كلنا تقريباً تعلمنا من الدراما المصرية. ليس المصريين وحدهم لكن الشعوب الناطقة بالعربية تقريباً، وهو ما انعكس على ثقافات مجتمعات أخرى، حتى سيطرت " اللهجة المصرية" على شعوب كثيرة بفضل قوة هذه الدراما، ومستويات إنتاجها.
على مدى عقود طويلة، ظلت " الدراما" بالنسبة لنا جميعاً المدرس والمعلم والناصح الأمين والممتع. ارتبطنا بأحداث وأعمال، ظلت حتى اليوم تحتل مساحات واسعة من ذكرياتنا الشخصية، والوطنية، وهذا هو السر فى عظمة " القوى الناعمة" المصرية عموماً.
لا ننسى روائع الانتاج المصرى فى الأعمال الوطنية، التى حملت قيماً، أثرت فى أجيال متعاقبة. لا أنسى " رأفت الهجان" و" الشهد والدموع" و " الراية البيضا" وغيرها من الأعمال الخالدة، التى كانت تخلو الشوارع من المارة وقت عرضها.
الأن تعددت نوافذ العرض، ولم جهاز التليفزيون، الذى كانت تلتف حوله الأسرة بأكملها هو الرافد الوحيد، وانما تعددت الوسائل التى تسمح بالعرض الحصرى أو العام، والأدوات التى تتيح العرض فى أى وقت أو مكان.
وبقدر ما تمثل الدراما من متعة كبيرة للمشاهد، وقدرة غير مسبوقة على إحداث تحول مجتمعى، بقدر ماهى – أيضا – تمثل معركة فى الوعى والقدرة على المنافسة، ومقاومة التيارات الوافدة، التى تستهدف ضرب الاستقرار وترسيخ عادات ومفاهيم جديدة تُضعف من الهوية الوطنية.
قبل أيام تشرفت بالمشاركة فى صالون " زكي" بنادى السيارات العريق، والذى يديره القامة القانونية المستشار إبراهيم زكى، بحضور نخبة من صفوة المجتمع، يتقدمهم منتجى وصناع الدراما والقامات القانونية والدبلوماسية فى مصر ، وعدد من خبراء الإعلام والمهتمين .
حمل الصالون الثقافى عنوان: " دور الدراما فى تنمية الوعى القومي"، وللحقيقة فإن العنوان يحتاج إلى صالونات ومناقشات طويلة، تنقسم إلى محاور، لكن الأهم هو الحوار الهادئ الذى اتسم به الصالون.
الملفت هو حديث ضيف الصالون هشام سليمان مساعد رئيس مجلس إدارة مجموعة " المتحدة" لشئون قطاع الإنتاج الفنى ، والذى شغل هذا المنصب مؤخراً، وهو يمتلك خبرة طويلة فى مجال الإنتاج الفنى، وعمل كمدير انتاج فى العديد من الأفلام الهامة فى تاريخ السينما المصرية كالمهاجر ، المصير، الاخر. فقد تحدث عن دور الدراما فى المعرفة وتسليط الضوء، على إشياء لا يمكن معرفتها إلا من خلال العمل الدرامى، وربما ذلك ما برز فى إنتاج "الاختيار 2" على وجه التحديد، فلولاه ما عرف الناس مثلاً أسباب إلقاء القبض على أشخاص وسط تجمعات، كما حدث فى عملية التخطيط لتفجير ستاد القاهرة الدولى.
" سليمان" ذكر أن الحكم على الدراما، أمر غاية فى الصعوبة، لأنها أذواق تختلف من شخص لأخر، وأن " المتحدة" تسعى للتنوع فى الإنتاج، وأن شاشة رمضان المقبل، ستتضمن ما يقرب 15 عملاً جديداً تراعى كل الاذواق، ولا تخاطب شريحة واحدة. وأن الدولة المصرية تسعى لتوثيق الدراما، من خلال متحف هو الأول من نوعه لتخليد التراث السينمائى، وذلك من خلال جمع أبرز المقتنيات التى استخدمت فى تصوير أفلام العصر الذهبى للسينما المصرية.
وتحدث الدكتور أشرف زكى نقيب المهن التمثيلية، عن فكرة وجود أسماء معينة يتم الاستعانة بها فى الأعمال الدرامية، مؤكداَ أن هذه الشكوى انتهت بصورة كبيرة، وأن الهدف من توقيع سلسلة بروتوكولات التعاون خلال الفترة الماضية، هو تنوع الأسماء والأدوار، وأن يعمل الجميع.
وتطرقت الدكتورة حنان يوسف أستاذ الإعلام ورئيسة المنظمة العربية للحوار إلى دور الدراما فى تشكيل الوعى الجمعى، وأنها وثقت لأهم الأحداث والتفاعلات المجتمعية خلال القرن العشرين.
الدراما المصرية ساهمت على مدى عقود فى تشكيل الهوية الوطنية.. وهروب المشاهد إلى مشاهدة أعمال أخرى يعنى منافسة واختراق آخر لوجدانه.. وعقله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة