أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أننا فى يوم من أيام الله (عز وجل) وهو يوم من أيام النصر لدولتنا المصرية العريقة التى تضرب حضارتها بجذورها فى أعماق التاريخ لأكثر من 7000 عام، قائلاً:"العيد القومى لمحافظة الدقهلية 771 عامًا مضت على انتصارات هذه المدينة على غاشم مستعمر حاول تدنيس ثراها الطاهر لهى أطول من عمر كثير من الدول، وما كان لهذه الحضارة أن تبقى وأن تستمر وأن تمتد لولا أنها قامت على الحق والعدل و الصدق، فالصدق عماد الحضارات، وسبيل أمانها الاجتماعي، وهو أحد أهم عوامل بناء الدول وحضاراتها وعوامل استقرارها ودوامها ."
وزير الأوقاف ومفتى الجمهورية ومحافظ الدقهلية
جاء ذلك خلال إلقاء وزير الأوقاف، خطبة الجمعة اليوم بمسجد النصر بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، تحت عنوان "حديث القرآن الكريم عن الصدق والصادقين"، بمناسبة العيد القومى للمحافظة، بحضور الدكتور أيمن مختار محافظ الدقهلية، والدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، واللواء عبد القادر عبد الخالق النورى سكرتير عام المحافظة، وعدد من قيادات المحافظة، والدكتور خالد صلاح مدير مديرية أوقاف الدقهلية، وعدد من أعضاء مجلس النواب.
وأضاف جمعة: "تحدث القرآن الكريم عن الصدق باعتباره ركيزة من ركائز الإيمان، والأخلاق، وبناء الدول والحضارات، حيث يصف الله (عز وجل) نفسه فى كتابه الكريم فيقول سبحانه : " قُلْ صَدَقَ اللَّهُ"، ويقول سبحانه وتعالى: "وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا" ويقول (عز وجل) : "وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا"، ووصف به أنبياءه ورسله (عليهم الصلاة والسلام)، فيقول سبحانه : " وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا"، مُقدما الوصف بالصدق على الوصف بالنبوة، وهو ما تحدث به الحق (سبحانه وتعالى) عن سيدنا إدريس (عليه السلام) : "وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا"، وفى حق سيدنا إسماعيل (عليه السلام) : "وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا"، وفى حق سيدنا يوسف (عليه السلام) : "يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ"، وفى حق سيدنا عيسى (عليه السلام) : " وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى وَأُمِّى إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِى أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلَا أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِى بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِى اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ".
وزير الأوقاف خلال صلاة الجمعة بالدقهلية
وتابع جمعة: "وانظر إلى أدب سيدنا المسيح (عليه السلام) مع الله (سبحانه وتعالى)، فلم يقل : "لم أقله"، وإنما قال: " إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ"، وقال جل وعلا فى حق سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) : "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْى يُوحَى"، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : " ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا"، مبينا معاليه أن القرآن الكريم تحدث عن مخرج الصدق، ومدخل الصدق، ولسان الصدق، ومقعد الصدق، ووعد الصدق، ومُبوأ الصدق، وقدم الصدق، فقال سبحانه مخاطبًا نبيه (صلى الله عليه وسلم) : " وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِى مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِى مُخْرَجَ صِدْقٍ"، فما من مخرج تخرجه أو مدخل تدخله إلا بصدق أو كذب، فإن خرجت بطاعة، لمساعدة محتاج أو لإغاثة ملهوف، فهذا مُخرج الصدق، أما إذا خرجت لأذى الناس أو لمعصية فهذا مخرج الكذب ".
وأضاف جمعة: "وتحدث القرآن الكريم عن مُبوأ الصدق فقال سبحانه : " وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِى إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ"، وهو المنزلة الحسنة فى الدنيا، وقال سبحانه عن مقعد الصدق : " فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ" وهو الجنة، كما تحدث القرآن الكريم عن وعد الصدق فقال سبحانه : " وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِى كَانُوا يُوعَدُونَ" وهو الجنة، وتكلم عن لسان الصدق فقال : "وَاجْعَل لِّى لِسَانَ صِدْقٍ فِى الْآخِرِينَ" أي: الثناء الحسن، وعن سيدنا أَنسٍ (رضى الله عنه) قَالَ: مرَّت جنَازَةٍ فَأَثْنَوا عَلَيْهَا خَيرًا، فَقَالَ النبى (صلى الله عليه وسلم): وَجَبَتْ، ثُمَّ مرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَال النَّبى (صلى الله عليه وسلم): وَجبَتْ، فَقَال عُمرُ بنُ الخَطَّاب: ما وَجَبَتْ؟ قَالَ: هَذَا أَثْنَيتُمْ علَيْهِ خَيرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وهَذَا أَثْنَيتُم عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أنتُم شُهَدَاءُ اللَّهِ فى الأرضِ"، أما قدم الصدق فيقول سبحانه : " وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ" يُقال لفلان قَدمٌ راسخة فى العلم أي: قدم ثابتة عالية، وهى المنزلة الرفيعة يوم القدوم على الله (عز وجل) ."
وزير الأوقاف خلال صلاة الجمعة
كما أكد وزير الأوقاف، أن الصدق جزء من صميم عقيدتنا، وأن الإسلام عندما يطلب الصدق فى الأقوال، يطلب أيضًا الصدق فى الأعمال، وكما يُطلب الصدق من الأفراد يجب على الدول العظيمة أن تحافظ على صدقها، فالدول الصادقة هى التى تحترم مُعاهداتها وعهودها ومواثيقها والتزاماتها وتفى بها دون لعب أو مواربة، أما الدول الكاذبة فشأنها شأن الأفراد فى الكذب والمراوغة، فالدول العظيمة هى الدول الصادقة، والدول الصادقة التى تفى بمعاهداتها ومواثيقها هى التى تبنى حضارة حقيقية، أما الدول التى لا تفى لا بعهود ولا بالتزامات فلا بقاء لها وإن غرها ما غرها من أمرها العارض، موجهًا رسالة لمن يقتاتون على الكذب من أبواق الضلال، وأهل الشر، بئس القوت وبئس الخلق، وأن الكذب شرٌ كله، وأن المال الذى يكتسبونه من ترويج الشائعات والافتراءات سُمٌ قاتل.
وزير الأوقاف خلال خطبة الجمعة
وفى ختام خطبته أشار وزير الأوقاف إلى أن الصدق جزء من الإيمان سواء كان على مستوى الأفراد أو على مستوى الدول، حتى عرف بعضهم الإيمان بأنه قول الصدق مع ظنك أن الصدق قد يضرك، وأن لا تقول الكذب مع ظنك أن الكذب قد ينفعك، بإيمانك أن الأمر كله بيد الله، ثم نبه على أننا مقبلون على شهر عظيم مبارك وهو شهر رجب، وهو أحد الأشهر الحرم فلنكثر فيه من الطاعات ونعظم حرمة الله فيه بالكف عن أذى الخلق .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة