يبقى البحث عن الرزق هو الهدف الأسمى الذى يبحث عنه كل مجتهد ومكافح ومحب للحياة، من أصر على المحاولة رغم الظروف والمعاناة، ووجد ألف حل دون يأس أو كلل، وتسلح بالعزيمة والإصرار وهزم المستحيل وأبقى الأمل.
عطاء روحه ورضاه الذى لا ينضب، جماله الذى يشد العين ويخطف القلب، دفئ كفوفه التى تشق الصخر، نظرته المتفائلة رغم الشقى الظاهر على معالمه، وابتسامته المعانقة له رغم الظروف والمآسى، لم يعرف سوى العمل والكفاح والتضحية من أجل أبنائه، السعادة والحب بالنسبة له لا يقدران بثمن، فسعادته ليست فى امتلاك المال بل فى الأمان وراحة البال، والكسب بعرق الجبين والتحدى والكفاح والصمود لقهر المستحيل.
معتمدا على دراجته الهوائية ولوحة خشبية مكتوب عليها "تصليح جميع أنواع البوتاجازات"، يجول عم مسعد" صاحب الـ75 عاما، شوارع مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية بحثا عن لقمة العيش والرزق الحلال لتوفير حياة كريمة لأبنائه الأربعة، بتصليح البوتاجازات "ديليفري".
متسلحا بالعزم والإرادة والكفاح بدأ عم مسعد ابراهيم ابن المنصورة، رحلة كفاحه منذ 50 عاما فى تصليح البوتاجازات، وبكل قوة وتحد قهر الظروف ورعى أسرته وتخطى عائق عدم وجود ورشة له وأصبح بريمو تصليح البوتاجازات فى المدينة.
"الشغل مش عيب وهكافح لآخر نفس".. هكذا بدأ عم "مسعد"، حديثه لـ"اليوم السابع، فقال أنه امتهن مهنة تصليح البوتاجازات منذ أن كان عمره 25 عاما وظل يعمل بها حتى يومنا هذا، مشيرا إلى أنه يعتز ويفتخر بتلك المهنة التى ربت أبنائه وجعلته صامدا فى وجه الحياة بعد أن تخطى السبعين عاما.
وأشار إلى أنه تعلم الصنعة على يد شخص يدعى محمد موافى، فكان يصطحبه معه فى ورشته ليعلمه سر الصنعة، وظل يعمل فى الورشة ويتدرب بها لمدة عام حتى تمكن وتفوق فى تصليح جميع أنواع البوتاجازات.
"الرزق مش بيستنى حد".. هكذا علق عم "مسعد"، على تجوله يوميا فى مدينة المنصورة بدراجته لساعات طويلة، فقال أنه يجوب شوارع المنصورة يوميا من الساعة العاشرة صباحا وحتى الساعة الخامسة مساءا، دون كلل أو ملل فى سبيل توفير حياة كريمة لأسرته، مضيفا أن متطلبات الحياة تستلزم السعى وراء الرزق أيا كانت الظروف.
وقال أن العمل بالنسبة له كفاح وشقى يبنى الإنسان ويوصله لبر الأمان، مشيرا إلى أنه السبيل الوحيد لنحيا بعزة نفس وكرامة.
وأكد عم "مسعد"، على أنه يحاول دوما إرضاء زبائنه وإسعادهم، بمراعاة ضميره فى الأسعار والاجتهاد فى العمل، دون إبداء أى اهتمام بالعمر أو الإرهاق والتعب، مشيرا إلى أنه يهتم فى المقام الأول بإسعاد زبائنه والمحافظة على اسمه فى مجال تصليح البوتاجازات الذى شق الصخر لبنائه على مدار خمسين عاما.
"أنا بشتغل بشكل متواصل وفكرة السن مش فى دماغي".. فقال عم "مسعد" أن العمل بالنسبة له كفاح من أجل إسعاد وإرضاء الأبناء وتوفير حياة كريمة لهم.
وأشار عم "مسعد"، إلى أنه تخطى عقبة عدم امتلاكه لورشة يباشر فيها عمله، واعتمد على دراجته ولافتة كتب عليها رقم هاتفه ليروج بها عن عمله، مضيفا أنها كانت فكرة ناجحة حققت له شهرة واسعة فى المنصورة.
وأكد عم "مسعد"، أن العمل والكفاح لا يعرفان سن، ولا يعيبان صاحبهما والحياة مسؤولية يتحملها من كان صاحب عزيمة وإصرار ويسعى للوصول، مشيرا إلى أن العيب هو أن يعيش الانسان حياته معتمدا على غيره، لا يجتهد أو يحاول أن يحقق نجاحا لنفسه ومجتمعه، وأن العمل هو المعنى الأسمى للحياة وبدونه يموت كل شيء.
ونصح عم مسعد الشباب، قائلا: كافحوا وساعدوا نفسكم وأهاليكم، ولا تيأسوا أو تحبطوا، فلا حياة مع اليأس".
وقال عبدالرحمن مسعد، إنه يفتخر بوالده الذى كافح طيلة حياته من أجل توفير حياة كريمة لهم، مضيفا أنه أب عظيم تخطى السبعين عاما ولا يزال يسعى فى الحياة بكل طاقة وعزم وإرادة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة