تمر اليوم الذكرى الـ198، على إعلان عالم المصريات الفرنسى جان فرانسوا شامبليون فك رموز اللغة الهيروغليفية المصرية القديمة بعد دراسته لحجر رشيد، وذلك فى 27 سبتمبر عام 1822، ليكون مدخلا لفهم الحضارة المصرية القديمة، وحجر رشيد هو هو نصب من حجر الجرانودايوريت مع مرسوم صدر في ممفيس، مصر، في 196 قبل الميلاد نيابة عن الملك بطليموس الخامس، وبحسب الدكتور سليم حسن فى موسوعته الشهيرة "مصر القديمة" يحتوى مرسوم «منف» الذى عُثر عليه فى رشيد على ثلاثة نصوص؛ وهي: النص الإغريقي، والنص الديموطيقى — لغة الشعب، والنص الهيروغليفى أو الكتابة المصرية المقدسة.. وقد كان المفهوم أن كلا من هذه النصوص الثلاثة يُعتبر ترجمة حرفية للآخر، غير أن الواقع غير ذلك إذ نجد بعض الاختلاف فى كل منها عن الآخر، ويرجع السبب فى ذلك إلى أن لكل لغة من هذه اللغات مصطلحاتها وتعابيرها الخاصة بها، ومن أجل ذلك كان لزامًا علينا أن نورد هنا ترجمة كل نص من هذه النصوص الثلاثة بقدر المستطاع.
التاريخ
فى السنة التاسعة، الرابع من شهر قسندقس الذى يقابل شهر سكان مصر الثانى من فصل الشتاء، الثامن عشر منه فى عهد جلالة «حور-رع» الفتى الذى ظهر بمثابة ملك على عرش والده، «ممثل» السيدتين، عظيم القوة، والذى ثبت الأرضين، ومن جمل مصر، ومن قلبه محسن نحو الآلهة «حور» المنتصر على «ست»، ومن يجعل الحياة خضرة للناس، وسيد أعياد «سد» مثل «بتاح تنن»، والملك مثل رع، ملك الوجه القبلى والوجه البحرى (وارث الإلهين المحبين لوالدهما، المختار من «بتاح»، روح (كا) رع القوية، وصورة «آمون» الحية)، ابن رع (بطليموس معطى الحياة أبديًّا، محبوب بتاح)، الإله الظاهر سيد الطيبات ابن «بطليموس» «وأرسنوي» الإلهين المحبين لوالدهما — عندما كان كاهن الإسكندر، والإلهين المخلصين والإلهين الأخوين والإلهين المحسنين والإلهين المحبين لوالدهما والإله الظاهر سيد الطيبات المسمى «أيادوس» بن «أيادوس»، وعندما كانت «برات» ابنة «بيلينس» حاملة هدية النصر أمام «برنيكي» المحسنة، وعندما كانت «أريات» ابنة «دياجنس» حاملة السلة الذهبية أمام «أرسنوي» محبة أخيها، وعندما كانت هرنات ابنة «بطليموس» كاهنة «أرسنوي» التى تحب والدها.
المقدمة
فى هذا اليوم قرر المشرفون على المعابد، والكهنة خدام الآلهة، والكهنة السريون، والكهنة المطهرون الذين يدخلون فى المكان المقدس «قدس الأقداس» ليلبسوا الآلهة ملابسهم، وكتبة كتب الآلهة ورفاق بيت الحياة، والكهنة الآخرون الذين أتوا من شِقَّى مصر نحو الجدار الأبيض «منف» لأجل أن يتسلم — فى عيد ملك الوجه القبلى والوجه البحرى رب الأرضين — «بطليموس العائش أبديًّا، محبوب بتاح» الإله الظاهر رب الطيبات، مملكة والده، وقد جمعوا أنفسهم فى معبد ميزان الأرضين وأعلنوا:
الملك بوصفه محسن للمعابد المصرية، وكذلك لجميع الناس، وبوجه خاص لجيشه أيضًا
ملك الوجه القبلى والوجه البحرى «وريث الإلهين اللذين يحبان والدهما، الذى اختاره «بتاح»، وروح (كا) رع قوية، وصورة «آمون» الحية»، ابن رع «بطليموس العائش أبديًّا، محبوب بتاح» الإله الظاهر، رب الطيبات، ابن ملك الوجه القبلى والوجه البحرى «بطليموس» والأميرة سيدة الأرضين «أرسنوي»، والإلهين المحبين لوالدهما، الذى عمل كل الأشياء الطيبة والعظيمة (= العديدة) فى أرض «حور» ولكل أولئك الذين كانوا فيها ولكل الناس الذين يُوجدون تحت حكمه الممتاز جميعًا — أنه كان إلهًا وابن إله وأوجدته فى العالم آلهة، فهو مثل «حور» بن «إزيس» وابن «أوزير» وهو الذى يحمى والده «أوزير»، وكذلك كان جلالته قلبه محسنًا نحو الآلهة — وعلى ذلك أهدى كثيرًا من الفضة وكثيرًا من الحبوب لمعابد مصر، وأعطى كثيرًا من الأشياء الثمينة لأجل أن يهدئ مصر، ويجعل الشاطئين يمكثان، وأعطى مكافآت للجنود الذين يعملون تحت سيادته.
تخفيف الضرائب والعفو عن المذنبين
كل الضرائب والجزية الخاصة بالأمراء … وهى التى كانت تثقل عاتق مصر؛ فإنه خفض بعضها والأخرى ألغاها كلها (؟)؛ وعلى ذلك فإن الجنود والناس فى زمنه كانوا سعداء بحكمه، وكل المتأخرات التى كانت تثقل عاتق سكان مصر وكذلك (؟) كل الناس كانوا جميعًا تحت حكمه الممتاز؛ فإن جلالته قد نزل عنها بكثرة يخطئها العد، وقد أفرج عن السجناء الذين كانوا فى السجن، وكذلك كل الناس … الذين.
تثبيت الدخل القديم للمعابد والضرائب القديمة التى كان يدفعها الكهنة
وقد أمر جلالته بالآتي: أن ما يتعلق بقربان الآلهة، وكذلك الفضة والحبوب التى كانت تُعطى سنويًّا للمعبد، وكل أشياء الآلهة من كروم وأراضى بساتين، وكل شيء يخصهم كانوا يملكونه فى عهد والده المبجل؛ يجب أن يُترك ملكًا لهم، وأمر كذلك أن يُنزل عن الضريبة التى كانت تؤخذ من يد الكهنة أكثر من الضرائب التى كانت تُدفع فى عهد جلالة والده المبجل.
الإعفاء من الرحلة السنوية إلى الإسكندرية ومن الخدمة البحرية، الإعفاء من توريد ثلثى الكتان الملكي
وكذلك أعفى جلالته كهنة الساعة للمعابد من الرحلة التى كانوا يقومون بها إلى جدار الإسكندرية سنويًّا، وكذلك أمر بألا يُجند البحارة.
ونزل جلالته عن ثلثى نسيج الكتان الملكى الذى كان يورد له من المعابد.
إعادة السكينة الداخلية وضمان العفو الشامل
وكذلك أعاد جلالته استعمال كل الأشياء التى كانت منذ زمن طويل غير منظمة إلى نظامها الحسن، وقد كان مهتمًّا جدًّا بكل الأشياء التى كانت تُعمل عادة لمنفعة الآلهة، وكذلك عمل ما هو حق للناس مثل ما فعل الإله «تحوت» المزدوج العظمة.
وأمر كذلك (أن يترك بعد ذلك) … وعلى ذلك فإن ممتلكاته تبقى فى حوزته.
حماية البلاد من الأعداء الأجانب
وكذلك حمل هم إرسال مشاة وفرسان وسفن ضد أولئك الذين كانوا يأتون من المدن أو من البحر، ومنح فضة كثيرةً وغلالًا لأجل أن يهدأوا أراضى حور (= المعابد) ومصر.
قهر الثائرين فى «ليكوبوليس»
وقد زحف جلالته نحو … بوساطة الأعداء الذين كانوا فى داخلها؛ لأنهم عملوا أضرارًا كثيرة فى مصر، ولقد تعدوا الطريق التى كان يحبها جلالته، والتى هى تصميم الآلهة، وعلى ذلك فإنه سد كل القنوات التى تجرى فى هذه المدينة، ولم يعمل مثل ذلك بوساطة الملوك السابقين، وقد أعطى فضة كثيرة من أجل ذلك.
وعين جلالته مشاة فرسانًا على هذه الترع لحراستها وحمايتها — الباقى ترك — … عميقة جدًّا، وقد تغلب جلالته على هذه المدينة، وأخضع الأعداء الذين كانوا فى داخلها، وقد أوقع فيهم مذبحة عظيمة (؟) كما فعل «رع» «وحور» بن «إزيس» مع عدوهما قبل ذلك فى هذا المكان.
معاقبة زعيم الثورة التى قامت على «بطليموس فيلوباتور»
تأمل، لقد جمع العدو الجنود، وكان على رأسهم، وتخبطوا فى المقاطعات، وضربوا أرض «حور» (= المعابد) وتعدوا طرق جلالته وطرق والده المبجل، وقد أمر الآلهة أن يقهروا فى «منف» فى العيد، وهناك كذلك يتسلم مملكة والده، وقد قتلهم عندما طعنهم بالخشب (؟).
الإعفاء من الجزية المتأخرة وضرائب المعابد
وأن ما يستحقه جلالته من المعابد حتى العام التاسع … فضة وغلال التى نزل عنها جلالته، وكذلك الكتان الملكى الذى يستحقه بيت الملك (= الخزانة) من المعابد والفرق الذى كان قد قرر فعلًا عما وردت حتى هذا الوقت، وقد نزل عن أرادب الحنطة التى كانت تؤخذ من أرورات الآلهة، وكذلك مكاييل النبيذ التى كانت تُجبى من الكروم.
الاهتمام بالحيوان المقدس وعبادة الآلهة
ولقد عمل طيبات كثيرة للعجل «أبيس» والعجل «منيفيس» (من ور) وكل الحيوان الإلهى المقدس أكثر مما عمله الأجداد، واهتم قلبه بأحوالها فى كل لحظة، وقدم كل شيء طُلب من أجل معيشتها بكثرة وبكرم، وأحضر (؟) كل ما يُطلب من أجل معابدها (؟) فى ذلك العيد الكبير الذى يقدم فيه الإنسان القربان المحروق، والذى يقدم فيه قربان الشراب، وكل شيء اعْتِيدَ عمله، والأمجاد التى فى المعابد وكل الأشياء العظيمة الخاصة بمصر فإن جلالته تركها تبقى على حالتها على حسب القانون، وقد منح فضة كثيرة وغلة وكل الأشياء لأجل بيت سكن «أبيس» الحي، وزينه جلالته بشغل ممتاز من جديد، وكان جميلًا جدًّا، وقد ترك «أبيس» الحى يشرق فيه، وقد أتم مقصورة المعبد ومائدة القربات من جديد للآلهة (…) عندما كان قلب جلالته نحو الآلهة محسنًا، وعلى ذلك اعتنى بالمعابد وجمالها، فجددها فى زمنه الحاكم الأوحد، ومكافأة على ذلك أعطته الآلهة والإلهات القوة والسلطان والحياة والعافية والصحة وكل الأشياء الطيبة جميعها فى حين كانت وظيفته الكبرى معه وأولاده أبديًّا.
عزم الكهنة على تمجيد الملك وأجداده
بالحظ السعيد: لقد ذهب إلى قلب كهنة جميع معابد الوجه القبلى والوجه البحرى لإكثار أمجاد ملك الوجه القبلى والوجه البحرى (بطليموس العائش أبديًّا، محبوب بتاح) الإله الظاهر، رب الجمال الذى فى آراضى «حور» (= المعابد)، وكذلك الخاصة بالإلهين المحبين لوالدهما الذين أوجداه، والإلهين المحسنين اللذين أوجدا ما عمله، والإلهين الأخوين الذين أوجدا ما فعله، والإلهين المخلصين والدى من أنجبه.
إقامة مجموعة تماثيل للملك والآلهة المحليين فى كل المعابد وتمجيدها
ويجب إقامة تمثال للملك «بطليموس» العائش أبديًّا والإله الظاهر الذى أعماله جميلة، ويدعى «بطليموس» حامى مصر، وترجمته «بطليموس» الذى يحمى مصر، وكذلك تمثال لإله المدينة (الإله المحلي) وأن يمنح سيف النصر الملكى فى كلا الشاطئين (القطرين) فى كل محراب مشهور فى الردهة العامة للمعبد، من صناعة نحاتين مصريين، وعلى كهنة بيت الإله فى كل معبد من الذين عُينوا بوجه خاص أن يتعبدوا لهذه التماثيل ثلاث مرات يوميًّا، وأن يضعوا أدوات المعبد أمامها، وأن تُعمل كل تعليمات موافقة لها كما يفعل ذلك لآلهة المقاطعات فى عيد أول السنة وأيام الأعياد (و) الأيام الخاصة بها.
إقامة تمثال من الخشب للملك فى محراب من الذهب
وكذلك يجب عليهم أن يصنعوا تمثالًا مقدسًا لملك الوجه القبلى والوجه البحرى «بطليموس»، الإله المشرق، رب الجمال، ابن ملك الوجه القبلى والوجه البحرى «بطليموس» والأميرة سيدة الأرضين «أرسنوي»، والإلهين المحبين لوالدهما، ومعه محراب مقدس من السام (الذهب) ومرصع بكل الأحجار الكريمة فى كل المعابد المعينة بوجه خاص، والتى توجد فى المدن المحترمة، ومع محاريب آلهة المقاطعات، وعندما يُقام العيد الكبير وهو الذى يظهر فيه الإله فى محرابه المحترم ويخرج من بيته؛ فعندئذ يجب أن يظهر المحراب المحترم لهذا الإله الظاهر «وهو فيه».
وعلى ذلك ينبغى أن يكون هذا المحراب من اليوم إلى أجل من السنين لا حد له معروفًا به.
ويجب أن توضع عشرة تيجان لجلالته، ويكون أمام كل واحد منها صل، كما هو المتبع فى جمع صور التيجان، وتوضع على المحاريب بدلًا من الأصلال التى كانت قبل على المحاريب، وبذلك يكون التاج المزدوج فى وسطها، فى حين أن جلالته بذلك يكون مشرقًا فى بيت «بتاح» بعد أن يكون قد عُمل له كل حفل لدخول الملك فى بيت الإله، وعلى ذلك يتسلم وظيفته الكبرى. ويجب أن يُوضع على الجانب الأعلى للمربع (؟) الذى خارج هذا التاج وقبالة هذا التاج المزدوج نبات الوجه القبلى ونبات البردى للوجه البحري. هذا، ويجب أن يُوضع نسرٌ على سلة ونبات الوجه القبلى تحتها فى الركن الأيمن من هذا المحراب، وكذلك يُوضع صل على سلة وتحته ساق بردى على جانبه الأيسر، ومعناه هو: أنه حامل التاج الذى أضاء الوجه القبلى والوجه البحري.
إقامة العيد على شرف الملك
فلما كان اليوم الثلاثون من الشهر الرابع من فصل الصيف هو يوم ولادة الإله الطيب العائش أبديًّا، فإنه كان يُعقد بمثابة عيد وحفل فى أراضى «حور» (= المعابد). وكان كذلك يُعقد فى اليوم السابع عشر من الشهر الثانى من فصل الفيضان، وهو الذى كان يُعمل فيه حفل تتويج الملك عندما كان الملك يتسلمه من والده (أى التاج). تأمل، إن بداية جميع الأشياء العديدة الممتازة الخاصة بسكان الأرض هى ولادة الإله الطيب العائش أبديًّا، وتسلمه وظيفته الممتازة، ويحتفل بها فى اليوم السابع عشر واليوم الثلاثين من كل شهر فى كل معابد مصر، ويجب أن يُقدم فيهما قربات محروقة، وكذلك قربات سائلة، وكل شيء كان يُعمل كما ينبغى أن يُعمل فى الأعياد فى هذا العيد من كل شهر، وكل ما يُقدم فى هذا العيد يجب أن يتناوله كل الناس الذين يقومون بخدماتهم فى المعبد.
ويجب على الإنسان أن يقيم عيدًا وحفلًا فى كل معابد مصر لملك الوجه القبلى والوجه البحرى «بطليموس» العائش أبديًّا، محبوب بتاح، الإله الظاهر سيد الجمال، سنويًّا من اليوم الأول من الشهر الأول من فصل الفيضان مدة خمسة أيام عندما يكون على رأسهم إكليل، وموائد القربان يجب أن تُمد بسخاء بكل شيء كما يليق.
اللقب الجديد لكهنة الملك
وكهنة الملك فى كل معبد من المعابد التى ذكرت بوجهٍ خاص يجب أن يكونوا خدامًا للإله الظاهر سيد الجمال، ويذكرون خارج وظائف الكهنة، ويجب أن تُكتب (الألقاب فى مرسومهم)، ويجب أن تُنقَش وظيفة كهنة الإله الظاهر سيد الجمال على الخاتم الذى فى أيديهم.
يجب كذلك على الأفراد العاديين أن يشتركوا فى تمجيد الملك
تأمل، يجب على الناس الذين يريدون منح صورة من هذه المقصورة للإله الظاهر أن يقيموها ويحفلوها فى بيوتهم، كما يجب عليهم أن ينظموا هذا العيد والحفل فى كل شهر وفى كل سنة، وبذلك يُعلم أن سكان مصر قد مجدوا الإله الظاهر سيد الجمال، كما ذُكر أعلاه.
نشر المرسوم
ويجب أن يُحفر هذا المرسوم على لوحة من الحجر الصلب بكتابة من كلم الإله، وبكتابة الرسائل، وبالكتابة الإغريقية، (ويجب على الإنسان) أن ينصبها فى المكان المقدس (المحراب) فى المعابد الخاصة المبينة من الدرجة الأولى والثانية والثالثة، وذلك بجوار تمثال ملك الوجه القبلى والوجه البحرى «بطليموس العائش أبديًّا، محبوب بتاح» الإله الظاهر سيد الجمال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة