بالطبع أهداف قطر وتركيا من الحرب والتحريض معروفة، فهذه أطراف تكن عداءً جذريا، تجاه مصر لأسباب مختلفة، اقتصادية وسياسية وبالتالى يمكن فهم الرغبة الكبرى لدى الدوحة وأنقرة فى هذا السياق، ومن يتابع السلوك القطرى والتركى طوال عشر سنوات وأكثر، يعرف أن الطرفين ساهما فى تمويل ودعم التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش والقاعدة، وساهما فى تزكية الصراعات العرقية والطائفية رهانا على شراء نفوذ، والقيام بدور سمسرة سياسية.
وفشلت الرهانات بسبب مصر، والإطاحة بحكم التنظيم الإخوانى، ومن يومها لم تتوقف المساعى للتحريض ومحاولات صناعة فوضى باستخدام ترسانة من القنوات الفضائية واللجان الإلكترونية ومئات الملايين من الدولارات.
وتتصاعد الحملات، ارتباطا بتحركات مصر فى مجالات الطاقة والغاز، أو مواجهة التدخلات التركية الممولة قطريا فى ليبيا أو غيرها. خسر الطرفان الرهانات، ومازالا يقامران انتظارا لتعويض خسائر أو تحقيق أرباح. من هنا فإن كل القنوات واللجان هى أدوات ضغط، كشفتها تصريحات تركية أو رسائل تحتية للقاهرة، تم تجاهلها أو ردها لأنها مجرد محاولات هروب أو مناورات فاشلة مثل سابقاتها، أما القنوات أو اللجان والمتحدثون فهم مجرد أدوات، يتم توجيهها، ويمكن التخلص منها أو تسريبها بعد قضاء الغرض منها.
كما كررنا هى حرب يشكل الإعلام مجرد عنوان فيها، ولا تتعلق باختلاف فى وجهات النظر لكنها عداء عمره سنوات، وهى أمور واضحة لكن لا يدركها بعض من يحللون الأمر باعتباره خلافا وسباقا إعلاميا، بينما هو صراع سياسى، فى مرحلة متقدمة، ويكاد يقترب من الحسم، والعلامات فى ليبيا وفى مناطق مختلفة تتجاوز الخطوط الحمراء إلى تضاعف الخسائر التركية بسبب سياسات ومغامرات أردوغان التى استمرت لعشر سنوات، وتتجمع نقاط الخسارة فيها، لتشكل تحولا كيفيا فى تركيا وفى الإقليم، حيث يسعى الرئيس التركى لتعويض خسائره، فيتورط فى مغامرات وصراعات جديدة.
هى حرب متعددة الوجوه، وقائمة طوال أكثر من عقد، لأنها تتعلق بالكثير من التحولات التى تدور فى الشرق الأوسط، ولا تتعلق بسباق إعلامى يمكن حسمه ببرنامج أو توك شو، ولا علاقة لها بحرص قطرى على مصالح الشعب المصرى وحقوقه، وقد أنفقت الدوحة 81 مليار دولار على داعش وتنظيمات إرهابية وميليشيات فى سوريا، حسب تقديرات دولية، ومليارات على الجزيرة ومنصات العداء والتحريض ضد مصر طوال سنوات. وكان يمكن استثمار هذه الفوائض الضخمة لصالح القطريين، لكن غرور الثراء السفيه يدفع إلى إنفاق المليارات على الخراب، أو رهانا على مغامرات أردوغان الخاسرة.
وعليه فإن الدوحة لا علاقة لها بالديمقراطية أو حقوق الشعب هنا أو هناك، وتجاربها تظهر فى الإقليم ببصمات دموية، بسوريا وليبيا وتتحالف مع أكثر الأنظمة دموية وقمعا، لكن هذه التفاصيل تغيب عن بعض المحللين، ممن يتجاهلون كل هذه التفاصيل وينخرطون فى استنتاجات أخرى، يعيشون خلف شاشات، لا يرون منها سوى جانبها الافتراضى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة