مازالت المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية، منذ أن تم تأجيل الجولة الخامسة والتى كان مقررا لها ديسمبر الماضى، بعد شهر من انطلاق المفاوضات فى أكتوبر الماضى، ما آثار الشكوك حول وجود خلالفات محتدمة بين الجانبين، واتهم وزير الطاقة الإسرائيلي بيروت بأنها "غيرت موقفها" بشأن هذا الملف، إلا أن الرئاسة اللبنانية نفت هذا الاتهام، مؤكدة أن موقفها "ثابت".
فى الوقت الذى نفى فيه وزير خارجية لبنان بحكومة تصريف الأعمال شربل وهبة وجود أى خلافات، مؤكدا أن التأجيل كان بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية انتظارا لتولى الإدارة الأمريكية الجديدة، وقال إنه لا يوجد خلاف ولا تجميد للمفاوضات فالوسيط الأمريكى طلب تأجيل الجولة الجديدة منم المفاوضات إلى ما بعد أعياد رأس السنة وما بعد دخول إدارة جو بايدن البيت الأبيض والتي لازالت في أيامها الأولى، والمفاوضات مع العدو ليس لها سقف زمنى ومازلنا نتوقع استئنافها.
وأكد الرئيس اللبناني، ميشال عون، أمس حرص لبنان على استئناف المفاوضات وأعرب عن أمله في استئنافها، مؤكدا أهميتها ، كما سبق أن أكد لسفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى بيروت، دورثي شيا، موقف لبنان الثابت لجهة معاودة اجتماعات التفاوض انطلاقا من الطروحات التي قدمت خلال الاجتماعات السابقة.
توقف التفاوض
وتوقفت المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية بشأن ترسيم الحدود البحرية، بنهاية نوفمبر الماضي بعد ثلاث جولات عقدت بوساطة أممية وأمريكية، وسط خلافات على تحديد الخط الأساس والمبادئ العامة المتصلة بهذه العملية.
وكانت قضية ترسيم الحدود، لا سيما البحرية منها، قد بدأت تلقي بظلالها على العلاقات اللبنانية-الإسرائيلية منذ أن بدأ لبنان ترسيم حدوده البحرية في 2002، حين كلّفت الحكومة اللبنانية "مركز ساوثمسون لعلوم المحيطات" بالتعاون مع "المكتب الهيدروغرافي البريطاني" بإعداد دراسة لترسيم حدود المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة، وذلك بغية إجراء عملية مسح جيولوجي للتنقيب عن النفط والغاز.
واعترضت هذه العملية صعوبات كبيرة بسبب عدم توافر خرائط بحرية دقيقة وواضحة للمنطقة، وقد أتت نتائجها غير دقيقة.
وفي عام 2006 عاودت الحكومة اللبنانية تكليف المكتب الهيدروغرافي البريطاني بإجراء دراسة محدثة لترسيم الحدود، والتي مهدت لإقرار قانون تحديد المناطق البحرية اللبنانية في عام 2011.
وأكد مصدر عسكري لبناني أن لبنان تبلغ رسميا من الجانب الأمريكي تأجيل جولة التفاوض المرتقبة هذا الأسبوع مع اسرائيل بشأن ترسيم الحدود البحرية، في خطوة جاءت بعد سجالات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.
وجاء الإعلان اللبناني بعد اتهام وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس في العشرين من الشهر الحالي لبنان بأنّه "غيّر موقفه بشأن حدوده البحرية مع إسرائيل سبع مرات"، محذرا من احتمال أن تصل المحادثات إلى "طريق مسدود".
وقال في تغريدة "من يريد الازدهار في منطقتنا ويسعى إلى تنمية الموارد الطبيعية بأمان عليه أن يلتزم مبدأ الاستقرار وتسوية الخلاف على أساس ما أودعته إسرائيل ولبنان لدى الأمم المتحدة".
ونفت الرئاسة اللبنانية الاتهام الإسرائيلي، مؤكدة أن موقف بيروت "ثابت" من مسألة الترسيم.
مطالب لبنان
وتتعلق المفاوضات أساسا بمساحة بحرية تمتد على حوالى 860 كيلومترا مربعا، بناء على خريطة أرسلت في 2011 إلى الأمم المتحدة. إلا أن لبنان اعتبر لاحقا أنها استندت إلى تقديرات خاطئة.
وزير خارجية لبنان
وطالب لبنان خلال جلسات التفاوض بمساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومترا مربعا تشمل جزءا من حقل "كاريش" الذي تعمل فيه شركة أنرجيان اليونانية، حسب ما قالت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتيان لوكالة الأنباء الفرنسية في وقت سابق، معتبرة أن البلدين دخلا "مرحلة حرب الخرائط".
تاريخ النزاع
وقع لبنان في 2018 أول عقد للتنقيب عن الغاز والنفط في رقعتين من مياهه الإقليمية تقع إحداها، وتعرف بالبلوك رقم 9، في الجزء المتنازع عليه مع إسرائيل. وبالتالي، ما من خيار أمام لبنان للعمل في هذه الرقعة إلا بعد ترسيم الحدود.
ويعود أصل النزاع أولا إلى الخلاف على تحديد نقطة ترسيم الحدود البرية في رأس الناقورة التي يفترض أن تكون أساسية لترسيم الحدود المائية، وثانيا رفض لبنان أن تكون نقطة حدود المياه الاقتصادية بينه وبين قبرص المشار إليها بالخرائط بنقطة رقم واحد مشتركة لإسرائيل أيضا، ويقول إن نقطة الحدود الإسرائيلية يجب أن تكون عند النقطة 23 الواقعة عشرة أميال بحرية إلى الجنوب من النقطة رقم واحد، فيما تصر إسرائيل بالمقابل على اعتماد هذه النقطة لترسيم الحدود مع لبنان وفق اتفاق منفصل وقعته مع قبرص.
الخروقات الإسرائيلية
وعلى صعيد متصل يستمر التوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية حيث أكد الرئيس اللبناني استمرار الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية عبر الجو والبر والبحر، مطالبا نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة لدى لبنان نجاة رشدي، بالإشارة إليها في التقرير الذي يُرفع دوريا إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس ومجلس الأمن الدولي.
وتشهد الأجواء اللبنانية منذ أسابيع تحليقا مكثفا للطائرات المقاتلة لسلاح الجو الإسرائيلي وكذلك طائرات الاستطلاع من دون طيار، الأمر الذي حدا بلبنان إلى تقديم شكوى أمام مجلس الأمن الدولي وإلى الأمين العام للأمم المتحدة وطلب إدانة إسرائيل على هذه الاعتداءات ووضع حد لها فورا حفاظا على الاستقرار والأمن والسلم في المنطقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة