سعيد الشحات يكتب:ذات يوم.. 17 نوفمبر 1869..إسماعيل باشا يفتتح قناة السويس فى احتفال أسطورى وليلة راقصة بحضور امبراطورة فرنسا «أوجينى»

الأربعاء، 17 نوفمبر 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب:ذات يوم.. 17 نوفمبر 1869..إسماعيل باشا يفتتح قناة السويس فى احتفال أسطورى وليلة راقصة بحضور امبراطورة فرنسا «أوجينى»

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
احتشد سكان الإسماعيلية فوق الأماكن العالية على طول حواف قناة السويس، ينتظرون فى قلق قدوم السفن التى تحمل الملوك والأمراء الذين دعاهم الوالى إسماعيل باشا، لحضور حفل افتتاح القناة يوم 17 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1869، وفقا لما يذكره «روبير سوليه» فى كتابه «مصر ولع فرنسى» ترجمة «لطيف فرج»، مضيفا: «فى نحو الساعة الخامسة والنصف بعد الظهر ظهر من فوق التلال الرملية دخان خفيف وطرف صارى السفينة، إنها السفينة الملكية «الإيجل».. أطلقت جميع بطاريات المدافع طلقات التحية، وصفقت الجماهير الغفيرة».
 
يذكر «سوليه»، أن «أوجينى» امبراطورة فرنسا، ونجمة الحدث، وقفت فوق مؤخرة سفينتها تلوح بمنديلها، و«ديلسيبس» إلى جوارها، وطارت القبعات فى الهواء، وبكى مهندسون ووزراء كالأطفال، ويذكر نوبار باشا وزير إسماعيل ومستشاره فى مذكراته: ألقى قسيس كان ضمن حاشية «أوجينى» كلمة، ثم نهض شيخ الأزهر وبارك باسم الله عمل هؤلاء الرجال الذى ترجم إلى مشروع كبير مفيد للإنسانية.
 
أراد إسماعيل باشا لهذه المناسبة أن تكون حديث الدنيا.. يؤكد نوبار: «كانت تجهيزات الحفل تشغله.. كان من اختصاصه أن يشرف على كل شىء، يتدخل فى أقل التفاصيل، ينظم كل شىء».. يذكر «إلياس الأيوبى» فى كتابه «تاريخ مصر فى عهد إسماعيل باشا»: «أرسل يستحضر خمسمائة طاه، وألف خادم من فرنسا وإيطاليا زيادة على طهاته وخدمه المصريين، وبعث يرجو «ديلسيبس» بأخذ الاستعدادات اللازمة لضيوفه ستة آلاف مدعو».
 
يؤكد «الأيوبى» أن من عواهل أوروبا الذين لبوا دعوته، الامبراطورة «أوجينى»، و«فرنتر يوسف» امبراطور النمسا، وملك المجر، و«فرديرك فلهلم» ولى عهد التاج البروسيانى وقرينته ابنة الملكة فكتوريا، و«هنرى» أمير هولندا، والأميرة قرينته، و«لويس» أمير الهس، كما دعا جمهورا غفيرا من رجال الأدب والعلم والفنون والتجارة الكبرى ومراسلى الجرائد الغربية المهمة، غير أن كثيرين ممن لم تكن لهم حيثية على الإطلاق، تمكنوا من الحصول على أوراق دعوة بأسمائهم، ويقال إن عدد هؤلاء المتطفلين زاد على ثلاثة آلاف.
 
يذكر «الأيوبى»، أنه فى صباح 17 نوفمبر كان شاطئ بحيرة التمساح غاص بالأمم والجماهير والقبائل القادمة إلى مشاهدة الحفلات، أو المرسلة هناك بأمر من إسماعيل، حيث أراد أن يرى ضيوفه نماذج من الأمم الخاضعة لصولجانه وصورة صغيرة من عاداتها، فأمر جميع مشايخ العربان ومشايخ البلدان من الإسكندرية إلى أقاصى السودان بإرسال وفود من قبائلهم وسكان نواحيهم إلى الإسماعيلية فى مظاهر حياتهم اليومية، فازدحمت ضفاف البحيرة بخيم العربان و«عشش» الفلاحين، وأكواخ الأمم السودانية التى كانت تأوى ألوفا من البشر والأشخاص مختلفى الألوان والشكل والملبس، والنوم بأولادهم ونسائهم، وكانت تلك الأقوام كلها وهى محجوزة عن ضفاف الترعة بصف ممتد على طولها، تنتظر بفارغ الصبر ظهور البواخر المقلة للامبراطورة والملوك.
 
يذكر «سوليه»، نقلا عن الكاتب والرسام الفرنسى «أوجين فرومانتان» الذى حضر الحدث: «فى المساء كانت الإضاءة الزينية فى كل مكان، وإطلاق الألعاب النارية أمام قصر إسماعيل، والموائد مفتوحة فى كل مكان، وخيمة كبيرة لإطعام خمسمائة شخص، وخيمة أخرى لمائتين أو ثلاثمائة شخص، مائدة قصر الحاكم هى أفضل الموائد جميعا، وأكثرها طرافة، الطعام باذخ، نبيذ فاخر، وسمك شهى، وحجال، وبط برى، وإطعام سبعة أو ثمانية آلاف شخص فى الصحراء.. مزيج غريب بين بذخ شديد وفخامة غير مألوفة وبين فاقة لا تصدق».
 
يؤكد الأيوبى: «أكل الجمع المحتشد من الطعام الفاخر أكلا هنيئا، وشرب شرابا فاخرا، وتجاوز بعضهم فى ذلك الحد».. يضرب مثلا: «أحد الفرنسيين نهض عن المائدة بعد أن التهم ما عليها من طعام، ومر بيديه على بطنه مملسا صديريه الفسيح، وقال مبتسما لصديق له يجلس على نفس المائدة: «إنى أكلت ثروة ثلاثة فلاحين مصريين».. يضيف الأيوبى: «بعد الفراغ من تناول طعام العشاء، أقام الخديو مرقصا لعموم مدعويه، تحت رئاسة «أوجينى»، بذل فيه ما لا يستطيع قلم وصفه من البذخ وصنوف اللذات ودواعى السرور، ورتب فيه مقصفا حوى ألذ ما طاب من صنوف المأكل والمشروبات.. واشترك فى الرقص أصحاب التيجان أنفسهم، ولم يكونوا أقل المشتركين فيه جدا ونشاطا، فأوجب ذلك منهم استغراب الأقوام الشرقيين المحيطين بالقصر والمظال لأنهم كانوا يعتقدون أن الرقص والقصف شأن الراقصات فقط والسكارى من الرجال، فما كادوا يصدقون أعينهم لما أبصروا أوجينى الامبراطورة العظيمة، وباقى الأمراء والأميرات وخديوهم نفسه، الرجل الوقور، يرقصون ويمرحون كباقى المدعوين وأكثر، ولم يمنع تقدم السن ديلسيبس من أخذ نصيبه من الرقص والملاهى الأخرى».
يؤكد الأيوبى: «كان الأمير عبدالقادر الجزائرى حاضرا لكنه لم يرقص ولم يقصف، وبقى متفرجا فقط ملتحفا هيبته وجلاله».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة