يعد مركز الحفريات بجامعة المنصورة أول مركز متخصص للحفريات الفقارية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويضم العديد من الحفريات الفقارية من العصور الجيولوجية التى يرجع عمرها عشرات بل مئات الملايين من السنين، ومنها حفريات السلاحف والديناصورات والقردة والحيتان والتماسيح والأسماك والقوارض، ومختلف الكائنات الفقرية.
ويهتم المركز بدراسة التراث الطبيعى للحفريات الفقارية، تحت قيادة هشام سلام، أستاذ مساعد الجيولوجيا بكلية العلوم.
ونشر المركز أكثر من 20 بحث دولى فى كبرى المجلات العلمية العالمية والذى وثق فيه أنواع جديدة من الكائنات التى عاشت قبل ظهور الإنسان بملايين السنين، حيث نشر عدد من الأبحاث في المجلة العلمية العالمية «نيتشر»، ومنها بحث عن ديناصور «المنصوراصورس» عام 2018، كما نشر بحثان في مجلة نيتشر كومينيكشن، عن حفريات القردة، منهما بحث عن عظمة فخذ القرد المصرى "إيجبتو بسوكس"، بعد أن تم اكتشاف حفرية للقرود البدائية، بصحراء الفيوم، من نوع «الليمور» فضلا عن عدد من الأبحاث الأخرى.
وأصبح المركز حديث العالم، ومزارا للعلماء من جميع الدول بعد أن توالت اكتشافاته العلمية والتي كان أهمها اكتشاف أول ديناصور في مصر وأفريقيا يعود للعصر الطباشيري، والذي يعد آخر عصر لظهور الديناصورات.
وبلغ وزن الديناصور 5 أطنان ونصف طن، ووصل طوله لـ10 أمتار، وعاش في الفترة من 70 إلى 80 مليون عام قبل الميلاد.
وظهرت أهمية الاكتشاف كونه نوع جديد من الديناصورات لم يكتشف من قبل، وباعتباره الديناصور المصري السادس، وكونه أول ديناصور مصرى مكتشف على أيدى باحثين مصريين، وسمى باسم جامعة المنصورة "المنصوراصورس"، لكون المركز متخصص في دراسة حفريات الكائنات الفقارية، التى تعود إلى ملايين السنوات، قبل وجود الإنسان على الأرض، ويمثل أهمية علمية وتاريخية، حيث يشير إلى وجود اتصال برى بين أفريقيا وأوروبا.
ومن أهم اكتشافات المركز حفريات الحيتان، ومنها حفرية حوت "الباسيلوسورس"، الذي عاش قبل 40 مليون عام بمنطقة وادى الحيتان، بطول 20 مترا، وكان من أهم الحيتان المهيمنة على البيئة البحرية في تلك الفترة.
ومن أبرز اكتشافات المركز حفرية حوت الدوردون أتروكس، بطول 5 أمتار، والتي عاشت منذ ما يقرب من 37 مليون عام، وحفرية سمكة «إنكودس تينديى» في منطقة « تنيدة»، واكتشاف العديد من حفريات جماجم تماسيح، منها جمجمة من منخفض الفيوم، يعود عمرها لأكثر من 35 مليون عام. وحفرية أشجار المانجروف المتحجرة في وادى الحيتان، خلال العصر الأيوسينى، فضلا عن اكتشاف حوت برمائى عاش فى مصر قبل 43 مليون عام وذلك بعد بالتعاون بين وزارتى التعليم العالى والبيئة.
وأكد الدكتور هشام سلام أستاذ الحفريات بجامعة المنصورة ومؤسس مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية، أن الاكتشاف يكتسب أهمية كبيرة خلال الفترة الحالية، حيث إنه يوضح التسلسل والتحول الذى حدث للحيتان وتحولها من حيوانات برمائية إلى مائية، وتعد هى حلقة الوصل بين تلك الحيتان، مشيرا إلى أنه لأول مرة تظهر هذه النوعية من الحيتان بمصر.
وأشار الدكتور هشام سلام، إلى أن هذا الاكتشاف ساهم فى زيادة معارف الفريق البحثى عن أصل الحيتان القديمة وآليات التعايش بينها، والنظم البيئية الخاصة بها، مما ساعد فى توجيه رؤية الفريق البحثى.
وأكد سلام بأن هناك العديد من الحيتان القديمة بمنخفض الفيوم، والتى تعود إلى العصر الإيوسينى، مشيرا إلى أنها تعد منطقة مهمة لدراسة تطور الحيتان. وتحمل الكثير من الأسرار التى توضح الحياة فى العالم.
وأوضح أن الحوت بلغ طوله ثلاثة أمتار، ويزن نحو 600 كجم، وقد سمى الحوت الذى تم استخراجه من واحة الفيوم (فيومسيتس أنوبس)، وأنه يمتلك العديد من الخصائص التشريحية، التى مكنته من التعايش فى ذلك الوقت.
وتم اختيار أحد أفراد المركز، وهى الدكتورة سناء السيد نائب مدير مركز الحفريات بكلية العلوم بجامعة المنصورة من ضمن أهم الشخصيات النسائية فى العالم، نتيجة لمجهودها الكبير في مجال الاكتشافات العلمية خلال الآونة الأخيرة. حيث كانت أول سيدة في الوطن العربى، تنشر بحثا علمى عن سمكة القرموطس، في مجلة «بلوس وان»، والتي تعد من أقدم أنواع القراميط التى عاشت بمصر، والتي عاشت أكثر من 37 مليون عام تقريبا في وادي الحيتان بالفيوم.
وكان آخر اكتشافات علماء المركز هو اكتشاف نوع جديد من الفئران صغيرة الحجم عاش في الغابات المصرية قبل نحو 34 مليون سنة، رأسه بحجم عقلة الأصبع ولا يتخطي وزنة الـ45 جرام ويسمى الفأر السفروت.
وقال هشام سلام، عالم الحفريات الفقارية بالجامعة الأمريكية، وجامعة المنصورة، وقائد الفريق البحثي: "لقد تمكنا من دراسة جمجمتين ومجموعة كبيرة من الفكوك السفلية، لكن لم يكن الأمر بالسهولة الكافية؛ فالعيانات غاية فى الصغر ورقيقة جدا وملتصقة بالطين الصخرى الصلب مما جعل تحضير العينات للدراسة صعبا للغاية، لذا لزم علينا الأمر عمل أشعة مقطعية دقيقة لنستطيع دراستها في صورة ثلاثية الأبعاد".
وقال "سلام": "لم يتخط طول الضرس لسفروتس الميلليمتر الواحد وجمجمته يصل طولها لحوالى 1 سم ونصف، أما وزنه فلا يتخطى الـ45 جراما، لذا آثرنا تسميته باسم سفروتس نظرا لضآلة حجمه الواضحة، إضافة إلى امتناننا لجذورنا المصرية".
وقالت شروق الأشقر، الباحثة بفريق سلام والمؤلفة الرئيسية للدراسة: "لقد أظهرت العينات اختلافات واضحة في الصفات المورفولوجية للأسنان العلوية والسفلية، وبمقارنته مع القوارض المكتشفة من القارة الأفروعربية نستطيع أن نجزم بأنه جنس ونوع جديد لم يُكتشف من قبل".
وأضافت "الأشقر": "لم نسجل في هذه الدراسة جنسا ونوعا جديدين فقط لكننا استطعنا تسجيل أول عظام لجمجمة الفيوكريسيتومينز (المجموعة الكبيرة التى ينتمي إليها الكشف الجديد)".
وسجّل العلماء كشفهم الجديد باسم قطرانيميز سفروتس، "قطرانى" نسبة لمنطقة جبل قطرانى المكتشفة منها العينات و"ميز" تعني فأر باللاتينية أما "سفروتس" مأخوذة من اللغة العامية المصرية والتى تعنى صغيرا في الحجم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة