تمراليوم الذكرى الـ132 على رحيل الضاحك الباكى، الفنان الكبير نجيب الريحانى، إذ ولد فى 21 يناير 1889، وهو واحد من ألمع الأسماء الفنية فى مصر والعالم العربى، استطاع من خلال تخليد اسمه بين رواد السينما المصرية، وأصبحت أسماء شخصياته التى قدمها، واحدة من أهم الشخصيات التى قدمت فى تاريخ السينما العربية.
قدم نجيب الريحانى مسرحياته على العديد من مسارح القاهرة فى وقت ظهور المسرح المصرى، وطاف العديد من المحافظات، وخرج فى جولات فى عدة دول عربية وأجنبية، حتى أنه خرج فى جولة فنية فى أمريكا الجنوبية، ووصف نفسه حينها بالسندباد البرى.
يحكى نجيب الريحانى فى مذكراته التى تحمل اسمه، رحلة عرض مسرحية "كشكس بك" فى عدة دول لاتينية، وقال عن الحفل الأول: " سر الرجل بذلك ووعدنى بالعون، وقال إنه سيهيئ للفرقة فرصة العمل فى فندقه فى نفس المساء، والغريب أن عادتهم جرت على تناول الغداء فى الساعة الحادية عشرة صباحا، والعشاء فى السادسة والنصف. وكان علينا بالطبع أن نجارى القوم فيما درجوا عليه. فبعد أن مضت ساعة أو ما يزيد دعينا إلى ردهة الفندق، فإذا بها ملأى بالسيدات والرجال من أرقى الطبقات، وإذا النبأ قد سرى بينهم متضمنا أن فرقة (غنائية) …! غنائية وحياتك!! قد وصلت من مصر، وأنها ستطرب الحضور بأصواتها الرخيمة!! الرخيمة! يا دى الليلة اللى زى بعضها يا أولاد … والرخيمة دى نجيبها منين؟".
كذلك أقام حفلة فى مدينة سان باولو البرازيلية، قال عنها :" وفى هذه المدينة عرفنا حقا أننا اجتزنا البحر إلى أمريكا، فهى مدينة كبيرة عامرة وبها جالية سورية تتحكم فى أغلب المرافق، بين تجارة وصناعة وأعمال مجدية مثمرة. نزلنا فى فندق كبير يديره نزيل سوري، وكان خبر قدومنا قد سرى مسرى الكهرباء، فكان فى استقبالنا جمهور يربو على الخمسمائة شخص، أكرموا وفادتنا وأنزلونا منهم على الرحب والسعة.
ومنذ اليوم الأول أظهروا لنا رغبتهم فى مشاهدة بعض رواياتنا: فأفهمتهم بأن رحلتنا لم تكن فنية، وأننا ما قصدنا بها إلا الاستجمام والراحة، ولذلك لم نصحب فرقة من الممثلين الذين يمكن أن نعمل معهم. فطمأنونا من هذه الناحية، وأبلغونا أن فى المدينة جمعية من الهواة".
ووصف أجواء أحد الحفلات بالجو المكهرب: " استأجرت المسرح أربع ليالى بإيجار يعادل خمسين جنيها عن الليلة الواحدة، وعدت إلى الفرقة أجاهد معها فى إعداد روايات ريا وسكينة، والبرنسيس، وأيام العز، التى أطلقنا عليها اسم (حلاق بغداد)، وأجهدت نفسى فى البروفات، خصوصا بعد أن تكهرب الجو، ورأيت أمامى أعينا مفتحة تريد أن تنتهز فرصة تنال فيها من الشرق والشرقيين. وأقول لك الحق إننى ذكرت ما كان يجب أن أذكره فى هذه الآونة! وهو أننى كنت بعملى هذا سائرا فى أحد طريقين، فإما للصدر وإما للقبر. ومضت أيام اقتربنا بعدها من الموعد المحدد للتمثيل، فتساءلت عن حركة بيع التذاكر، وهالنى أن أعرف بأن المبلغ الذى جمع إذ ذاك وصل إلى ألفى جنيه!!"
أما عن وصف نفسه بالسندباد البحرى، قال: " بعد أن انتهت حفلاتنا الناجحة فى سان باولو، بدت لنا فكرة الرحيل إلى الأرجنتين، أى الجمهورية الفضية، ولكن وجدت مشكلة عويصة، هى التشديد المتناهى فى الكشف الطبى على العيون قبل اجتياز الحدود، ولن يدخل البلاد شخص يثبت الطبيب وجود التراخوما فى عينيه!.
تتوسط جمهورية أرجواى جمهوريتى البرازيل والأرجنتين، وقد نصح لنا بعض الصحب ألا نقصد إلى هاتين الجمهوريتين رأسا، بل نمر بأرجواى أولا، وهناك نعمل على الاتصال بسورى كبير يشتغل فى تجارة الحرير، وله فى جمهوريات أمريكا الوسطى كلمة مسموعة ونفوذ طائل، وركبنا البحر إلى (مونتيفديو) فى أرجواي، وفى المحطة التى رست فيها السفينة على الميناء كنت جالسا فى صالون الدرجة الأولى بها، فسمعت أشخاصا يخترقون صفوف الركاب وينادون بأعلى أصواتهم: «سنيور ريحانى سنيور ريحاني». وما كدت أسمع النداء حتى اعتقدت أن هناك مكيدة دبرت لنا، وأنهم لا شك آخذونا من الدار إلى النار.وجاءت بديعة وقد كسا وجهها الاصفرار، وكاد يغمى عليها".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة