في مطلع الخمسينيات من القرن العشرين، قرر الملك فاروق الأول ملك مصر إنشاء مبنى ضخم وهو المعروف حاليا باسم "مجمع التحرير" يضم كل المصالح الحكومية في مقر واحد، من منطلق التسهيل على المواطن الذي يمكنه إنجاز جميع المعاملات بسهولة ويسر.
ويرجع تاريخ إنشاء مجمع التحرير إلى 70 سنة في الوقت الذى رحلت فيه القوات البريطانية عن مصر، حيث قرر الملك فاروق هدم الثكنات العسكرية الإنجليزية التي كانت تحتل ميدان الإسماعيلية التحرير حاليًا، ليقلل نفقات استئجار عقارات لشغل المصالح الحكومية، وتوفير الخدمات للمواطنين في منطقة واحدة، لينشئ "مجمع الحكومة"، والذي غُير اسمه فيما بعد لـ"مجمع التحرير" حاليا.
وفي عام 1948 بدأ المعمارى المصري محمد بك كمال إسماعيل فى بناء "مجمع الجلاء" (مجمع التحرير حاليًا)، بتكلفة بلغت 350 ألف جنيه، بهدف توفير النفقات الباهظة التى كانت تتحملها الدولة المصرية جراء استئجار عدد كبير من العقارات لمصالحها، وأيضا لتوفير جهد المواطن الذى كان يضطر إلى المرور على عدة مكاتب فى عدة أماكن لتخليص أوراقه.
وصمم المجمع على الطراز الحداثى، وانصب الاهتمام على "الجدوى والفائدة" أكثر من الناحية الجمالية، فقد كان يجب أن يتسع لأربعة آلاف موظف فى ذلك الوقت، ويعتبر مجمع التحرير مبنى إداري لإدارات مختلفة، ويتكون من 14 دوراً، وتم بناؤه على مساحة 28 ألف متر وارتفاعه 55 متراً وبه 1356 حجرة للموظفين، ويتميز بالصالات الواسعة والمناور والنوافذ العديدة والممرات الكثيرة بكل دور.
وافتتح رسميًا عام 1951، ومع مرور السنين تضاعفت أعداد الموظفين العاملين فيه حتى بلغ نحو 18 ألف موظف، وأصبح يتردد عليه عشرات الآلاف من المواطنين يوميا، ما تسبب في اختناق مرورى في قلب العاصمة، دعا الحكومات المتعاقبة إلى التفكير فى نقله إلى مكان آخر لتخفيف العبء عن وسط البلد.
وقررت الحكومة مؤخرا تطوير مجمع التحرير وفقًا لخطتها للاستفادة من اصول الدولة والعمل على استثمارها بما يحقق توسيع قاعدة الفرص الاستثمارية المتاحة وتعظيم الاستفادة من الأصول المستغلة وغير المستغلة للدولة، وتنويع مصادر التمويل لزيادة تنافسية وإنتاجية الاقتصاد وتحديد أهداف التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة.
وتم نقل مجمع التحرير إلى محفظة صندوق مصر السيادي، بجانب تشكيل لجنة مكونة من وزارة الإسكان، والسياحة والآثار، والتخطيط، والصندوق، بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي؛ لدراسة أعظم فرصة استثمارية للمكان، من خلال دراسة أعلى عائد ممكن أن يحققه مجمع التحرير، فضلًا عن حجم الكثافة المرورية، وحجم السعة الفندقية في المكان، وأفضل استخدام له.
وقد انتهت الدراسات لأن يصبح المجمع متعدد الاستخدامات ويحوي شققًا فندقية، ومكاتب تجارية، وجراجات لانتظار السيارات.
وتم عقد لقاءات مع مجموعة من المستثمرين في مجالات مختلفة، سواء مطورين سياحيين أو عقاريين، لتحقيق أفضل استخدام للمجمع.
وأكدت وزاره التخطيط أن خطة إخلاء مبنى مجمع التحرير تتم بالتنسيق مع محافظة القاهرة والوزارات والجهات التي كانت تشغل المجمع والتي بلغ عددها حوالى 27 جهة، مع التأكيد على ضرورة سرعة إخلاء المبنى وتجهيزه لاستقبال المستثمرين والمطورين الذين سيشاركون في تنفيذ مخططات التطوير.
وتم وضع خطة زمنية لتطوير مجمع التحرير، وخطوات التنفيذ وفق الدراسات التي أجريت من قبل عدد من المكاتب الاستشارية الدولية لوضع التصورات الخاصة بأفضل الاستخدامات المقترحة.
ويخطط الصندوق السيادى لتحويل مجمع التحرير إلى نموذج يحتذى به في عملية إعادة استغلال الأصول وتعظيم العائد منها وضمان حقوق الأجيال القادمة، بحيث تم نقل ملكية مجمع التحرير للصندوق السيادى خلال الربع الأخير من 2020، وخلال أكتوبر الماضى تم دعوة عدد من المستثمرين المصريين والأجانب للإطلاع على الأفكار المطروحة لتطوير المجمع، وبالفعل تفاعل عدد كبير من الشركات المتخصصة وأبدت الاهتمام بالمشاركة في تطوير المجمع، وجارى الانتهاء من وضع التصور الخاص بكراسة الشروط التي سيتم طرحها على المستثمرين لاختيار من سيشارك في عملية تطوير المجمع خلال النصف الأول من العام الجارى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة