رفض قائد الأوركسترا الموسيقى سليم سحاب، اتهامات الجناح العربى بمنظمة اليونسكو للموسيقار محمد عبدالوهاب، بسرقته 13 لحنا له من الموسيقى الغربية، وفند هذه الاتهامات فى مقال له بجريدة «السفير اللبنانية»، 16 سبتمبر 1979.. «راجع، ذات يوم 16 سبتمبر 2020».
ترقب سليم سحاب من اليوم التالى «17 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1979» ردود الفعل عليه، وتحول الأمر إلى سجال على صفحات «السفير» خاضها هو أيام 16 و30 سبتمبر 1979 و15 أكتوبر 1979، وفى مواجهته كتب «عزيز الحاج على حيدر» مندوب العراق الدائم بالأمم المتحدة يوم 1 أكتوبر 1979، ويذكر الناقد والمؤرخ الموسيقى فيكتور سحاب جانبا منه فى كتابه «السبعة الكبار فى الموسيقى العربية المعاصرة»، قائلا: «تساءل الفنان سليم سحاب عن سبب اكتشاف هذه السرقات، فإذا كان السبب هو وقفة المطار، فإن السرقات المفترضة سابقة للوقفة».. والمقصود بوقفة المطار هو قيادة عبدالوهاب لأوركسترا نشيد «بلادى، بلادى» وقت نزول السادات إلى أرض المطار، عائدا من توقيعه معاهدة السلام مع مناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل.
ويضيف فيكتور نقلا عن مقال شقيقه سليم: «الموقف السياسى مهما كان سيئا، لا علاقة له بتقويم عمل موسيقى سبقه عشرات السنين فى بعض الحالات، ثم عرض الفارق بين استلهام التراث وبين الموسيقى فى التراث الأوروبى الكلاسيكى، وانتهى إلى أن نمط استلهام عبدالوهاب فى النماذج التى عبر بها، وغيرها، هو أشبه بنمط الاستلهام المقبول فى الموسيقى الكلاسيكية، بل الملازم لأعظم الأعمال فيها، وأن كل عظماء الموسيقى فى أوروبا «سارقون» إذا قبلنا المعايير التى استند إليها «المسربون».. يقصد الذين سربوا وثيقة اليونسكو عن سرقات عبدالوهاب.
ويعلق فيكتور سحاب بأنه إذا كان لابد من وضع خطأ وقوف عبدالوهاب فى المطار أثناء استقبال السادات فى كفة، فلا بد أن نضع فى الكفة الأخرى ما جنته يد هذا الرجل وحنجرته وفكره الفنى الفذ، لا فى تلحينه وغنائه أغنيات تكاد لا تحصى، وتكاد لا تجارى، بل فى تطويره مع رفاق له من عظماء النغم للموسيقى العربية فى مرحلة اشتدت فيها ضغوط الغزو الثقافى والفنى، حتى أضحى الاستسلام لغزو النغم جزءا من الاستسلام الثقافى والسياسى العام، فأصبح تطوير التراث العربى الموسيقى نوعا من أنواع المقاومة السياسية للغزو الأجنبى، آدرك الموسيقيون خطورة هذا أم لم يدركوه؟ ولعل كثيرا من تقويماتنا السياسية الفنية السطحية تتبدل، إذا ما أحذنا ننظر إلى المقاومة الثقافية والحضارية الشاملة من هذه الزاوية».
وطرحت هذه القضية مع الفنان عمار الشريعى فى لقائى به عام 1997، وأحتفظ بين أوراقى بتعليقه عليها.. قال: «لأنى أحب عبدالوهاب أراه كويس وضرورى بما فى ذلك اقتباسه من الموسيقى الغربية، ففى وقت تقديمه للموسيقى الإيطالى «فيردى» إلى الموسيقى العربية لم نكن نعرفه، ولا نعرف كثيرا عن موسيقى الغرب».. ويضيف الشريعى: «لا أحد يستطيع أن يمنع حق عبدالوهاب فى الحلم وتجاوز حدود الوطن فى ذلك، ومن أول حياته الفنية والحلم عنده كان مراحل منذ أن عمل «الرمبا العربى» فى «جفنه علم الغزل» حتى «الصبا والجمال»، فى كل أعماله الحلم موجود، وكان يريد أن يُدخل المزيكا جوانا، ولم يأخذها طازجة بل تعامل معها كزهرة وسط لحنه ليعمل منها نسيج خالص.. الاقتباس الوحيد غير المبرر عنده هو السيمفونية الخامسة فى بداية أغنية «أحب عيشة الحرية»، كان ممكن الأغنية تمشى من غيره.. هذه هى المرة الأولى والأخيرة التى أخذ فيها بغرض الأخذ، غيره كان يأخذ ويقوم بالتلطيف، إنما هو كان متفاعلا وليس ناقلا مع ما يود أن يفعله».
اللافت أن «عزيز الحاج» ينفى أنه اتهم عبدالوهاب بالسرقة الفنية، ويذكر فى «الحوار المتمدن، إلكترونى، 26 ديسمبر 2012: «محمد عبدالوهاب هو الموسيقار الأقرب لى منذ صباى ولحد اليوم، والقصة وما فيها أن اليونسكو كانت تصدر صحافة تستكتب فيها من يريد بلا رقابة، ونشر أحدهم ذات يوم عام 1979 مقالا يتهمه بالسرقة..هذا كان رأى أحد المختصين وليس رأى اليونسكو لأنها لا تتدخل فى هذه الأمور، وانتهز الإخوان «فيكتور وسليم سحاب» كونى فى اليونسكو لينسبا لشخصى مسؤولية نشر التعليق، وكأنى أنا اليونسكو وأنا المراقب على ما تنشره، وذلك ولأسباب كنت أجهلها.. ولم يكفا عن ترداد القصة رغم تكذيبى المتواصل، وعلمت فيما بعد أن وراء ذلك خلفيات سياسية، وفى أحد ردودى أكدت على حبى وتعلقى بموسيقى عبدالوهاب، واتفقت مع من انتقد لبسه ملابس المارشالية فى استقبال السادات، تلك كانت ملاحظتى الانتقادية الوحيدة، ولعله كان مضطرا للبسها، وربما قسوت عليه سياسيا ولكننى لم أتطاول على فنه الرائع يوما».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة