مع تحول المنزل الآمن الدافئ إلى معتقل تمارس فيه كل صنوف الضرب والتعذيب لزهور بريئة لم ترتكب ذنبا ولم تتلوث بإثم، وحين يصبح الأبوان مصدرا للخوف والرعب والتدمير لأطفالهم، بل ويصل الأمر فى كثير من الأحيان إلى تلوث أيادى آثمة بدماء طاهرة بريئة، تسلبها الحياة التى لم تهنأ منها سوى بأيام أو شهور أو سنوات قليلة على أقصى تقدير، تأكد أن نهاية العالم قد اقتربت.
تغضب وتثور وتشتبك وتقاطع وتحتد، لو تجرأ شخص وشبهك بأحد الحيوانات، لكن مع مشاهدة ومطالعة ومتابعة حوادث اعتداء الآباء على الأبناء بطرق شديدة البشاعة، خارجة عن الفطرة التي فطر الله الإنسان عليها، والتى تعددت وكثرت في الآونة الأخيرة، تردد جملة واحدة في وصف المتورط فى ارتكابها "ده حتى ما حصلش الحيوانات".
من منكم حاول مشاكسة "كلبة" وضعت صغارها حديثا، وحاول الاقتراب منها أو من صغارها، نصيحة من أحد خائضى التجربة.. لا تحاول واحذر كل الحذر.. فلن تنجو من براثن ومخالب "الكلبة" الضعيفة النحيفة، التى تفاجأ حين محاولتك – فقط – الاقتراب من صغارها، بتحولها إلى وحش كاسر، تنشب مخالبها فى لحمك، مستأسدة فى الدفاع عنهم، ضد أى خطر محتمل، ألست محقا حينما أقول أن البعض لم يعد حتى يحمل سمات الحيوانات؟.
تخيل أن تستيقظ من نومك، وتبدأ يومك بمطالعة صفحتك على "فيس بوك"، فتفاجأ بتداول مقطع فيديو، لرجل - حاشاه من رجل - يحمل رضيعة عبارة عن قطعة لحم، لم تكمل العامين من عمرها ويطرحها أرضا وسط الشارع، يبدأ في خلع ملابسها البسيطة الخفيفة عنها قطعة قطعة في أجواء قاسية البرودة، لا يتحملها بشر، ليترك المسكينة تحبو وسط الطريق عارية كما ولدتها أمها، تبكى وتصرخ وتستنجد، ولكن ليس هناك من مجيب، وحينما يتدخل أحد الأشخاص الذى تصادف وجوده في الواقعة – على استحياء – لحماية الرضيعة من وصلة التعذيب، يختطفها – قاتل البراءة – محاولا قتلها حرقا، لولا تحرك النخوة والإنسانية في قلوب البعض وخطف الطفلة من بين يديه.
الحادث في حد ذاته، ودون الخوض في تفاصيله، ومعرفة من الجانى وعلاقته بالرضيعة "المجنى عليها"، وما سر السادية التي أبداها تجاه المسكينة، المقطع بكل تفاصيله يدمى القلوب ويثير الفزع والغضب.. الفزع من وجود مثل تلك النماذج تعيش بيننا، والغضب من اكتفاء مشاهديه بالوقوف متفرجين دون تدخل لإنقاذ، قطعة لحم من بين أنياب وحش مفترس.
فكيف تشعر حين تعلم، أن الجانى والد الطفلة، والرضيعة لم تتعد الـ14 شهرا، والسبب إصرار زوجة الجانى ووالدة الطفلة على عدم العودة لمسكن الزوجية لكثرة الخلافات مع زوجها، فيجن جنون الزوج ولا يجد مخرجا لتفريغ غضبته سوى بالاعتداء على تلك المسكينة عديمة الحيلة.
وسط كل تلك التفاصيل المؤسفة، لم يهدئ من روعى ويكظم غيظى وغضبى، سوى خبر القبض على الجانى مفتقد كل قيم ومعايير الإنسانية، وتوجيه نيابة الدقهلية له تهمة الشروع في القتل، وإن كنت أمنى نفسى بأن يتم سن تشريع يغلظ عقوبة كل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذا الفعل الأثم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة