مَنْ منا لم يسمع عبارة "وقت الامتحان يُكرم المرء أو يُهان"، أظن أن جميعنا استمع لهذه العبارة مئات، وربما آلاف المرات، خاصةً وقت الدراسة، وقبل فترة الامتحانات سواء من المُعلمين أو الآباء والأمهات.
فبالفعل الامتحان هو الذي يُظهر مدى اجتهاد الشخص، وأيضًا قُدراته ومواهبه، لذا هناك من ينجح بامتياز، وآخر بتقدير جيد، وغيره مقبول، وهناك من يرسب في الامتحان، والرسوب يعني الفشل، وطالما قُلنا كلمة "الفشل" فهنا نكون قد وصلنا إلى مُفترق الطرق، فالفاشل تتوقف حساباته ويستشعر أن كل الأبواب قد أغلقت في وجهه، وأحيانًا تتوقف كل معاني وأسباب الحياة في عينيه، وبالمُناسبة ليست كل الامتحانات تعني الدراسة، فهناك اختبارات أهم، وهي اختبارات الحياة ومواقفها، وأظن أن تلك النوعية من الاختبارات أشد وأصعب، فهي تُقيّم قُدرات الإنسان في مُواجهة مُتطلبات الحياة، وعثراتها، وعقباتها، والأهم مدى استعداده لاستمراريتها بكل ما فيها من مُنحنيات ومُنحدرات، وما أصعب شعور الإنسان عندما يُكْنى بلقب "فاشل"، فكم هي قاسية تلك الكلمة، فهي قريبة إلى حد بعيد لحالة المريض الذي يُحكم عليه بالموت الإكلينيكي.
ولكن هناك مقولة قرأتها لـ "بيل جيتس"، أغنى رجل في العالم تجعلني أتيقن أن الاختبارات ليست كافية تمامًا لتقييم الإنسان، وهي تقول: "فشلت بالاختبار ونجح صديقي، صديقي الآن مهندس في مايكروسوفت، وأنا أملك مايكروسوفت".
فهل يمكن أن يُصدق العقل أن مَنْ يفشل في الاختبار يصبح هو مالك المكان الذي فشل فيه. والحقيقة أن هذا يمكن أن يحدث لعدة أسباب، أولها الإرادة وهي تحدي الإنسان لنفسه، ورغبته في إثبات الذات، وثانيها أن النجاح نسبي، فهناك من ينجح دراسيًا ويفشل عمليًا، وهنا كذلك من ينجح عمليًا ويفشل حياتيًا، وثالثها أن لجنة التقييم تضع معايير مُحددة ليست بالضرورة أن تكون معيارًا للنجاح الحقيقي، بل هي معايير للنجاح المنطقي.
ولا خلاف على أن الحياة هي التي وقفت بالمرصاد للمنطق في العديد من المواقف، وموقف "بيل جيتس" أكبر دليل على ذلك، وعليه فلا تقل: "أنا فاشل"، وتتوقف مُحاولاتك، بل استمر طالما أنك مُؤمن بحلمك وقُدراتك، وتذكر أن الحياة لن نحياها سوى مرة واحدة فقط، والفرص لا تتكرر وقتما نشاء، ومن هنا علينا أن نؤمن بمقولة: "أعد المُحاولة مرة أخرى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة