّ ومفتوحٌ، التي تستندُ إلى نظامٍ بحريٍّ يعملُ وفقًا للقانونِ الدوليِّ والازدهارِ، من خلالِ تعزيزِ الاتصالِ بين الدولِ."
وأوضح أن التعاونِ في مجالِ الِاتصال يحمل أهمية خاصة، لذا فإن البنيةَ التحتيةَ الماديةَ، مثلَ جسرِ السلامِ فوقَ قناةِ السويسِ، مهمةٌ بالطبعِ، كما أن البنيةَ التحتيةَ البشريةَ ضروريةٌ أيضا.
وحول الاستثمارات فى منطقة قناة السويس، قال السفير اليابانى إن هناك بعض الشركات اليابانية الموجودة هناك، ولكن هناك شركات يابانية فى مختلف المجالات فى مصر وتعتبر من الاستثمارات المثمرة. وأكد أنه مع الإصلاحِ الاقتصاديِّ والإمكاناتِ الطبيعيةِ لهذا البلدِ الذي يبلغُ تعدادُه مائةَ مليونِ مصريٍّ، تُعدُّ مصرُ وجهةً جذابةً للاستثمارِ.
وأضاف: "وأنا أعلمُ أن الحكومةَ تعملُ كثيرًا لتحسينِ مُناخِ الأعمالِ. والشركاتُ اليابانيةُ مهتمةٌ بالاستثمارِ في مصرَ. ونحن بحاجةٍ إلى مزيدٍ منَ المحادثاتِ والأفكارِ. لكني أعتقدُ أن هذا هو الوقتُ المناسبُ لمزيدٍ من الوجودِ للشركاتِ اليابانيةِ في مصرَ".
وحول استجابة مصر لوباء كورونا قال السفير اليابانى إنه رغمَ وضْعِ الجائحةِ الخطيرِ في كلِّ مكانٍ فإن مصرَ تعملُ جيدًا مقارنةً بالدولِ الأخرى. وأكد أن اليابان تدعم جهود مصر من خلالِ التعاونِ الفنيِّ لتحسينِ القدرةِ الإداريةِ، وجودةِ المستشفيات العامة. ووقعت اليابان في أكتوبر الماضي على منحة قدرُها 9 ملايينَ دولارٍ ونصفُ المليونِ، لشراءِ معداتٍ طبيةٍ مثلِ أجهزةِ الأشعةِ المقطعيةِ لاستخدامِها في المستشفياتِ المصريةِ. وبخلافِ ذلك، قدمتِ معداتٍ طبيةً يابانيةً عاليةَ التقنيةِ إلى جامعةِ عين شمس.
وأضاف: "وسيكونُ هناك تعاونٌ مماثلٌ مع جامعتَيْ قناةِ السويس والفيومِ قريبًا. وعلاوةً على ذلك، ومن خلالِ التعاونِ مع المنظماتِ الدوليةِ قررتِ اليابانُ، منذ مايو من العامِ الماضي، المساهمةَ بأكثرَ من ستةِ ملايينَ دولارٍ لتعزيزِ نظامِ الرعايةِ الصحيةِ في مصرَ، والتدابيرِ الاقتصاديةِ المضادةِ، خاصةً للأشخاصِ الأكثرِ تعرضًا للخطرِ، مثلِ الأطفالِ والنساءِ في شمالِ سيناءَ ومجتمعاتِ المهاجرين واللاجئين".
وأشار إلى القرضَ الميسَّرَ لسياساتِ التنميةِ الأخيرةِ، البالغَ 240 مليونَ دولارٍ أمريكيٍّ، الذي سيشكلُ أيضًا دعمًا ماليًّا، يخفِّفُ الضغطَ الماليَّ على الحكومةِ المصريةِ في مواجهةِ كارثةِ كورونا.
أما عن الثقافة المصرية وصوره أثناء زيارة بعض المواقع الأثرية، فأضاف السفير أن الحضارةُ المصريةُ القديمةُ رائعةٌ، وأتيحت له الفرصة له للاستمتاع بهذه التجارب الرائعة، والتعرف على الاكتشافات الأثرية من مومياوات فرعونية لقطط ولأسود، معربا عن دهشته لرؤية مومياء لأسد، ولفت إلى اكتشاف أكثر من 50 مومياء بشرية يعود تاريخها إلى مئات السنين.
وأشار إلى التقارير التى تفيد بأنهم سينقلون تلك المومياواتِ إلى المُتحَف المصريِّ الكبير، معتبرا أنه كلما ازدادتِ الِاكتشافاتُ ازدادتْ أيضًا جودةُ المومياواتِ. وكان هناك أكثرُ مِن 100 مومياءَ بحالةٍ جيدةٍ. وبعدَها عرَفتُ أنهم لا يعملون في المُتحَفِ المصريِّ الكبيرِ فقط، بل يعملون أيضًا في مُتحَفِ الحضارةِ الذي يعرضُ جزءًا صغيرًا فقط منَ الحضارةِ المصريةِ القديمةِ الرائعةِ، فالحضارةُ المصريةُ ثقافتُها طويلةٌ ومتنوِّعةٌ للغايةِ، ولا تقتصرُ على التاريخِ الفِرْعونيِّ فقط.
وقال السفير نوكى ماساكى حول عودة السياح اليابانيين إلى مصر: "إن ظروف جائحة كورونا تزيد من صعوبة السفر فى الوقت الحالى، والعالم كله يسعى للتغلب عليها".
وأضاف أن الحضارة المصرية القديمة تحظى بشعبية كبيرة فى اليابان، مقدما مثالا على ذلك بمعرض مقتنيات توت عنخ آمون الذى أقيم فى اليابان فى 1955، وزار المعرض أكثر من 3 ملايين يابانى، ولا يزال هذا الرقم القياسى الأول فى تاريخ المتاحف اليابانية.
وأوضح أنه في الوقتِ الراهن هناك مَعرضٌ في طوكيو عن حضارةِ مصرَ القديمة، وأكد أن اليابانيين مهتمون بالحضارة المصرية خاصة الأهرامات وتوتْ عنخ آمون وكليوباترا، وهمُ أشهرُ معالم الحضارةِ المصريةِ القديمةِ. وأكد أن وضع الجائحة التى يمر بها العالم عندما يتحسن سيكون هناك العديد من السياح اليابانيين ليس من أجلِ الحضارةِ القديمةِ فقط، ولكنْ أودُّ منهم أيضًا أن يبحثوا في الجوانبِ الثقافيةِ الأخرى الممتعةِ لِمصرَ التى تزخَرُ بها مصرُ.
وحول انطباعه حول المشاركة فى مونديال اليد وزيارة منتخب البلاد إلى الأهرامات والتنظيم المصرى للبطولة، قال السفير إن الشعب المصرى كان مهتما أكثر بالتفاعل مع الأصدقاء اليابانيين والاستمتاع بأفعالهم الشيقة أكثر من الأداء الرياضى نفسه، لكن منتخب كرة اليد اليابانى أدى بشكل جيد ووصل للدور الثانى.
وقال إنه تم استقبال الفريق اليابانى لكرة اليد فى المطار بشكل جيد جدا، وكان أعضاء الفريق أول من زار الأهرامات من بين الفرق الأجنبية.
وأشاد السفير اليابانى بالتنظيم الناجح للبطولة الدولية التى تضمنت مشاركة فرق من 32 دولة، مضيفا: "وسمعتُ أيضًا أن ثمانيةَ آلافِ شخصٍ شاركوا في تنظيمِ البطولةِ، لذا كان التنظيمُ دقيقًا للغايةِ. وهذا التنظيمُ الناجحُ يُعدُّ مشجِّعًا لليابان، التي تستعدُّ بجِديةٍ شديدةٍ لتنظيمِ دورةِ الألعابِ الأوليمبيةِ بطوكيو بشكلٍ آمِنٍ، التي مِنَ المقرَّرِ أن تنطلقَ فى 23 من يوليو المقبِلِ. ونريدُ معها الِاستمتاعَ بالرياضةِ، وإعطاءَ الأملِ، والصداقةَ بينَ مختلفِ الشعوبِ".
وحول تجربة التعليم اليابانى فى مصر، قال: "إن التعليمَ هو حقًّا إحدى الركائزِ الكبرى للتعاونِ بين اليابانِ ومصرَ، وضروريٌّ لكلِّ بلدٍ، ويعتمدُ على المِلكيةِ القوميةِ للنظامِ التعليميِّ. لذلك لا يمكنُنا فرضُ أيِّ أسلوبٍ يابانيِّ على التعليمِ في بلدٍ ما. لكنْ معَ اهتمامِ الجانبِ المصريِّ بأسلوبِ التعليمِ اليابانيِّ فإننا نشاركُ المعرفةَ والخبرةَ في مجالِ التعليمِ. وقد فُوجِئتُ أنا شخصِيًّا بالرئيسِ السيسي عندما سمعتُه وهو يتحدَّثُ بحماسةٍ عن التعليمِ وتوقعاتِه منَ اليابانِ في مجالِ تطويرِ التعليمِ. وفى عام 2016 تم إطلاق الشراكة المصرية اليابانية للتعليم (EJEP) خلال زيارة الرئيس السيسي لليابان من أجل تنمية الموارد البشرية وتمكين الشباب المصري".
وقال: "إن هناك حتى الآنَ هناك 43 مدرسةً يابانيةً مصريةً، ويرغبُ الجانبُ المصريُّ في توسيعِها إلى مائةِ مدرسة". وأشار السفير اليابانى إلى أنه جاء إلى مصر لأول مرة منذ أكثر من 35 عاما، عندما كان طالبا، وجاء لزيارة الأهرامات، وأكثر ما لفت إنتباهه فى الشعب المصرى هو مدى حيويتهم وودهم، وحبهم لالتقاط الصور.
وأضاف فى حوار مع قناة "سى بى سى" أن المصريين مثيرون لِلِاهتمامِ وساحرون للغايةِ، وهذا هو انطباعِه الأولُ عنهم.
وبسؤاله عن صورة شهيرة له وهو يتسلق نخلة فى إحدى المحافظات المصرية، قال السفير ماساكى إنه كان ضمن استعدادات جادة لتنشيط التبادل التجارى للمنتجات الزراعة، موضحا أنه زار مزرعة برتقال فى منظقة النوبارية، وخلال الزيارة رأى أشجار النخيل وشباب مصرى يتسلقها بمهارة للحصول على التمر، مضيفا: "وأنا أرى أنه أفضل أن تقوم بفعل الشىء بنفسك لا أن ترى الآخرين يفعلونه، لذا جربت تسلق النخل بنفسى ، وكانَ الأمرُ ممتعًا جدًّا. وكنتُ وقتَها حافِيَ القدميْنِ، وكانتْ قدمايَ تؤلماني، لكني استطعتُ أن أفهمَ كيفَ أتسلَّقُ، واستطعتُ أن أتحسَّسَ جِذْعَ النخلةِ وألمسَ وأشُمَّ التمورَ الطازَجةَ. وشعرتُ أنني أقربُ إلى المزارعين المصريين الذين كانوا يفعلون ذلك".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة