من بين الشهادات التى تكشف فضائح فكر جماعة الإخوان، شهادة الشيخ محمد متولى الشعراوى، والذى انضم إلى جماعة الإخوان فى ثلاثينيات القرن الماضى، وكان خطيب التنظيم الأبرز، وكتب شعرا فى مدح مؤسس الجماعة حسن البنا، لكنه كما هو الحال مع كل سابقيه من أصحاب الرأى والوعى، خرج من التنظيم بعدما تأكد له انحرافه، وأن الإسلام لديهم لا يتجاوز الحناجر.
وكان إمام الدعاة قاطعا فى رأيه بشأن جماعة الإخوان الإرهابية، إذ قال نصا: إن أعدائى هم الشيوعيون والإخوان المسلمون، وبعدها بسنوات طويلة سُئل الشيخ الشعراوى عن رأيه فى حوار صحفى أجرته معه مجلة المصور، فأقر بقوله ولم ينكره، موضحًا الأمر بالقول: الإخوان لا يسمعون الإسلام إلا من حناجرهم.. إن قام واحد ليقول فى الإسلام وليس منهم فلا يسمعون حديثه.
قصة الشعراوى مع الإخوان ثرية ومليئة بالتفاصيل والمحطات، عاينها الرجل بنفسه وعن قرب، فسمحت له أن يُكوّن وجهة نظره عن الجماعة بنفسه، نظرا لأنه كان عضوا بالتنظيم، ويقول الشعراوى فى واحد من آرائه: فى 1938 أردنا الاحتفال بذكرى سعد باشا، إذ كنت أعتبر الاحتفال بذكراه احتفالا بذكرى وطنية، وألقيت قصيدة امتدحت فيها زعماء الوفد، فغضب حسن البنا، وبعدها فى جلسة مع مجموعة من الإخوان فيهم البنا، لاحظت أن الحاضرين يتحاملون على النحاس باشا، وفوجئت بأحد الحاضرين يقول: إن النحاس هو عدونا الحقيقى، أعدى أعدائنا، لأنه زعيم الأغلبية، وهذه الأغلبية هى التى تضايقنا فى شعبيتنا، أما غيره من الزعماء وبقية الأحزاب فنحن نبصق عليها جميعًا فتنطفئ وتنتهى! كان هذا الكلام جديدًا ومفاجئًا لى، ولم أكن أتوقعه، وعرفت أن المسألة ليست مسألة دعوة وجماعة دينية، وإنما سياسة وأغلبية وأقلية وطموح إلى الحكم، وفى تلك الليلة اتخذت قرارى بالابتعاد، وقلت: سلام عليكم، مليش دعوة بالكلام ده.
وهناك فصول أخرى فى قصة الشعراوى مع الإخوان، شاهدها بعينه وتحدث عنها ورواها بنفسه، تشمل خلافات الجماعة وإلى أى مدى يمكن أن تصل، ويقول عن هذا: رأيت بعينى عبد الرحمن السندى وهو يزق الشيخ حسن البنا ويكاد يُوقعه على الأرض، لولا تساند البنا على من كانوا يقفون خلفه، وكان ذلك فى مقر الإخوان بالحلمية، وكان الشعراوى رافضًا لانضمام نجله سامى إلى الإخوان، وحذره منها، ويروى الحكاية بقوله: سامى كان فى الإخوان، فقلت له بعدما شاهدت التحول الذى طرأ على الجماعة: أنت أخذت خير الإخوان، فابتعد وحجّم نفسك، لأن المسألة انتقلت إلى مراكز قوى، وإلى طموح فى الحكم، وفعلا سمع كلامى وابتعد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة