قال الدكتور شوقى علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن مصر شيَّدت منذ فجرِ التاريخ أُسسَ العلوم وصروحَ الفنون في كافة الميادين وشتى المجالات، وأقامت للبشرية كلها معالمَ الحضارة الراقية التي لا زالت حتى اليوم نبراسًا للعالم كله في شتى ميادين العلم والمعرفة.
وأضاف في ندوة عقدتها وكالة أنباء الشرق الأوسط تحت عنوان: "في مواجهة محاولات هدم الدولة" أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قد رفع منذ أول يوم لتحمله مسئولية وأمانة قيادة الوطن العزيز في ظل ظروف عصيبة لا تخفى على أحد– شعارَ العمل والجد والاجتهاد؛ للخروج من حالة العشوائية والمحسوبية والفقر والعوز، والنهوض بمصر إلى المستوى الحضاري والعلمي والتقني الذي يليق بها، وإلى إقامة دولة القانون كما ينبغي أن تكون.
وأشار المفتى في كلمته إلى أن أقصى طموحاتنا فى تلك الفترة كانت أن نخرج من مرحلة الاضطرابات والفتن والقلاقل التي تهدد البلاد إلى مرحلة الهدوء والاستقرار، ولكن الرئيس بنظره الثاقب ورؤيته البعيدة الطموحة الشاملة للمتغيرات والظروف العالمية، كان يدرك تمام الإدراك تلك التحديات والمؤامرات الخفية التي تدبر لمصر والتي يجب علينا أن نواجهها ولا نقنع بمجرد الانكماش والكمون في عالم لا يحترم إلا الأقوياء، فالعالم من حولنا بتقلباته وصراعاته ومتغيراته لن يقنع من مصر إلا أن تكون قوية عفية حتى تعيش وتحيا في سلام وأمان، وحتى تحمي شعبها وأرضها من كل عدوان أو ظلم.
وأوضح أن الرئيس السيسي قاد بكل قوة وعزيمة وإخلاص قاطرة التغيير والإصلاح والتحديث والتطوير في كافة المجالات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية والخدمية، حتى لم يترك مجالًا من المجالات إلا وأطلق فيه يد الإصلاح والتطوير والتحديث، وقد بارك الله في كل الجهود الوطنية التي بذلها، فآتت أكلها بإذن ربها بشكل أدهش العالم، وجعل العالم من حولنا يعيد حساباته تجاه مصر ويعمل لها ألف حساب، وأعاد للأذهان عظمة المصريين وقوتهم وبأسهم وقدرتهم على الإنجاز والتشييد والبناء.
وحول محاولات قوى الشر السعى لزعزعة أمن واستقرار الوطن قال مفتي الجمهورية: "من الطبيعي جدًّا أن تقف خفافيش الظلام من قوى الشر والإرهاب في الداخل والخارج ومَن وراءهم مِن القوى الدولية الغاشمة المتآمرة في وجه كل هذه الإنجازات بالإنكار تارة وبالتشويه والتحقير تارات وتارات، حتى يوقفوا مسيرة البناء والتعمير، ويكملوا مخططهم الخبيث في محاولة هدم الدولة المصرية والعمل على تعطيل مسيرتها نحو التقدم والحضارة التي تسعى إليها مصر الحبيبة".
وأضاف أن ما تواجهه مصر الآن هو معركة شرسة بنمط جديد تُستعمل فيها أقذر المخططات وأفتك الأسلحة التي تستهدف في النهاية تفكيك وحدة الوطن، وإضعاف قوته، وتقسيم شعبه إلى فرق وطوائف متناحرة باسم الدين، فإذا ضعفت مصر أو انهارت انهار مِن حولها الوطنُ العربيُّ كله، وتم تنفيذ مخطط التقسيم بأسرع ما يكون.
ولفت المفتي النظر إلى أننا إذا نظرنا إلى هذه الأسلحة المدمرة رأينا أن أخطرها على الإطلاق تلك المفاهيم الدينية الخاطئة التي بثتها جماعة الإخوان الإرهابية عبر السنوات الماضية، وتلك المفاهيم تحمل في طياتها تكفير الحكام والمجتمع والجيش والشرطة والقضاة، أي إن هذا المجتمع في نظرهم مجتمع كافر لا يطبق شرع الله وإن صلى وصام وقرأ القرآن.
وأوضح أن دار الإفتاء المصرية قد استجابت لواجب الوقت بالتصدي لتلك المجموعات الإرهابية، وأطلقت عددًا من المشروعات والمبادرات الطموحة الكبيرة التي وَجهت للتطرف والإرهاب ضرباتٍ قويةً مؤلمة سببت لقنوات الإخوان كثيرًا من الإزعاج، فباتت دار الإفتاء ومشروعاتها وعلماؤها هدفًا للتشويه والمحاربة المستمرة من قِبَل قنوات جماعة الإخوان الإرهابية.
وتابع مفتي الجمهورية في كلمته: "من أخطر الأسلحة المدمرة التي تستعملها تلك الجماعات الظلامية لهدم الدولة المصرية، الإعلام المموَّل الموجَّه العميل، الذي يعمل على تشويه الحقيقة، وتسويد الواقع وإثارة الفتن والقلاقل، ويعمل أيضًا على تشويه الدولة المصرية ومؤسساتها التي تقف بكل وطنية خلف الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهذا الخطر الإعلامي لا بد أن يواجه بإعلام وطني قوي يؤمن بقضايا الوطن ولا يتأخر عن مؤسسات الدولة في كل مناسبة للدفاع عن نفسها. ونحن نثمن الرسالة الإعلامية الوطنية والجهود الطيبة التي تقوم بها مؤسساتنا الإعلامية وفِي مقدمتها وكالة أنباء الشرق الأوسط".
وأضاف أننا بحاجة إلى بذل مزيد من الجهود في كافة الوسائل الإعلامية المسموعة والمقروءة والمشاهدة ووسائل التواصل الاجتماعي، وهي أخطرها على الإطلاق حتى تصل الصورة الصحيحة إلى كل إنسان مصري، بل وعربي، وأن نواجه الشائعات والأكاذيب التي تبثها تلك القنوات في نفس الوقت والساعة، بل واللحظة، حتى لا نترك عقول شبابنا وأبنائنا فريسة للشائعات والأكاذيب.
وأشار إلى أن الإعلام، وإن كان في نفسه وسيلة، لكنه وسيلة فاعلة ومؤثرة، وهو الذي يحمل إلى الناس مفاهيم الحق والخير والعدل، كما هي رسالة إعلامنا الوطني، أو يكون سببًا في بث الأكاذيب والفتن والشائعات، كما تفعل قنوات ومواقع جماعة الإخوان الإرهابية ومن لفَّ لفها وسلك سبيلها المعوج؛ لذلك لا بد أن نهتم بالإعلام وبالرسالة الإعلامية في حربنا ضد الإرهاب، وفي التفاف الشعب حول قضايا الوطن كذلك.
وقال المفتي: "في اعتقادي… الخطر الذي تواجهه مصر يحتاج في مواجهته والقضاء عليه إلى عقول يقظة لا تغرها الشائعات والأكاذيب، وإلى ضمائر حية لا تخون وطنها ولا تغرى بالمال الحرام مهما كان، وإلى سواعد فتية قوية تبني وتشيد وتدافع وتقاتل من أجل بقاء هذا الوطن، وأهم من ذلك، ومن قبل ذلك كله تحتاج إلى اتحاد واجتماع وتكاتف من أجل مواجهة الخطر الداهم الذي يواجهنا جميعًا، قال تعالى: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص}، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية»".
وأضاف: نحن نعلم أن في الاجتماع قوة، وفي الفرقة ضعف وهوان وهزيمة، وهذا ما تعمل عليه ليلَ نهارَ قوى الظلام الإرهابية، فهي تريد أن تفرق كلمتنا وتشتت وحدتنا، فتعمل أولًا على التفريق بين الشعب وحاكمه ورئيسه وقائد جيشه وحامي مسيرته، ومن وراء ذلك أمور عظام لا تخفى على كل وطني حر شريف.
ووجه مفتي الجمهورية في ختام كلمته رسالةً إلى الشعب المصري، حثَّهم فيها على ضرورة أن يتكاتف الشعب جميعًا وأن يقفوا صفًّا واحدًا خلف الوطن وقائد الوطن، نفدي بلادنا بالروح والدم والنفس والمال، ولا نسمح لأية قوى مخربة أن تفت في عزمنا أو تفرق وحدتنا.
كما وجه رسالة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي قال فيها: "سر على بركة الله، والله حسيبك وكافيك وناصرك، والشعب المصري بقلبه وعزمه وحبه لوطنه كله جنودك، وإن الله تعالى ناصرك، وإن النصر مع الصبر، وإن مع العسر يسرًا".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة