كشف نيكولا ساركوزي رئيس فرنسا الأسبق، عن العلاقات التى كانت تربطه برؤساء أفارقة وآخرين من المنطقة المغاربية، في كتاب بعنوان " زمن العواصف"، حيث وصف ساركوزى ملك المغرب محمد السادس بـ"بالرجل الذكى" ورئيس السنغال السابق عبد الله واد بـ"الشخصية الممتعة والغريبة في آن واحد"، فيما أشار إلى أن اللقاءات مع الرئيس الجزائرى بوتفليقة "لا يمكن أن تدوم أكثر من ثلاث ساعات"، كما أعطى معلومات كثيرة عن الخطاب الذي ألقاه في داكار في 2007 والذي أثار جدلا واسعا في الأوساط السياسية الأفريقية، وكذلك علاقته مع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي والرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي المدفون في السعودية وآخرين.
وشكل الكتاب الذي يروى محطات السنتين الأوليين من حكمه فرصة سانحة لساركوزي، لكي يعلق على الخطاب الذي ألقاه أمام طلاب جامعة الشيخ أنتا ديوب في العاصمة السنغالية بداكار فى 2007.
يذكر أن هذا الخطاب أثار جدلا واسعا في فرنسا وفي العديد من الدول الأفريقية، بسبب ما تضمنه من إهانات وانتقادات "للرجل الأفريقي"، الذي قال عنه نيكولا ساركوزي وقتها، إنه "لم يدخل التاريخ بعد".
وبعد مرور 13 عاما على هذا الخطاب، اعترف الرئيس الفرنسي السابق أن "المشكلة لم تكمن في مضمون الخطاب بحد ذاته بقدر ما كان الأمر يتعلق بقول الحقيقة لجمهور غير جاهز للاستماع إليها".
وتساءل ساركوزى "هل أردت أن أقول أشياء أكثر من اللازم؟ وهل دافعت عن أفكارى بشكل عنيف أو جارح؟ وهل بالغت في تقدير مستوى النضج السياسي لدى الأفارقة؟".
وقال ساركوزى، " واد رجل مثقف. حصل على شهادة عليا في مجال الاقتصاد بفرنسا، لكن في نفس الوقت أفكاره مبعثرة وطريقة تفكيره غير منظمة، والتحاور معه يستدعي جهدا كبيرا من التركيز".
وأضاف "هو رجل ديمقراطي في 90 بالمئة من عمله السياسي، لكنه قادر في نفس الوقت أن يزج بمنافسيه السياسيين في السجن بين عشية وضحاها وبكل سهولة".
وعن الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، حكى نيكولا ساركوزي أن "اللقاءات التي كانت تجمعه به كانت طويلة وتدوم ثلاث ساعات على الأقل"، مشيرا إلى أن "بوتفليقة كان يرفض أن نتناقش وجها لوجه، بل جنبا إلى جنب". "كان يتوجب علي دائما أن أحرك وجهي باتجاهه لكي أراه، ما جعلني أشعر بآلام في العنق عند مغادرتي مقر الإقامة الذي كان يستقبلني فيه".
وتابع "الساعة الأولى من اللقاءات مع بوتفليقة كانت دائما مخصصة للحديث عن الثورة التحريرية وعن الآلام والأوجاع التي خلفها الاستعمار"، مضيفا أن الرئيس الجزائري السابق كان "يعاتبني بسبب الميول المحتملة للسياسة الخارجية الفرنسية نحو المغرب. لكن كنت أدافع عن نفسي بقوة قائلا في أعماق قلبي على الأقل عندما أتواجد في الرباط، الملك لا يعاتبني ولا يسألني لماذا وقع المغرب تحت الحماية الفرنسية".
وحول ملك المغرب، كتب ساركوزي إن محمد السادس "رجل يتمتع بذكاء كبير وهو شخص لطيف ويميل إلى الفكر الفرنكفوني"، فيما أشار إلى أنه يمزج بين صفات ثلاث "السلطة والقوة" التي ورثها من والده حسن الثاني و"الذكاء" و "الإنسانية" التي يتمتع بهما جيله، واعتبر الرئيس الفرنسي السابق أن "المغرب محظوظ جدا" بامتلاكه "ملكا بهذه الأهمية".
كما تحدث نيكولا ساركوزي عن ليبيا وزعيمها الراحل معمر القذافي والخيمة البدوية التي نصبها في 2007 في حديقة فندق مريني الفاخر بقلب باريس قائلا " ذلك هو الثمن الذي كان ينبغي أن ندفعه للتعبير عن شكرنا بعد تحرير الممرضات البلغاريات".
وانتقد ساركوزي تصرفات الزعيم الليبي السابق قائلا بأنه "لا يتحدث لا بالفرنسية ولا بالإنجليزية، وكان يتوجب على كل واحد منا اللجوء إلى مترجم وكان ينطق بأصوات وكلمات لم أكن أفهمها جيدا".
واختتم نيكولا ساركوزي الصفحات المخصصة لرؤساء دول المنطقة المغاربية بالحديث عن زين العابدين بن علي، الرئيس التونسي الذي غادر السلطة مرغما في 2011 جراء مظاهرات شعبية غير مسبوقة.
ووصف ساركوزي زين العابدين بن علي بـ"الرجل الغريب" ذي الوجه "المنفوخ"، معتقدا "أن الجراحة التجميلية تركت عليه آثارا كثيرة".
ورغم أن ساركوزي كان ينظر إلى بن علي على أنه الرئيس الذي ينظر إلى العالم بأكثر "واقعية" مقارنة بالزعماء المغاربيين الآخرين، إلا أنه كانت "تنقصه العفوية في تصرفاته" حسب الرئيس الفرنسي السابق.
واعترف أنه لم يتنبأ بسقوط الرئيس التونسي في 2011، وقال "سفراؤنا والمتخصصون الفرنسيون والاستخبارات ورجال الأعمال الذين كانوا يعملون هناك (في تونس) لم يشعروا بأي شيء ولم يتوقعوا سقوط النظام التونسي السابق".
وأنهى ساركوزي الصفحات التي خصصها للعلاقات التي كانت تربطه بزعماء أفارقة بالحديث عن نيلسون مانديلا الذي التقي به مرتين، بالقول "كان جميلا ووجهه يبعث النور والضياء"، موضحا أن السنوات التي قضاها في السجن "لم تكسر قلب هذا الرجل العظيم".
كما تحدث أيضا عن إعجابه بالشاعر إيمي سيزار الذي توفي في 2008 في جزيرة المارتينيك، وكتب ساركوزي "قررت المشاركة في جنازته لأنني لم أنس الجدل الذي تركه جاك شيراك (رئيس فرنسا من 1997 إلى 2007) وليونيل جوسبان (رئيس الحكومة الفرنسية من 1997 لغاية 2002) عندما قررا عدم المشاركة في مراسم دفن رئيس السنغال السابق والشهير ليوبولد سانجور في 2001.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة