أصبحت إثيوبيا تمثل معضلة للرئيس الأمريكي جو بايدن الذى تسعى إدارته إلى وقف الصراع والحرب الدموية فيها، مستخدما سياسة العصا بفرض عقوبات تستهدف حكومته، والجزرة بإرسال مبعوثيه للتفاوض من أجل وقف إطلاق النار.
وقالت إذاعة صوت أمريكا إن البيت الأبيض يتخذ موقف قويا مع أديس أبابا، ويهدد بعقوبات ووقف برامج اقتصادية رئيسية حول ما وصفته واشنطن بالانتهاكات الجسيمة لقوانين حقوق الإنسان المعترف بها دوليا، فى الصراع العرقى الذى قتل الآلاف من الأشخاص حتى الآن.
وحذر بايدن بأنه سيلغى عضوية أديس أبابا فى برنامج "النمو والفرص الأفريقية" الذى يسمح للدول الافريقية بتصدير مواد إلى الولايات المتحدة خالية من الجارك. وتقول حكومة إثيوبيا ان البرنامج يوفر 200 ألف وظيفة مباشرة ومليون فرصة عمل غير مباشرة فى البلد الفقير.
وقال مسئول رفيع المستوى بالإدارة الأمريكية إننا ننظر فى تأثير القرار، لكن القانون واضح وهناك قواعد يجب أن تلتزم بها الحكومات للاحتفاظ بأهليتها فى هذا البرنامج.
من ناحية أخرى، قالت مجلة بولتيكو إن نهج الرئيس جو بايدن فى السياسة الخارجية، والقائم على مبدأ "الدبلوماسية أولا" يواجه اختبارا فى إثيوبيا، وأشارت إلى أن المسئولين الأمريكيين قد فعلوا كل شيء تقريبا بمقدورهم لمحاولة وقف القتال فى تيجراى، والآن يحثون الأمريكيين على مغادرة البلاد مع اقتراب قوات تيجراى من العاصمة أديس أبابا.
وأوضحت بولتيكو أن الولايات المتحدة لجأت لإجراءات مشددة ضد إثيوبيا، فقامت بحظر التأشيرات وفرض قيود على التجارة وتهديدات بعقوبات اقتصادية. كما أرسلت مبعوثين رفيعى المستوى واحدا تلو الآخر، من بينهم سيناتور أمريكى يحمل رسالة من الرئيس بايدن.
وعلى مدار عام، استخدم المسئولون الأمريكيون هذا وغيره من الأدوات فى صندوق أدواتهم الدبلوماسية لإقناع حكومة إثيوبيا وقوات التمرد والضغط عليهم لإنهاء الحرب التى يعتقد أنها قتلت الآلاف من الأشخاص، وتركت مئات الآلاف الآخرين يعانون من المجاعة، ناهيك عن تشرد الملايين.
لم يجد شيئا نفعا، والأمور تزداد سوءا. ففى الأيام الماضية، قامت جماعات إثيوبية عديدة بتشكيل تحالف، مع التقدم نحو اديس أبابا العاصمة ومقر الاتحاد الأفريقى، وهددوا بالإطاحة بحكومة رئيس الوزراء أبى أحمد، الحاصل على جائزة نوبل للسلام والذى تواجه قواته الآن اتهامات بارتكاب جرائم حرب.
والآن يحث مسئولو الخارجية الأمريكية، الذين انتهوا لتوهم من التعامل مع الفوضى فى أفغانستان، المواطنين الأمريكيين فى أثيوبيا على المغادرة مع تقليص عدد الموظفين فى السفارة الأمريكية.
وذهبت الصحيفة إلى القول بان القتال فى البلد الذى كان مستقرا نسبيا من قبل، يمثل اختبارا لنهج بايدن "الدبلوماسية أولا" فى السياسة الخارجية. فالنتائج تشير حتى الآن إلى مدى محدودية أدوات أمريكا غير العسكرية فيما يتعلق بإنهاء الصراعات فى الخارج، لاسيما عندما يكون الدور الأمريكى ليس خيارا واقعيا ولن يكون مساعدا بالضرورة.
وبحسب ما قال مسئول رفيع المستوى بالخارجية الأمريكية، فإن سياسة إدارة بايدن تصطدم بواقع أن أطراف الصراع، وبمن فيهم أبى أحمد لا يريدون التحرك، وأن المسئولية الأكبر لإنهاء الحرب الأهلية والكارثة الإنسانية تقع على عاتق الإثيوبيين المتقاتلين وليس على الولايات المتحدة.
ورغم ذلك، فإن مساعدى بايدن لا يزالوا يدعون إلى وقف إطلاق النار وإجراء محادثات سلمية على الرغم من الأدلة الواضحة على أن الأطراف المتحاربة لا تتعاطى مع تأكيد أمريكا بعدم وجود حل عسكرى للصراع.
وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتونى بلينكن قد قال فى بيان، يوم الخميس الماضى، إنه فى الوقت الذى أصبح فيه سلامة وأمن الملايين معلقا، وهناك أكثر من 900 ألف شخص يواجهون أوضاع أشبه بالمجاعة بسبب الصراع، فإننا ندعو كافة القوات لوضع أسلحتها وفتح حور للحفاظ على وحدة وسلامة الدولة الإثيوبية.
ويكثف المشرعون الأمريكيون دورهم أيضا. وكشفت مجموعة بارز من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من كلا الحزبين عن تشريع، والذى من شأنه أ ن يفرض عقوبات على المشاركين فى الصراع.
ومن بين مقدمى مشروع القانون السيناتور كريس كونز، الديمقراطى من ديلاوير والمقرب من بايدن وله تاريخ من الاهتمام بالمصالح الأفريقية. وفى وقت سابق هذا العام، ذهب كونز إلى إثيوبيا للقاء أبى، وسلم خطابا من بايدن، لكنه جهوده لصنع السلاح تعثرت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة