فى ذكرى ميلاد صاحب "العلم والإيمان" الـ100..

"اليوم السابع" يكشف أسرارًا جديدة فى حياة مصطفى محمود.. مقالات بخط يده.. والتاريخ الحقيقي لميلاده وقصة شقيقه التوأم.. ابنته تؤكد: رفض أن يصبح وزيرا للثقافة زمن السادات.. وتنبأ بظهور كورونا والعام الأسود للإخوان

الإثنين، 27 ديسمبر 2021 06:30 م
"اليوم السابع" يكشف أسرارًا جديدة فى حياة مصطفى محمود.. مقالات بخط يده.. والتاريخ الحقيقي لميلاده وقصة شقيقه التوأم.. ابنته تؤكد: رفض أن يصبح وزيرا للثقافة زمن السادات.. وتنبأ بظهور كورونا والعام الأسود للإخوان مقتنيات الدكتور مصطفى محمود
كتبت بسنت جميل - تصوير إبراهيم سعيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بوجه بشوش وابتسامة صافية استقبلتنى الدكتورة أمل مصطفى محمود، ابنة الدكتور الشهير الراحل مصطفى محمود، وذلك فى المقر الخاص الذى كان مخصصًا لوالدها الراحل بجوار المسجد الذى أسسه فى منطقة المهندسين، وقد ذهبنا إليها من أجل الاحتفاء بمرور 100 عام على ذكرى ميلاده "27 ديسمبر 1921"، والذى توفى فى 31 أكتوبر من عام 2009.

 

مقالات بخط يد الدكتور  مصطفى محمود (3)
 
كانت أولى المفاجآت أن الدكتور مصطفى محمود، كان لديه شقيق توأم، اسمه «سعد» توفى عندما كان رضيعا، وثانى المفاجآت أن تاريخ ميلاد مصطفى محمود وتوأمه ليس 27 ديسمبر كما هو مشهور ولذلك قصة، حيث إنه فى ذلك الوقت كان عدد الوفيات بين الأطفال كبيرا، لذلك عندما ولد مصطفى وتوأمه توقع موتهما، فلم يرغب فى كتابة شهادة ميلادهما إلا بعد مرور أسبوعين، وبالفعل سجله فى شهادة الميلاد بيوم 27، لكنه فى حقيقة الأمر ولد قبلها بأسبوعين. 
 
وقبل بدء إجراء الحوار، قمنا بإلقاء نظرة سريعة على مقر إقامة مصطفى محمود، خاصة غرفة نومه الشاهدة على الإبداعات والأفكار العلمية والدينية والفنون التى صاغها وفكر فيها، وكانت من عادات مصطفى محمود أن يكتب وهو على الفراش فى وضع الجلوس، وبجانبه «المسبحة وآلة حاسبة ومصحف وآلة العود»، وأمامه التليفزيون وبجانبه مكتبة تضم أعماله الكتابية و«نوتة» فيها كل أرقام أصدقائه وأصحابه، وبالبحث فى الأوراق وقعت أعيننا على مقالات بخط يد مصطفى محمود مكتوبة على ورق، والبعض الآخر مكتوب على غلاف كراسة رسم، فمن عاداته التى عرفناها أن يكتب كل فكرة تأتى فى ذهنه فى أى مكان حتى لا ينسى. 
 
مقالات بخط يد الدكتور  مصطفى محمود (4)
 
مقالات مصطفى محمود بخط يده..  من المقالات المخطوطة التى انفردت بها «اليوم السابع»، مقالة «نداء الحب»، التى يقول فيها إن الحب موجود فى كل المخلوقات الموجودة على الأرض سواء فى الحشرات أو الزواحف أو الطيور. 
 
مقالات بخط يد الدكتور  مصطفى محمود (5)
 
والمقالة الثانية، تحدث فيها أن الحضارة أثرت بالسلب على الناس، لأن القنابل والصواريخ قتلت عددا كبيرا من الناس من غير إحساس بتأنيب الضمير، وكان الناس قديما فى ميدان المعركة يشهدون رجلا يقتل رجلا بسلاحه لكننا اليوم نستخدم قنابل يمكنها إبادة البشرية، وكان المقصود فى هذه المقالة الشعب الفلسطينى «العزل»، وهذه المقالة لم تنشر.
 
وبالنسبة للمقالة الثالثة، فهى تتحدث عن وحدة المنشأ للسلالة الإنسانية كلها، ويستشهد ببعض الآيات القرآنية، ومن أبرز الآيات «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك»، والمقصود بالسلالة ليس سلالة آدم، بل الإنسان القديم الذى كان يقوم بالقتل، فهذا كان وسطا بين إنسان الغاب والإنسان الطبيعى، وحين انتهينا من البحث فى أوراق مصطفى محمود شاهدنا «ألبوم صور العائلة» وكروت المعايدة. 

الكتابة تكسب الطب.. قرارات مصطفى محمود

تقول أمل مصطفى محمود: كانت قراراته نابعة من اقتناعه الشخصى، وكان حريصا أن يقوم بما يحقق له السعادة، سواء وجدها فى الكتابة والقراءة والشعر أو فى الطب أو فى الفن، فعندما كان طفلا تمكن من إقامة معمل صغير يطبق من خلاله المعادلات الكيميائية التى درسها، وتمكن من صنع مبيد حشرى وأيضًا صناعة العطور والصابون، ووقت دراسته فى كلية الطب أحب دراسة علم التشريح لأنه كان مشغولا بفكرة كيف أن الإنسان يتحرك ويفكر وهو عبارة عن مجموعة مكونة من لحم وأنسجة ومع ذلك ممتلئا بالأحاسيس والمشاعر، فبدأ بدراسة الجسم البشرى خاصة المخ باستفاضة، لذلك عمل على إيجاد «مخ» ووضعه فى «الفورمالين» تحت فراش غرفة نومه، وأثناء دراسته انبهر أساتذة الكلية به فكيف وصل لتعلم أجزاء المخ لوحده دون توجيه من أحد، ووجود الفورمالين كان أحد أسباب أن صدره بدأ يصيبه التعب لأنه تعرض لاستنشاقه فترة طويلة، وفى مرحلة معينة من حياته عندما بدأ يمكث فى المنزل بسبب آلام صدره نمت لديه موهبة الكتابة، وهذا جعله يكتب فى الصحافة وهو ما يزال طالبا فى كلية الطب، حيث كتب فى «روز اليوسيف، وآخر ساعة» حتى تخرج فى كلية الطب قسم أمراض صدرية، لأن أمراض الصدر فى ذلك الوقت انتشرت بصورة كبيرة، ولم تكن لها علاج فعال، وعمل فترة فى مستشفى أم المصريين، وكان يجمع بين الطب والصحافة، حتى جاء قرار سنة 1961 بعدم الجمع بين مهنتين، وكان عليه الاختيار بين الصحافة والطب، فوقع الاختيار على الصحافة لأنه ارتبط بالكتابة والقراءة، وقد عارضت أسرته هذا القرار، لأن الطب مهنة ثابتة وذات دخل مالى أكبر، لكنه رفض وتمسك بالصحافة لأنه يرى فيها سعادته. 

المشاكل العاطفية فى الصحف والمجلات

كانت ترسل إليه المشاكل العاطفية على جريدة روز اليوسيف ويقوم بإبداء رأيه فى حل المشكلة، أتذكر مشكلة عاطفية كوميدية، فقد أحب رجل فتاة وخطبها ومشكلته أن تفكيرها أوروبيا جدا، وكان كل ما يطلب منها أن ترتدى زيا محتشما أو عدم الحديث مع بعض الرجال، ترد عليه وتقول «لازم تكون اسبور يا مونامور»، ورسالة الرجل أنه كل ما يسمع كلمة «مونامور» من خطيبته ينسى الدنيا كلها، وجاء رد والدى عليه فى جملة واحدة فقط «اهرب بجلدك يا مونامور قبل ما طروح فى توكر»، وتحولت كتابات والدى فى حل المشاكل العاطفية إلى كتاب «55 مشكلة عاطفية واعترافات عشاق».

حوار ابنة مصطفى محمود
حوار ابنة مصطفى محمود

مصطفى محمود والموسيقى.. من الناى إلى العزف على العود فى الأفراح

كان منذ صغرة يحب ويأثره صوت «الناى»، وكان عنده أكثر من ناى بأشكال مختلفة، لأنه يرى الناى فيه حزن وعمق ودفء، وعندما وصل لمرحلة الشباب أحب العود وهذا نشأ مع صداقته لموسيقار الأجيال الفنان محمد عبدالوهاب، والصداقة بدأت عندما كان والدى يكتب فى باب «النقد الفنى» فى روز اليوسيف والنقد سواء عن أفلام السينما أو الأغنيات وقد أعجب عبدالوهاب بأسلوبه، ومن هنا بدأ التعارف، ووالدى عشق الغناء لأن صوته كان حلوا ولكن حنجرته ضعيفة لذلك ابتعد عن فكرة الغناء. 

 

كتابه «محاولة تفسير القرآن بفهم عصرى» صنع له مشكلة

استكملت «أمل»: أتذكر أن الكتاب الذى خلق أزمة كان كتاب «محاولة تفسير القرآن بفهم عصرى»، وخرج العديد من الناس يقولون له ليس من حقك تفسير القرآن، لأنك لست متخصصا ولم تدرس فى الأزهر، وكان رد والدى عليهم «أنا كاتب محاولة أى أحاول أن أفسره»، واجتمع عدد من علماء الأزهر وطالبوا بضرورة وقف إصدار الكتاب.
 
وتابعت ابنة الراحل مصطفى محمود: لم تؤثر أزمة الكتاب علينا كأسرة لأن والدى دائمًا يفصل بين حياته الأدبية وعلاقته معنا كأب، وعادة يفصل بين الكتابة وبيننا، فوقت الكتابة لا يستطيع أحد منا أن يدخل عليه وهو يكتب إطلاقًا، ودائمًا يعوض فترات غيابه الطويلة باللعب معنا، فالجانب الذى لا يعرفه الكثيرون عن مصطفى محمود أنه يحب ألعاب الأطفال جدًا ويقوم بشرائها للعب معنا بها ومن ثم انتقل للعب مع أحفاده، وكان يهوى شراء الطيارات بداية من الطيارة الورق إلى الطيارة برموت كنترول.
 
مقالات بخط يد الدكتور  مصطفى محمود (6)
 
ولا تزال كتبه عليها طلب حتى الآن، خاصة من طلاب كلية الطب الذين يقومون بشراء سلاسل الكتب العلمية كاملة، ومن بين الكتب التى لا تزال تمثل الأكثر مبيعا حتى وقتنا هذا «حوار مع صديقى الملحد». 
 
مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (1)

برنامج العلم والإيمان توقف لأسباب مجهولة

توضح: أن توقف برنامج العلم والإيمان لأسباب غير معلومة، وكان والدى حزينا جدا على توقفه، وما لا يعلمه الكثيرون أن والدى لم يرغب فى تقديم البرنامج لكنه أحب أن يعد البرنامج وشخص آخر يقدمه، لأنه ليس مقدم برامج ومن ضمن الشخصيات التى تم اختيارها الإعلامى الكبير عبدالرحمن على والذى رفض تقديم البرنامج لأنه يناقش مواضيع علمية متخصصة وهذا ليس من اختصاصه، ووقع الاختيار على والدى رغم أنه كان متخوفا جدا ولكن اتضح أن لديه كارزما كبيرة جدا على الشاشة.

لم يكن صديقا لناصر.. ورفض الوزارة فى زمن السادات

تحكى «أمل»: بدأ والدى الكتابة فى زمن جمال عبدالناصر، لم تنشأ بينهما صداقة، نظرًا لأن الصحفيين المقربين لعبدالناصر كانوا يكتبون فى المجال السياسى فقط، وهذا لم يكن من طبيعة والدى الذى أحب الكتابة فى كل شىء.
 
أما فى حقبة الرئيس محمد أنور السادات الذى الذى كان قريبًا من الصحفيين بشكل عام قبل أن يصبح رئيسًا للجمهورية، كما كان يجمعهما شىء مشترك هو حبهما للقراءة وطلب السادات من والدى تولى منصب وزيرًا للثقافة لكنه رفض لأنه لا يعشق الحرية ولا يحب القيود. 
 
مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (2)

تنبؤات مصطفى محمود بالمستقبل

كانت تنبؤات مصطفى محمود تأتى من قراءته المستمرة، بالإضافة إلى استنتاجاته الشخصية وبصيرته من عند الله، وإخلاصه الشديد، ومن الأشياء التى تنبأ بها.. توقع ظهور فيروس يصيب البشر فى كل أنحاء العالم ولن تستطيع الدول الأوروبية المتقدمة أن تقدم علاجا وستكون مثلها مثل أى دولة فقيرة ليست لديها موارد، وتوقع أن الحروب المقبلة ستكون سببها الماء، وتوقع وصول الإخوان إلى الحكم ولكن أكد أنهم لا يستمرون لأن نيتهم ليست لوجه الله. 
 
مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (6)

الرؤى المنامية جعلته قريبًا من الله

تقول ابنة الراحل مصطفى محمود: الرؤى جعلته قريبًا من الله، كان فى ذلك الوقت يكتب فى مجلة صباح الخير وروز اليوسيف، وكان لديه أصدقاء منهم جلال العشرى ولويس جريس، فنام والدى واستيقظ على مكالمة تليفون من صديقه جلال العشرى، وقال له «ازيك يا جلجل تصور إنى حلمت بيك ماشى مع كذا فى وسط البلد وكنتوا بتتناقشوا فى مصطلحات علمية»، وعندما سمع جلال العشرى الحلم صرخ ووقعت سماعة التليفون من يده، وقال جلال له هذا بالضبط ما حدث معى اليوم وكأنك كنت معايا، وهذا الموضوع عمل لوالدى توتر شديد وبدأ يقرأ فى كل الفلسفات الهندية التى لها صلة بالتفكير عن بعد، وتعمق فيها فترة طويلة وقرأ عن اليوجا التى تعلى الناحية الروحانية وهذه الأشياء لم تعد كافية بالنسبة له وبدأ يقرأ فى الدين أكثر وقرأ فى التفسيرات وتأكد أن لنا وجود كروح وجسد، وأن الموت ليس نهاية مثل النوم، فهندما ننام نذهب إلى أماكن أخرى ونتحدث مع ناس آخرين ولذا كان يرى أن النفس البشرية ليست جسدا فقط فهى لا تفنى مع الزمن حتى نقابل الله عز وجل ونتحاسب. 
 
مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (7)

حلم بشراء يخت يزور به العالم.. ثم بنى مسجده

فى البداية والدى حلم أنه يقوم بشراء يخت يقوم به بزيارة العالم كله مع أسرته، لكن درس الموضوع بجدية ووجد أنه مكلف جدا، وبعد ذلك فكر فى أن اللى يكسبه يقوم بتحويله كله للخير، وقامت والدتى بمعارضته لأنها رغبت أن يقوم بشراء منازل لى ولشقيقى أدهم حفاظا على مستقبلنا، لكنه رفض وقال لها: «أنا عشت بالضرورى وهما يعيشوا بالضرورى» وهذه طريقة فلسفته فى الحياة، لذلك أى مبلغ يحصل عليه يذهب للأعمال الخيرية وقام بشراء قطعة أرض وبنى عليها مسجدا، ثم عيادات طبية، ومن بعد ذلك جاءت تبرعات من الخارج لتساعده. 
أحفاده يشبهونه.. ولم يكن ينصحنا بشكل مباشر.. تختم «أمل» حديثها عن الراحل مصطفى محمود: حفيده أحمد ابنى أخذ منه الناحية الفنية ويعشق القراءة، وأيضًا مصطفى ابن أدهم شقيقى، يحب القراءة جدًا وطبيعته هادئة ومتأمل وأخذ أشياء كثيرة من والدى وهو صغير، ووالدى كان حريصًا أن لا يقدم لنا نصائح مباشرة ولكنه يستطيع إيصال رسالته بطريقة غير مباشرة أيضًا.
 
مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (8)
 
مقالات بخط يد الدكتور  مصطفى محمود (1)
مقالات بخط يد الدكتور مصطفى محمود (1)

مقالات بخط يد الدكتور  مصطفى محمود (2)
 

مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (3)
مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (3)

مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (4)
مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (4)

مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (5)


مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (9)
مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (9)

مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (10)
مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (10)

مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (11)
مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (11)

مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (12)
مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (12)

مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (13)
مقتنيات الدكتور مصطفى محمود (13)
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة