تمر اليوم الذكرى الـ70 على إعلان رئيس الوزراء المصرى الأسبق مصطفى النحاس بالاتفاق مع أقطاب حكومته على إلغاء "معاهدة 1936" و"معاهدة الحكم الثنائى للسودان" الموقعة عام 1899 مع بريطانيا، وذلك فى 7 أكتوبر عام 1951.
ورغم أن المعاهدة من أنها أخرجت القوات البريطانية من القاهرة، إلا أنها أبقتها فى منطقة قناة السويس، وكان الرأى العام يطالب بضرورة إلغائها، لأنها تعطى لمصر استقلالاً منقوصا، كما أنها بمثابة اعتراف من حكومة مصر وقبول منها بوجود الاحتلال البريطانى على أراضيها.
لم تحقق المعاهدة الاستقلال المطلوب، حيث حوت فى طياتها بعض أنواع السيادة البريطانية، إذ ألزمت مصر بتقديم المساعدات فى حالة الحرب وإنشاء الثكنات التى فرضت أعباء مالية جسيمة، ما يؤخر الجيش المصرى وإعداده ليكون أداة صالحة للدفاع عنها، كما أنه بموجب هذه المعاهدة تصبح السودان مستعمرة بريطانية يحرسها جنود مصريون.
وقبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية كانت أهم قضية وطنية تواجه الدبلوماسية المصرية هى قضية استكمال الاستقلال الوطنى وتحرير مصر من الاحتلال البريطانى والقيود المفروضة على سيادتها، فعاصر عبد الخالق حسونة المفاوضات التى أجريت مع بريطانيا فى ظل تصاعد مخاطر الحرب العالمية الثانية، التى تمخضت عن توقيع معاهدة التحالف والصداقة عام 1936.
وبموجبها اعترفت بريطانيا باستقلال مصر مقابل تمتعها بمركز قانونى وسياسى متميز، فمهدت المعاهدة إلى دخول مصر عصبة الأمم وتخليصها من الامتيازات الأجنبية، إلا أنها ربطتها فى الوقت ذاته بتحالف أبدى مع بريطانيا وسمحت ببقاء قواتها فى القناة، مما حدا بمصر إلى أن تطلب فيما بعد إعادة النظر فى المعاهدة على أثر تغير الظروف التى عقدت فى ظلها.
وحاولت ذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عن طريق المفاوضات المباشرة مع بريطانيا وعرض الأمر على مجلس الأمن عام 1947، إلا أن مصر اضطرت أخيراً إلى الغاء المعاهدة من جانبها عام 1951 إثر فشل المفاوضات المباشرة وعجز مجلس الأمن عن إصدار قرار فى شكوى مصر العادلة.
فى 23 سبتمبر 1945، طالبت الحكومة المصرية بتعديل المعاهدة لإنتهاء الاحتلال البريطاني بالكامل، وكذلك السماح بضم السودان، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، انتصر حزب الوفد في الانتخابات البرلمانية 1950، وألغت حكومة الوفد المعاهدة من جانب واحد في أكتوبر 1951. بعد ثلاث سنوات، وفي ظل الحكومة الجديدة برئاسة جمال عبد الناصر وافقت المملكة المتحدة على سحب قواتها حسب المعاهدة البريطانية المصرية 1954، واكتمل الانسحاب البريطاني فى يوليو 1956، في هذا التاريخ تعتبر مصر قد نالت استقلالها الكامل، لكن عبد الناصر كان بالفعل قد أسس سياسة مستقلة أدت لتصاعد التوترات مع مختلف القوى الغربية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة