فؤاد السنيورة يحدد فى حوار لـ"اليوم السابع" من جبل لبنان روشتة إنقاذ الدولة.. رئيس الوزراء الأسبق: أدعو لتشكيل حكومة تعيد ثقة اللبنانيين مع العودة لاتفاق الطائف والدستور.. وحكومة دياب كانت "أراجوز" بيد حزب الله

الخميس، 27 أغسطس 2020 01:00 م
فؤاد السنيورة يحدد فى حوار لـ"اليوم السابع" من جبل لبنان روشتة إنقاذ الدولة.. رئيس الوزراء الأسبق: أدعو لتشكيل حكومة تعيد ثقة اللبنانيين مع العودة لاتفاق الطائف والدستور.. وحكومة دياب كانت "أراجوز" بيد حزب الله السنيورة خلال حواره مع اليوم السابع
أجرت الحوار فى بيروت ـ إيمان حنا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
WhatsApp Image 2020-08-27 at 9.07.37 AM

ـ رفيق الحريري رجل عزّ نظيره.. وكان خفيف الظل ويحب النكات ويعشق أم كلثوم وعبد الوهاب.. ومصر كان لها مكانة خاصة في قلبه

ـ الحكم في قضية الاغتيال والتحقيقات فى كارثة انفجار مرفأ بيروت سيكون له انعكاسات هائلة على المشهد السياسى فى الدولة

ـ لبنان عانى على مدى عقود من عمليات إرهابية أدّت لاغتيال رموز الدولة

ـ حزب الله يرسل مقاتليه عبر المعابر اللبنانية للتدخل في الشئون الداخلية لسوريا والعراق واليمن 

ـ عدم الالتزام بتنفيذ حكم محكمة لاهاى يعنى مخاصمة المجتمع الدولي

ـ الحريرى هرب رئيس حركة القوميين العرب من سوريا للبنان سيرا على الأقدام 

ـ اللبنانيون طالبوا بإنشاء محكمة دولية لخبراتهم الطويلة بفشل القضاء اللبناني والأجهزة الأمنية

ـ هناك مساعي يبذلها الرئيس ميشال عون ليصبح جبران باسيل رئيس الجمهورية القادم

العرب دفعوا وأسهموا في أن يصبحوا بين مطرقة إسرائيل وسندان إيران وعلينا التكاتف لمواجهة ذلك.. ولا يمكن فصل لبنان عن رئته العربية "، بهذه الكلمات لخّص رئيس الوزراء الأسبق والنائب والرئيس السابق لكتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة رؤيته بشأن الواقع العربي،مشيراً إلى حاجة لبنان للدعم والتكاتف العربي،بالتوازي مع بدء خطوات إصلاحية جادة تأخرت لسنوات كانت كلفتها الوصول لواقعه الحالي المؤلم.

وعن العلاقة التي جمعته مع الحريري قال: كنا زملاء دراسة ثم أصدقاء مقربين وزملاء في حركة القوميين العرب وعملنا سويا لعدة سنوات، وكان الأقرب إلى قلبي، وقبيل اغتياله أبلغني بتعرضه لكثير من الضغوط السياسية من قبل النظام السوري واكتشافه أكثر من محاولة لاغتياله من قبل حزب الله.

وأوضح السنيورة، في حوار شامل لليوم السابع من منزله بجبل لبنان، أن حادث تفجير مرفأ بيروت والنتائج التي ستسفر عنها التحقيقات إلى جانب الحكم الصادر مؤخرا بشأن قضية اغتيال الحريري سيكون لها انعكاسات هائلة على المشهد السياسي في لبنان.

وشدّد على أن تشكيل حكومة مستقلة من الكفاءات وإعادة الاعتبار والاحترام لاتفاق الطائف والدستور ولسلطة الدولة اللبنانية والإصغاء لمطالب الشعب هي مفاتيح خروج لبنان من مآزقه، معتبرا دعم المجتمع العربي والدولي عوامل مهمة للمساعدة على نهوض لبنان، مشيرا لتوقعاته بشأن خارطة الطريق السياسية في لبنان في الفترة المقبلة إضافة إلى العديد من الملفات الاقتصادية والسياسية.

وإلى نص الحوار:

كيف قرأت حكم محكمة لاهاى بشأن قضية اغتيال رفيق الحريري وحيثيات هذا الحكم؟

في البداية أوضح أن لبنان عانى على مدى عقود من محاولات إرهابية إجرامية أدت لاغتيال رئيسين للجمهورية و3 رؤساء حكومات وعدد من الوزراء والنواب، ورجال الفكر والصحافة والدين والعسكريين. والمؤسف أنه في جميع تلك الحالات لم تتمكن الجهات الأمنية والسلطات القضائية من أن تتقدم سنتمتراً واحداً على مسار اكتشاف مرتكبي تلك الجرائم ومن كان وراءهم، هذا ما دفع اللبنانيون للمطالبة بإنشاء هيئة تحقيق دولية لخبراتهم الطويلة- وياللأسف- بفشل القضاء اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية في اكتشاف المجرمين وبالتالي تحقيق العدالة في العديد من جرائم الاغتيال الإرهابية. ولكن لبنان وعلى طريق إنشاء هذه المحكمة دفع ثمناً كبيراً من دماء وأرواح وأموال اللبنانيين.

وبالنسبة لجريمة اغتيال الحريري فهي كانت في غاية الخطورة، والتي قامت بها مجموعة على درجة عالية من الحرفية الإجرامية. لذلك كان الموقف في لبنان في حينها المطالبة بمحكمة دولية لمحاكمة قتلة الشهيد رفيق الحريري حتى لا يستمر لبنان مرتعا للقتلة او ساحة للهروب من العقاب.

وهذه المحكمة عندما أقرت من قبل مجلس الأمن الدولي، جاءت بعد تسوية على قانون هذه المحكمة من قبل الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، وتحديداً روسيا والصين اللتان أصدرتا على أن لا يكون من مهام المحكمة اتهام أو محاكمة أنظمة أومنظمات بما يعنى أن روسيا والصين كانتا حريصتين على هذا الأمر. وبالتالي، فإنّ المحكمة عملت في ظل هذه القواعد وفى ظروف بالغة الصعوبة، ولاسيما بعد العبث بمسرح الجريمة وإخفاء الادلة التي يمكن أن تقود المحكمة لكشف الملابسات.

أيضاً كان ممنوعاً على هذه المحكمة استجواب المتهمين بسبب أن حزب الله لم يسمح للمحكمة بذلك، وهو لم يعترف بها. ولذلك، وبعد مرور 13 سنة على إنشاء المحكمة، فإني أعتقد أنّ النتيجة، وكما يقول البعض، أنها ليست بمستوى توقعاتهم، ولكن علينا ان ننتبه أن تلك المحكمة تحكم بالأساليب القانونية الأنجلوساكسونية وليست الأساليب اللاتينية. ولكن المحكمة وبالرغم من تلك القيود بيّنت أنّ الجريمة ارتكبت بهدف سياسي.

ويعد النظام السوري المستفيد الاول من الاغتيال، وأخطر ما كشفته المحكمة أن سبب الاغتيال هو الموقف الذي اتخذه الحريري للعمل من أجل إخراج النظام السوري من لبنان.

IMGL7854
 

كنت من المقربين لرفيق الحريري..حدثنا بشيء من التفصيل عن العلاقة التي جمعت بينكما واطلعنا على مشاهداتك في هذه المرحلة التي سبقت مقتله؟

رفيق الحريري رجل عز نظيره كان وطنيا عربيا مخلصا لبلده وحريصا على سيادته وعلى علاقة وثيقة مع أشقائه العرب وكان يؤمن بالإنسان، وهو قد بذل ما لم يبذله غيره لتعليم جميع اللبنانيين ومساعدتهم وفتح مجالات العمل لهم وعمل على استنهاض الاقتصاد اللبناني وإعادة بناء مرافقه وقطاعاته الاقتصادية، وكذلك في إعادة إعمار مدينة بيروت وتوحيد لبنان. والآن كم نحن بحاجة إلى رفيق الحريري، كان رجلا حالما يحلم بلبنان لؤلؤة الشرق وبيروت عاصمة لهذا الكيان، كما قام بتوحيد لبنان على قلب رجل واحد وأعاد الثقة بالاقتصاد وعمر المستشفيات والمدارس والجامعات، وكان يلقب بـ"أبو الغلابة"،حيث كان منشغلا بالطبقات الأكثر احتياجا، وأكاد أقول أنه لا توجد عائلة في لبنان من كل الطوائف اللبنانية لم تمتد إليها أيادي الحريري بالمساعدة وبالتعليم وإيجاد فرص العمل لشبابها.

الحريري كان شديدالإنصات لغيره ويحب مخالطة الناجحين، كان قارئاً جيداً، وكان خفيف الظل ويحب النكات، وكان لمصر مكانة خاصة في قلبه ويهوى السفر إليها، كما عشق سماع أم كلثوم وعبدالوهاب.

 

كنا زملاء دراسة ثم كنا نلتقى فى نادى الجهاد الثقافى ضمن حركة القوميين العرب وهى حركة نضالية وأيضا كانت حريصة على البناء الأخلاقى، وذلك قبل مرحلة الجامعة والحريرى دخل الجامعة العربية ببيروت وأنا دخلت الجامعة الأمريكية لكن ظلينا نلتقى ضمن "القوميين العرب" وكان الحريرى منذ صغره وكان شجاعا وشخصية قوية، ثم أصبحنا أصدقاء مقربين وعملنا سويا لعدة سنوات، وكان الأقرب إلى قلبي.

رفيق الحريرى هرب جورج حبش رئيس حركة القوميين العرب وأمين عام"الجبهة الشعبية" من سوريا للبنان سيرا على الأقدام لم يركب سيارة.

 

ومن القصص الطريفة التى أذكرها مع رفيق الحريرى فى 10سبتمبر عام 1982 اتصل بى الحريرى من الرياض وأبلغنى أنه قادم إلى بيروت  واتفقنا على رحلة لصيدا حيث منزل عائلته وعائلتى أيضا وقتذاك كانت الإسرائيليين منتشرون فى الشوارع والطرق الرئيسية مغلقة فسلكنا الطرق الجانبية وأثناء عودتنا من صيدا استوقفنا حاجز إسرائيلى عند منطقة ضهر الوحش، وطلبوا منا اصطحاب 3 عساكر معنا وانا قلت نأخذ2 فقط، وقتها شعرنا مثل الكابوس حتى نزلوا بعدها استوقفنا حاجز "فرقة التيوس" وطلب هويتنا، وصار يحكى مع رفيق الحريرى ، وبعد 36 سنة فى 2018 استوقفنى شخص فى أحد الأماكن صدفة وقالى أنا إميل سلوم تتذكر لما استوقفتكم عند حاجز المتحف ! وكثير من المواقف الطريفة جمعتنى مع الحريرى .

 

لقد كنت شاهد عيان على الأحداث التي سبقت الاغتيال، كان الحريرى إذا اقترب موعد "استحقاق" يقول "الله يستر شو بدهم يعملوا" ، وأبلغني الحريرى أنه يتعرض لكثير من الضغوط وذات يوم كنت معه فى السيارة ببيروت وقال لى أنه اكتشف أكثر من محاولة لاغتياله من قبل حزب الله،وأبلغني أيضا بتهديدات الرئيس الأسد له، قائلا:"سأهدم بيروت على رأسك إذا لم تعمد للتمديد للرئيس اللبناني إيميل لحود".

يوم اغتيال الحريرى كنت فى مكتبى وهو قريب من موقع الانفجار ووقت ما سمعته ظننت أنه طيران إسرائيلى وبعد ذلك جاء شخص بلغنى ووقتها أغمى عليا من هول الصدمة ، ثم تم اتخاذ قرار دفنه فى مسجد الامين الذى أنشأه الحريرى وكان يتردد عليه وكان يستعجل إكمال عملية إنشائه فى السنة الأخيرة من حياته وكانت سنة صعبة عليه جدا

IMGL7852
 

تزامنت كل هذه الأحداث مع انعقاد اجتماع البريستول، نريد توضيحا لما حدث؟

نعم،والذي حدث بعد ذلك أن اجتمع وزير الخارجية السوري وليد المعلم مع رفيق الحريري وعدد من السياسيين وجرت مناقشات انتهت إلى ان المعلم تحقق من أن موقف رفيق الحريري ثابت لجهة إخراج الجيش السوري من لبنان، ذلك مع حرصه الشديد على إنشاء علاقة صداقة وأخوة وثيقة بين لبنان وسوريا تقوم على الندية والاحترام الكامل لاستقلال وسيادة وحرية البلدين الشقيقين والجارين.

 

ما النتائج التي ستترتب على هذا الحكم؟

هذا الحكم أصبح ملكا للشعب اللبناني فهومن طالب بمحكمة دولية، وجرى إقرارها بعد ذلك من قبل مجلس الامن الدولي تحت الفصل السابع،والآن التحدي الكبير أمام الدولة اللبنانية في أن تحترم وتلتزم بمضمون الحكم القضائي الصادر. كذلك، فإنّ التحدي الكبير أمام حسن نصر اللهفي ان يتبصر بنتائج هذا الحكم وأهمية التجاوب والتعاطي معه، وبالتالي احترام الشرعية الدولية، والمبادرة بتسليم سليم عياش لأن عدم التجاوب سيترتب عليه نتائج تنعكس على الكثيرين وعلى لبنان بكامله.

 

ـ من سيلزم حزب الله بتنفيذ الحكم؟

لبنان جزء من الشرعية الدولية والحكومة اللبنانية عليها التجاوب مع الحكم ومن واجبها كعضو في الأمم المتحدة أن تلتزم بمضمون هذا القرار. إذن المسئولية تقع على عاتق الحكومة، وكذلك على رئيس الدولة أيضاً.لبنان إما أن يلتزم بكونه جزءا من الشرعية الدولية أو أنه يصبح دولة فاشلة خارجة عن الشرعية الدولية مع كل ما يترتب على ذلك من تداعيات تضر بلبنان والشعب اللبناني، فعدم احترام تنفيذ أحكام تلك المحكمة يعنى مخاصمة المجتمع الدولي.

ولبنان لا يستطيع أن يتحمّل استمرار العزلة التي أصبح يعاني منها في علاقاته مع أشقائه العرب ومع أصدقائه في العالم.

لبنان يعيش عزلة وعليه وهو لا يقوى على هذا الخصام وإلا يكون عندها يرتكب حماقة كبيرة ترتد عليه وعلى الشعب، لبنان رئته الحقيقية هي علاقاته مع أشقائه والعالم.

IMGL7860

هل مسار التحقيقات فيما يتعلق بتفجير المرفأ مطمئن برأيك؟

تفجير الرابع من أغسطس جريمة غير مسبوقة فيلبنان، هذا التفجير يطرح كثيرا من علامات الاستفهام. فكيف تم السماح بدخول السفينة المحملة بكميات من المواد المتفجرة غير المسموح بها فيلبنان. ولماذا وصلت إلى لبنان. أي متابع لسير الأحداث يجد وكأن هناك يداً خافية وراء ترتيبها، كما أنه تبين أن حجم الانفجار يعادل 300 طن من نيترات الأمونيوم وليس 2750طن ما يعنى أن جهة ما سربت الجزء الباقي من الشحنة.

لقد طالبنا- أنا ورؤساء الحكومة السابقين- بأن يكون التحقيق دوليا وتتشكل لجنة أممية لجمع الحقائق، لأن الجهات التي يفترض أن تتابع التحقيقات في الداخل كانت موجودة وقتذاك ونضطلع بالمسؤولية فيما حدث لأنه لا يمكن لأي كان هناك اتخاذ أي قرار يخص المرفأ دون موافقة اجهزة المرفأ والجمارك وأمن الدولة والمخابرات العسكرية. ولذلك، فإنه لا يمكن أن تسند مهمة متابعة التحقيقات فيما جرى بالمرفأ للجهات التي كانت مسؤولية بالمرفأ وعلى علم بجميع الأوضاع التي أدّت في المحصلة إلى حصول تلك الكارثة الإنسانية، كما أن حجم المآسيالتي خلفها هذا الانفجار لا يمكن التعامل معه وكأنه ناتج عن حادث سيارة. هذا الأمر دفعنا هذا للمطالبة بتحقيق دولي، وهو المطلب الذي بدأ يواجه استعصاء من قبل حزب الله ورئيس الجمهورية، وهذا أمر بالفعل يثير الشكوك والريبة أيضاً. فضلاً عن ذلك، فإنّ الرئيس لم يمارس الحد الأدنى من التبصر وان يبادر إلى التحقق بكافة التدابير لمنع حصول الضرر بسبب هذه المواد المتفجرة فور علمه بوجود هذه الشحنة المتفجرة، وذلك قبلالانفجار بـ14 يوما.

 

بعض الأطراف السياسية في لبنان تجد في التحقيق الدولي مساسا بسيادة الدولة، ما تعليقك؟

ليست هذه المرة الأولى التي يستعين فيها لبنان بهيئة دولية، كما أن المتباكين على السيادة. أليس من الأجدر بهم قبل ذلك التباكي على السيادة المخترقة من قبل حزب الله على معالم الدولة في لبنان؟ ومن أهم تلك المعالم للدولة احتكارها للسلاح واستخدامه عند الضرورة، وأيضاً احتكارها في رسم السياسة الخارجية، وممارسة سلطتها على جميع مرافقها وحدودها ومعابرها الدولية، فحزب الله يسيطر على غالبية تلك المعابر  ويرسل مقاتليه عبر تلك المعابر للتدخل في الشئون الداخلية لسوريا والعراق واليمن والكويت، وحيث اكتشفت في الكويت خلية العبدلى الإرهابية التي لحزب الله ضلع فيها، كما أعلنت الكويت بعد ذلك عن وجود خلية أخرى لتبييض الأموال تابعة لحزب الله أيضا، فالحزب يدمر علاقة لبنان بأشقائها العرب. وبالتالي لا أرى مبرراً لمن يتحدثون عن مسألة السيادية ويرفضون هيئة تحقيق دولية ان موقفهم مقبول نظرياً أو عملياً.

 

ولماذا تأخر الإعلان عن النتائج الأولية للتحقيق، على حد ما وعد به الرئيس بظهورها خلال خمسة أيام؟

 

لأنهم يبحثون في الاتجاه الخطأ: كيف انفجرت ومن المسؤول؟ هذا مهم ولكن أنا أقول إن النقطة الأساسية لانطلاق البحث هو من أدخل تلك السفينة ولماذا لم يسأل أحد عنها وعن أصحابها ومن المالك الحقيقي لتلك المواد المتفجرة. بالمناسبة، رغم ان قيمة الشحنة تعادل حواليمليونيدولار، إضافة لثمن الباخرة حتى إذا بيعت خردة فقيمتها لا تقل عن 300ألف دولار، والتي جرى إغراقها.فهذا المبلغ يبلغ عشرة أضعاف قيمة الحجز المفروض على الباخرة والبالغة 250 ألف دولار، بما يعني أنّ مالك الشحنة والسفينة لديه مصلحة في استنفاذ ما أمكن من قيمتها. ذلك مما يعني استنتاجاً واحداً، أنّ صاحب تلك الشحنة أراد بقاءها في لبنان بالتعاون مع أطراف داخلية، وهو اطمأن إلى ذلك بعد أن أصبحت المواد في عنابر المرفأ.

إنّ هذه الشحنة من النيترات ما كان لها أن تنفجر بدون صواعق. وهنا أقول أنّه منالأفضل للمسئولين في لبنان أن يتنبهوا للكرة المشتعلة في قلوب اللبنانيين لأنهم لن يقبلوا بغير الحقيقة، فالأمر الذي أوقف موجة الاحتجاجات الشعبية هو تفشي كورونا فقط، وإلا لأنفجر غضب المواطنين الذين فقدوا أبناءهم جراء الانفجار.

 

IMGL7851

 

وعلى صعيد الأوضاع الاقتصادية، بصفتك كنت وزيرا للمالية ما الذي أوصل لبنان لهذا الوضع الاقتصادي المتردي؟

ما وصل إليه لبنان لم يكن نتاج أفعال هذه الحكومة فقط، بل هو بالفعل نتاج استعصاء طويل ومزمن عن القيام بالإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية الضرورية لحل أزمات ظلت تتراكم على مدى سنوات. وهنا أشير إلى الخطوات التي أقدمت عليها مصر بجرأة لتنفيذ تلك الإصلاحات بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، حيث كانت مصر تعاني مشكلات اقتصادية ولو لم تتخذ مصر تلك الإجراءات الإصلاحية في الوقت المناسب لكانت شهدت مصر نتائج سلبية هائلة، والآن نشهد معالم التعافيالاقتصاديفي جمهورية مصر العربية.

على لبنان أن يدرك مشكلاته أولا ويبدأ باعتماد وتنفيذ الحلول العاجلة ويتخذ القرارات الحاسمة. وأولى تلك الخطوات ألا يستمر الخلاف بينه وبين أشقائه العرب.فلبنان أصبح وبشكل أكبر بكثير عما كان في الماضي ساحة للصراع بين القوى الإقليمية والدولية منذ عام 2011 ما انعكس على الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير حيث انخفض معدل النمو من 9% خلال أعوام 2007 و2008 و2009 و2010 إلى 1.5 % عام 2011 ثم إلى أقل من ذلك في الأعوام التي تلت.

كذلك أيضاً فيما خصّ الدين العام اللبناني ونسبته للناتج المحلي التي ارتفعت بشكل كبير وغير متوقع. كذلك، فقد تحول الفائض في ميزان المدفوعات في الأعوام السابقة على 2011 إلى عجز كبير ومستمر بعد 2011، كل هذا يوضح انعكاس الأحداث السياسية، وفشل الإدارة اللبنانية داخلياً وخارجياً على الأوضاع الاقتصادية مما أدّى إلى قصور وتقصير من المسئولين في الدولة، حيث عانينا فترات كنا نحتاج فيها إلى 11 شهراً لتشكيل الحكومة، كما عانينا أيضاً فراغاً لمدة عامين ونصف بدون رئيس للجمهورية.

علاقة لبنان المتدهورة بمحيطه العربي كان لها تأثير كبير على أوضاعه الاقتصادية. فالمحيط العربي هو الرئة الحقيقية للبنان فتعطل هذه الرئة ينعكس سلبا على لبنان واقتصاده. بالإضافة إلى ذلك، فقد أدّى انهيار الثقة بين الشعب والطبقة السياسية التي كانت تلجأ وباستمرار إلى استثارة العصبيات والفتن الطائفية ولم تعمل على إيجاد حلول جدية للمشكلات التي يعاني منها لبنان.

ولقد وصل لبنان لمرحلة العجز، وكما ينص عليه الدستور عن الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. فعلى سبيل المثال، رئيس الجمهورية يتدخل في التعيينات القضائية، وأيضا لم يستطع لبنان والحكومات المتعاقبة عن حلّ أزمة الكهرباء المسئولة عن 60% من حجم الدين العام. وذلك بسبب الفساد السياسي. ولقد أصبح كل مسئول يتخوف من أن يتخذ القرارات الصحيحة. كذلك، فقد استمرت الأحزاب الطائفية في استتباع الدولة ومؤسساتها لمصلحة تلك الأحزاب.

 

أثناء توليك حقيبة المالية، ما أبرز المشكلات التي واجهتها وهل ما تراه اليوم امتدادا لها؟

لقد توليت حقيبة المالية في ظل ظروف بالغة الصعوبة. وأنا لست نادم على شيء قمت به آنذاك. كذلك حينما كنت رئيساً للحكومة. لكن كانت هناك أموراً كنت أتمنى لو استطعت تحقيقها مثل حل أزمة الكهرباء، لكن وزراء الكهرباء الذين تولوا تلك الحقيبة كانوا بمعظمهم ضد إصلاح هذا القطاع، وهم كانوا ضد ذلك ولم يكن لدينا أكثرية في مجلس الوزراء لنتمكن من ذلك.

كذلك، وكانت فترة عصيبة جداً على الدولة اللبنانية حين شنّت إسرائيل الحرب على لبنان، وكذلك حرب الإرهاب في مخيم نهر البارد، ومشكلات مع حزب الله والحصار الذي فرضه على السرايا الحكومي مدة18 شهراً.

رغم ذلك، فأنا فخور بما حققته من إنجازاتفخور بها، لكن واجهت كثيرا من الاستعصاءات. على سبيل المثال، فيما خصّ إصراري على اعتماد مبدأ الكفاءة والجدارة في التعيينات الإدارية بلبنان.

 

لقدحاولت كثيرا عام 1998 اعتماد قانون ينص على تطبيق تلك القواعد،وقتها كان الرئيس إميل لحود انتخب رئيساً، وهو قد ألغى جميع المواد الإصلاحية لأن هذا كان سيضر بمصالح الأحزاب الطائفية، لأن كل حزب يريد أن يعين الموظفين الذين يسهلوا له تقديم الخدمات لمحازبيهم وفي كثير من تلك الخدمات تكون ضد القانون.ولقد أردت نزع تلك التأثيرات الطائفية عن الإدارة اللبنانية لكنى وجدت مقاومة عنيفة من جميع الأحزاب ولم أستطع التنفيذ، وحاولت بعدها مراراً، إلى أن طبقتها في حكومتي الأولى ولكن ما لبثت الحكومات التي تلت حكومتي الأولى أن تخلت عنها.

عارضت كثيرا القوانين المتعلقة بالتسويات التي كانت تجرى منها في قضية محرقة برج حمود الشهيرة وقانون سلسلة الرتب والرواتب، ولكن مجلس النواب أقرها، وعندما أقرت تلك القوانين كان عليّ أن التزم بتنفيذ تلك القوانين.

 

قلت إن لبنان مرتعا للصراعات.. ماالذي ساهم في ذلك؟

لبنان يعيش على فالق زلزالي، أي أنّه عرضة للزلازل السياسية الإقليمية والدولية. المشكلة الأولى، وهو التزام لبنان بالصراع العربي-الإسرائيلي.وموقفنا في لبنان كان دائماً في أننا مساندين للقضية الفلسطينية ليس فقط لأهداف قومية بل ولأسباب لبنانية أيضاً. ولكن لأن لدينا أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ونريد حلا حقيقيا لهم لأننا لا نستطيع توطينهم خضوعاً منا للتوازنات الداخلية وكون لبنان لا يمكنه تحمل هذا العبء. ولكن لبنان بعد ذلك جرى تحميله أكثر مما يستطيع من أعباء تنوء بحملها الجبال. وهذا بدأ منذ اتفاق القاهرة الذى أعطى الفلسطينيون حق استخدام السلاح من داخل لبنان، ثم جاء حزب الله في 1982، بعد أن واجه لبنان عدة اجتياحات إسرائيلية فيعام1968 و1978 و1982 و1993 و2003 و2006ما أنهك الدولة اللبنانية كما أعطى حزب الله لإسرائيل الذريعة لتهاجمنا في العام 2006، ومازالت إشكالية مزارع شبعا، وفى عام 2006 أثناء ترؤسي الحكومة اقترحنا وضع مزارع شبعا تحت إشراف أممي حتى تجد كلاً من سوريا ولبنان حلا لترسيم الحدود، لكن إسرائيل وإيران وأمريكا وسوريا وحزب الله وقفوا ضد ذلك حتى تستمر مزارع شبعا ذريعة وليستمر لبنان أرضاً للصراعات.

 

تحول حدث في المواقف الدولية تجاه لبنان في أعقاب انفجار المرفأ.. هل تعتقد أن هذا يحمل باطنه كلفة سياسية على لبنان مستقبلا؟

لا شك أن لبنان كان قدبدأ يصبح في عزلة خطيرة انعكست على أوضاعه الاقتصادية والسياسية، وأدّى إلى اختلال كبير وانهيار خطير في ثقة المواطنين بالدولة. ولكن هذا الحادث الكبير المتمثل بتفجير المرفأ وجّه العالم مجددا صوب لبنان وأحدث تعاطفاً معه ومع الشعب اللبناني، وسارعت الدول إلى تقديم معونات إغاثية. في هذا الوقت، عبّرت فرنسا وأمريكا وأشقاؤنا العرب عن موقفهم الواضح في إغاثة لبنان، ولكن كانوا واضحين في أن مساعدة لبنان للخروج من مآزقه الاقتصادية والمالية والنقدية مربوطة بعودته للطريق الصحيح وتنفيذ الإصلاحات التي وضع لبنان معاييرها في أعوام 1998 و2002 و2004 و2007، ووقتها كنت وزيراً ثم رئيساً للحكومة. لكن لم تنفذ هذه الإصلاحات لا تشكّل شروطاً للمجتمع الدولي، لكنها إصلاحات لصالح لبنان. وليس المطلوب هنا معاداة إيران ولكن عدم الانحياز وأن لا يدخل لبنان في صراعات مع أشقائه العرب.

 

زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي إلى لبنان مطلع سبتمبر تعقب زيارات متعددة لمسئولين دوليين، ما جوهر الرسائل التي حملتها تلك الزيارات؟

جوهر تلك الرسائل أن لبنان عليه القيام بالإصلاح الذي تأخر عنه واستعصى عليه.

 

هل باتت ملامح مستقبل لبنان السياسي مرسومة بالتعاون مع الدول الأخرى؟

بلا شك أن الحكم في قضية اغتيال الحريري وما ستسفر عنه تحقيقات تفجير مرفأ بيروت سيكون لها انعكاسات هائلة على المشهد السياسيفي الدولة. كماأن لبنان ليس بمعزل عن مصالح القوى الدولية لكن عليه ألا يترك نفسه تتقاذفه تلك القوى.

لبنان يحتاج أن يعرف نفسه أولا ويحدد أهدافه ومصالح شعبه، لابد أن يكون لنا موقف داخلي مثلما حدث في العام 2006، وعليه تصويب بوصلته الوطنية والسياسية والخارجية وإلا سيضع نفسه في ممر الأفيال وتلتهمه المصالح الدولية.

بوصلة لبنان السياسية والخارجية منحرفة إذ ليس من مصلحة لبنانالتصادم مع دول الخليج والدول العربية الأخرى ودول العالم بسبب إيران وحزب الله دون مصلحة له في ذلك.

وهناك مساعي يبذلها رئيس الجمهورية ليصبح صهره جبران باسيل رئيسا للجمهورية خلفا لعون بدعم من حزب الله.

 

متى تتوقع دعوة الرئيس عون للاستشارات النيابية، ولماذا تأخرت؟

الدعوة للاستشارات النيابية تأخرت لأن الرئيس يريد أن يخرق الدستور، وهو ما سبق وفعله مع حسان دياب، فالمفترض أن الرئيس المكلف هو من يؤلف الحكومة وبالتالي يتعاون مع الرئيس دون فرض خيارات من قبل الرئيس سواء في اختيار رئيس الحكومة او أعضاء الحكومة بل يتعاونان سوية في عملية التأليف بالتشاور والتوافق.

أثيرت دعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتوقيع على عريضة للانتداب الفرنسي وقد وقع عليها حوالى36ألف توقيع.. ما تعليقك؟

هذا الأمر مؤشر على أن الشعب ضاق ذرعا بتصرفات مسؤوليالدولة، وعلينا أن نتفهم الرسالة التي أرسلها الشعب اللبناني وثورة غضبه، وأؤكد أن فرنسا ليست لديها النية لممارسة أي سلطة على

السنيورة










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة