تتفق أو تختلف مع فكرة تدشين مواقع التواصل الاجتماعى، وفى القلب منها «فيس بوك»، والدور الخطير الذى تلعبه فى محاولة تحويل العالم الافتراضى، والوهم، لواقع حقيقى، وما يشكله من وعى زائف، لكن لا يمكن الاختلاف على أن الفكرة عبقرية، والتنفيذ نجح بما فاق التصور والخيال، وأن مؤسس «فيس بوك»، مارك زوكربيرج، يستحق الإشادة على إنتاج أفكار مبدعة، وقدرة على التنفيذ بشكل رائع.
والإعجاب المفرط بمارك زوكربيرج، يزداد مع قدرته على التطوير والإبداع، وعدم الجمود، والعيش على تاريخ ما حققه من نجاح مذهل بتأسيس فيس بوك، وفى أن يكون حديث العالم، ولكن نجاحه وتميزه يتمثل فى عدم الثبات كالأشجار لا تتحرك وتجرى فى تراك الحداثة والتطوير، لذلك استطاع بجانب التطوير الدائم والمستمر لمنصته، أن يستحوذ على منصات أخرى ليحافظ على عرش السيطرة على الاتصال، مثل منصتى «إنستجرام، وواتساب».
والحقيقية المؤكدة أن المنصتين، إنستجرام، وواتساب، على وجه الخصوص، حققتا نجاحات مبهرة ومذهلة فى عالم التواصل، وخطفتا الأضواء من فيس بوك، وماسنجر فيسبوك، وخلال الفترة الماضية عكف مارك زوكربيرج، على دراسة وضع فيسبوك، فوجد نموه بدأ يتراجع، وفقد كثيرا من عناصر الإبهار، وبدأ التناقص العاطفى الحاد والعزوف عن المنصة الأشهر.
وبعد دراسة مستفيضة، وجد مارك، أن الفئة العمرية بدءا من مواليد 2000 هى الفئة الأكثر عزوفا عن الدخول على منصة فيس بوك، لأمرين، الأول، أنهم فقدوا عناصر الانبهار والدهشة، والثانى، الهروب من الرقابة الاجتماعية، فكل شاب لا يريد أن يكون على منصة، كل عائلته فيها معه فى نفس المنصة، ما يشكل تضييقا على حركته، لذلك هجرها إلى منصات أخرى، أكثر خصوصية، وأبرز المنصات التى استحوذت على اهتمام الصغار، الغول «تيك توك» وهى المنصة التى بدأت فى الانتشار، واقتطاع جزء كبير من تورتة نجاح فيسبوك، الأمر الذى أزعج مارك زوكربيرج، وأقلق منامه.
لذلك فاجأ مارك العالم باقتراب إطلاق تقنية جديدة اسمها «ميتافيرس» والمتوقع أنها ستغير شكل مواقع التواصل الاجتماعى فى المستقبل من أجل مزيد من التواصل بين المستخدمين، وتعويض النقص العاطفى المتزايد تجاه «فيسبوك»، وبمجرد الإعلان عن «الميتافيرس» أحدث ضجة كبيرة، وردود أفعال قوية، خاصة فى وادى السيلكون بين شركات التكنولوجيا العملاقة، وتقنية «ميتافيرس» تقوم على فكرة أن المستخدمين سيعيشون، ويعملون، ويمارسون الرياضة داخل عالم افتراضى، وذلك عبر استخدام تقنيات الواقع المعزز، واستخدام نظارات الواقع الافتراضى.
ويمكن تلخيص الفكرة، بأن «ميتافيرس» عالم أقرب إلى أفلام الخيال العلمى، فيمكن للأشخاص المستخدمين أن يمضوا الوقت معا، ولكن فى عالم افتراضى، ويعود مصطلح «ميتافيرس» فى الأساس إلى مؤلف الخيال العلمى «نيل ستيفنسون» فى روايته «تحطم الثلج» التى نُشرت عام 1992، وتصف مساحة افتراضية يتفاعل فيها الناس من خلال صور رمزية «أفاتار»، وفى النهاية ستصبح مواقع التواصل الاجتماعى، وفى القلب منها «فيسبوك». عالما افتراضيا خالصا، بعيدا تماما عن الواقع!
ومن خلال «الميتافيرس»، يمكنك أن تشارك أصدقاءك التجارب بشكل افتراضى مثل ممارسة الرياضة، أو حضور حفلات غنائية، وأيضا العمل والدراسة، وكان استحواذ فيسبوك على شركة «أوكولوس» فى عام 2014 جزءا من هذه الخطة، لأنها شركة تعمل فى مجال تقنيات الواقع الافتراضى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة