اتصل فاروق أبو عيسى، وزير خارجية السودان، من فندق «هيلتون النيل» بسامى شرف مدير مكتب جمال عبدالناصر، يطلب منه سرعة اللقاء فى مقر إقامته فى الفندق يوم، 29 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1970.
كان الاتصال فى اليوم التالى لوفاة جمال عبدالناصر، وكان «أبو عيسى» ضمن الوفد السودانى برئاسة الرئيس جعفر نميرى، الذى حضر إلى القاهرة لتقديم واجب العزاء، حسب الكتاب الخامس من مذكرات سامى شرف «سنوات وأيام مع جمال عبدالناصر.. يكشف «شرف» فى مذكراته الترتيبات التى جرت بعد الوفاة لمسألة خلافة «عبدالناصر»، واستقرت على قرار بترشيح أنور السادات «نائب رئيس الجمهورية» لفترة رئاسية جديدة، ويؤكد: «كان الفيصل فى الوصول إلى هذا القرار هو القوات المسلحة التى تكلم الفريق أول محمد فوزى وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة باسمها، الذى قال بوضوح وصراحة كاملة إننا مقبلون على معركة التحرير، وهناك إصرار على إتمام هذه المعركة، ولن أستطيع أن أتحرك فى هذا الاتجاه لتنفيذ مهمتنا ما لم يكن هناك قائد أعلى للقوات المسلحة، وبمعنى آخر رئيس للجمهورية ومنتخب وفقا للدستور، يحق له وفق الدستور أن يصدر أمر القتال، ويصدق على الخطط العسكرية لخوض المعركة».
رغم الاستقرار على هذا القرار، فإن تحركات أخرى كانت لا تريد السادات، وكان اتصال «أبو عيسى» بسامى شرف يدور حول ذلك الأمر.. يذكر «شرف»، أنه توجه مع شعراوى جمعة «وزير الداخلية»، و«أمين هويدى» وزير الدولة، إلى الفندق لمقابلة أبو عيسى، ويؤكد: «أبلغنا بوجود تحركات يقوم بها بعض الشخصيات السياسية المصرية التى تسعى لمقابلة بعض الوفود والشخصيات السياسية المصرية التى تسعى لمقابلة بعض الوفود والشخصيات العربية المشاركة، وتثير معهم موضوع الخلافة واستمرارية الحكم».
يضيف شرف: «عند استفسارنا عن من يقوم بهذا النشاط أبلغنا أنه أمين شاكر وزير السياحة السابق، وأضاف أنه أى أمين شاكر موجود فى الفندق، وأنه اتصل فعلا بالوفد السودانى وبالرئيس جعفر نميرى، وطرح عليه فكرة أن زكريا محيى الدين هو الأحق بتولى الرئاسة بعد رحيل جمال عبدالناصر، كما طرح أفكارا أخرى حول إحياء صيغة مجلس قيادة الثورة، وإن كان بشكل غير صريح، ثم أضاف أبو عيسى أن الرئيس نميرى يود أن يلتقى بكم فأبلغناه أننا مرتبطون بموعد مع الرئيس الجزائرى هوارى بومدين الآن، وسوف نمر عليهم فور انتهاء المقابلة مع بومدين».
يكشف «شرف»: «فى لقائنا مع الرئيس بومدين، وكان ذلك فى إطار الرد على الوفود التى قدمت للتعزية والاطمئنان على راحتهم وتقديم واجب الشكر على مشاركتهم فى أحزاننا، أبلغنا الرئيس بومدين أنه يشم رائحة تحركات غير طبيعية ولكنه لا يملك أى تفاصيل، كما أنه لم يتصل أحد بالوفد الجزائرى حتى الآن، وإن كان يريد أن ينبهنا إلى ضرورة مراعاة الحذر والتزام اليقظة، فمصر الآن هى محط أنظار الجميع ولا بد أن تبقى كما كانت أيام جمال عبدالناصر، ووعدنا بإبلاغنا بأى اتصال يتم معهم».
بعد انتهاء اللقاء مع بومدين، توجه شرف وجمعة وهويدى إلى جعفر نميرى الذى بادرهم بالسؤال: «انتم مخططكم إيه؟»، وكانت الإجابة حسبما يذكر شرف: «إحنا ليس لدينا مخططات فردية أو شخصية، ثم شرحنا له خلاصة ما دار فى الاجتماع المشترك للجنة التنفيذية العليا ومجلس الوزراء، والذى جاء متفقا مع الشرعية والدستور».. يتذكر شرف: «أبدى نميرى تأييده لذلك»، وأضاف: لكن يوجد بعض الوزراء المصريين طلبوا مقابلتى، وأنا لا أريد أن أتدخل فى شؤونكم الداخلية، لكن عايز رأيكم».
يذكر شرف، أنهم سألوا نميرى عن هؤلاء الأفراد، بعض الوزراء المصريين السابقين.. يضيف شرف: «قلنا له يا سيادة الرئيس، مصر بلدك وهى والسودان بلد واحد.. ولتقابل من تريد مقابلته، وتحدث معهم كما تريد.. وإذا كنت ترى أن تنصحنا بشىء فنحن جاهزون، أرسل إلينا من تريد أو اطلبنا نحن موجودون فى مكاتبنا طوال الوقت ليل نهار».
يؤكد شرف: بعد جولة فى الفندق التقينا فيها ببعض الوفود الأخرى، عدنا إلى القصر الجمهورى بالقبة، حيث كان موجودا أنور السادات وحسين الشافعى وعلى صبرى، وكان معهم أيضا حسن إبراهيم عضو مجلس قيادة الثورة السابق، ونقلنا إلى السادات تفاصيل ما تلقيناه من معلومات وتحركات، فكان رده: «عظيم جدا، وإذا كان فيه حاجة بلغونى على طول».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة