جرائم العثمانيين فى مصر.. مذابح وضرائب باهظة وسرقة تراث واحتلال

الجمعة، 21 أغسطس 2020 04:30 م
جرائم العثمانيين فى مصر.. مذابح وضرائب باهظة وسرقة تراث واحتلال العثمانيون - أرشيفية
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على مدار نحو أكثر من 400 عام، مدة التواجد الغزو العثمانى لمصر، عانت البلاد من جرائم ارتكبها آل عثمان بداية من من السلطان الغازى سليم خان الأول، ذاق فيها المصريون الفقر، ورأوا فيها ويلات العذاب والاحتلال، بسبب ضعف الأتراك، وتركهم البلاد التى من المفترض أنها تحت حمايتهم لتدخل الأعداء، ولم يخرج أى محتل من هذا البلد إلا بيد أبنائه.
 

مذابح وسلاسل دم

وطوال حكم العثمانيين لمصر ظلت صلة مصر بالإمبراطورية العثمانية ضعيفة وغير وثيقة، حسب ما يقول المستشرق والمفكر كارل بروكلمان، فى كتابه "تاريخ الأمم الإسلامية"، واقتصر هم العثمانيين على جباية أموال وخيرات الأمة المصرية، إلى أن جاء محمد على وحصلت مصر على استقلالها الجزئى.
 
لم يكن شهر محرم لعام 923 هجرية الموافق يناير 1517 شهرًا عاديًا مر كغيره من الأشهر على أيام مصر المحروسة، ولكنه كان يوم نكبة وحسرة، وحسب ما يقول المؤرخ المصرى محمد ابن إياس فى كتابه "بدائع الزهور فى وقائع الدهور"، "أنه لم يقاس أهل مصر شدة مثل هذه" ووصل الأمر لوصفه أنه وقع فيها مثل ما وقع من جند هولاكو فى بغداد، وفى موضع آخر من الكتاب أنه "وقع فى القاهرة المصيبة العظمى التى لم يسمع بمثلها فيما تقدم"، و"من حين فتح عمرو بن العاص مصر لم يقع لأهلها شدة أعظم من هذه الشدة قط" هكذا يصف المؤرخ يوم دخول الأتراك العثمانيين أو ما يصفهم بـ"العثمانية" إلى مصر بقيادة سليم خان.
 
ويروى المؤرخ المصرى آيات وقصص الظلم الذى وقع وأصاب المصريين من العثمانيين فى مواضع عدة من كتابه، حيث وصل الأمر إلى سقوط 10 آلاف من عوام المصريين قتلى فى يوم واحد، وحسب وصف ابن إياس لهذا اليوم المشئوم "فالعثمانية طفشت فى العوام والغلمان والزعر ولعبوا فيهم بالسيف وراح الصالح بالطالح، وربما عوقب من لا جنى، فصارت جثثهم مرمية على الطرقات من باب زويلة.. ولولا لطف الله لكان لعب السيف فى أهل مصر قاطبة".
 

ضرائب باهظة 

بعد الغزو، أصبحت مصر ولاية عثمانية. وطوال الفترة من بدايات القرن الـ16 وحتى منتصف القرن الـ18، كتب على المحروسة أن تدفع الضرائب الباهظة، وتقدم خيراتها حصرًا لرجالات إسطنبول الذين اعتبروها أغنى ولايات الإمبراطورية على الإطلاق. وقبل أن يجف ضرعها الذى احتله الأتراك دون رحمة، بدأت مصر فى الانتفاض من جديد ضد العثمانلى وكانت البداية من ثورة على بك الكبير فى الفترة من 1768 وحتى 1773. 
 
وكانت تلك الجزية يحددها السلطان العثمانى، فعلى سبيل المثال فى عام 1866 أصدر السلطان فرمانا بزيادة الجزية التى يستوجب على الخديو إسماعيل دفعها من 376.000 جنيه إلى 720.000 جنيه، وذلك مقابل منحه لقب خديو بدلا من والى، وكانت تلك الأموال يدفعها الحاكم ولا يسمح للحاكم السابق مغادرة مصر حتى يدفع ما عليه من غرامات.
 
وحسبما يذكر كتاب "تاريخ مصر الجزء الرابع - المجلد الثانى، الجزء 3"، للمؤرخ ساويرس بن المقفع، بأن بداية دخول الجبايات والجزية المدفوعة للدولة العثمانية بدأ فى مصر فى عهد السلطان العثمانى محمد الأول (1730- 1754)، حيث أصدر فى ربيع أول 1147 هـ/ أغسطس 1734 ثلاث فرمانات إلى السلطة الحاكمة فى مصر بخصوص تنظيم ضريبة الجوالى، ويقضى الفرمان الأول بأخذ الجوالى من الملتزمين المماليك ويعطى لأمانة الباشا العثمانى، وقضى الفرمان الثانى بتقسيم النصارى واليهود إلى ثلاث فئات الأولى تدفع 400 بارة والوسطى 200 بارة والأخيرة 100 بارة.
 

نهب التراث ونقل أصحاب الحرف

وعلى المستوى الحضارى، كانت القاهرة عامرة بأبنيتها الفخمة وتراثها المعمارى الذى حرض حكامها السابقون من الفاطميين والمماليك على المباهاة بها، وظل منها ما ظل ولم تطله يد الحرق أو النهب والهدم على يد الأتراك الذين هدموا المساجد ذات الطرازت المميزة، مثل جامع شيخو، ولا عجب فقد وصف ابن إياس "العثمانية" بأنهم "قوم همج"، وحسب روايته فـ"لم يكن له (سليم) نظام يعرف لا هو ولا وزراؤه ولا أمراؤه ولا عسكره، بل كانوا همجا لا يعرف الغلام من الأستاذ ولما أقام ابن عثمان فى القلعة ربط الخيول من الحوش إلى باب الجامع، وصار زبل الخيل هناك بالكيمان على الأرض" ـ وعن عسكره يصفهم ابن إياس بأنهم "كانوا جيعانين العين نفسهم قذرة يأكلون الأكل وهم راكبون على خيولهم فى الأسواق وعندم عفاشة فى أنفسهم..".
 
ونقل سليم الأول، أمهر الأعمال وأرباب الحرف فى مصر إلى اسطنبول ما سبب الخراب وتوقف الصناعات التى اشتهر بها مصر، حتى انقرضت 50 حرفة، يقول ابن إياس إن العثمانيين ما رحلوا عن الديار المصرية إلا والناس فى غاية البلية وفى مدة إقامة ابن عثمان فى القاهرة حصل لأهلها الضرر الشامل.
 

سرقة القلعة وفرش المساجد

فى أثناء المداهمات على مصر كان سليم الأول يستدير إلى قلعة الجبل التاريخية لنهبها، فوفقًا لابن إياس، عمد السلطان العثمانى إلى فك الرخام من قاعات القلعة لنقله معه إلى العاصمة العثمانية إسطنبول، يقول ابن إياس فى أحداث شهر ربيع الأول سنة 923 هـ: "وفى هذا الشهر وقع أن ابن عثمان شره فى فك الرخام الذى بالقلعة، فى قاعة البيسرية والدهيشة وقاعة البحرة والقصر الكبير وغير ذلك من أماكن بالقلعة، وفك العواميد السماقى التى كانت فى الإيوان الكبير، وقيل إنه كان يقصد أن ينشئ له مدرسة فى إسطنبول مثل مدرسة السلطان الغوري، فلا تقبل الله منه ذلك". وانتقلت حمى سرقة الرخام من القلعة إلى بيوت المماليك المزينة بالرخام البديع.
 
خيمة المولد النبوى الشريف من تلك التحف المجهولة بالنسبة للسلطان العثماني، يقول ابن إياس: "وفى يوم الجمعة 11 ربيع الأول كانت ليلة المولد النبوي، فلم يشعر به أحد من الناس، وبطل ما كان يعمل فى ليلة المولد من اجتماع القضاء الأربعة والأمراء بالحوش السلطاني.. وأشيع أن ابن عثمان لما طلع إلى القلعة وعرض الواصل التى بها فرأى خيمة المولد فأباعها للمغاربة بـ 400 دينار، فقطعوها قطعا وباعوها للناس ستائر وسفر".
 
ما أن دخل الجيش العثمانى مصر، حتى قام بسرقة ونهب مصر، ولم تسلم حتى المساجد من السرقات، ومنها فرش مسجد السيدة نفيسة ومقامها، وفرش مسجد السيدة زينب، والجامع الأزهر، ومسجد ابن طولون، وذكر ابن إياس أن "الترك لم يتركوا شيئًا للناس، مضيفًا بأن جنود سليم العثمانى مع دخول، ذهبوا إلى مسجد السيدة نفسية فنهبوا الفَرش وداسوا على قبرها، ونهبوا قناديل المسجد وسرقوا ما فيه من الفضة والشموع، وفعلوا مثل هذا السَلب فى مسجد الإمام الشافعى والإمام الليث بن سعد، وخلعوا الرحام والبلاط من القلعة والمدرسة المؤيدية"، ومن الجرائم التى ارتكبها العثمانيون أيضا اقتحام الأزهر الشريف ومسجد ابن طولون وجامع الحاكم، وإحراق جامع شيخو، كما أنهم خربوا ضريح السيدة نفسية وداسوا على قبرها.
 

الاستعمار الإنجليزى

تسبب التدخل العثمانى، وتغيير الحكام بسبب مزاجية السلطان العثمانى تارة، وتارة أخرى لمصالحه مع القوى الأجنبية، فى التسبب فى الاحتلال البريطانى لمصر والذى دام لحوالى 72 عاما، شهدت استشهاد آلاف المصريين، وتبديد ثورات طالة بسبب الخيانة العثمانية.
 
وبحسب الباحث وليد فكرى، فإن السلطان العاجز عبد الحميد الثانى، لم يتدخل لحماية مصر، بل عزل الخديو إسماعيل الذى رفض التدخل الأجبنى، وترك مندوبى إنجلترا وفرنسا ودول أوروبا  يتناقشون علنًا حول من له حق التدخل فى مصر التى كانت آنذاك "ولاية عثمانية"، وللدهشة فإن عبد الحميد قد رفض مقترحًا بأن يرسل القوات العثمانية إلى مصر لفرض الانضباط على الأطراف المتصارعة وتمكين الخديوى توفيق من إقامة حُكم مستقر فيها، بل دعا إنجلترا إلى أن تقوم هى بهذا الدور من خلال تفويضها إدارة مصر أسوة بجزيرة قبرص!.
 
ولم يكتفى الخائن العثمانى عبد الثانى، بذلك فقط، فبعد مقاومة الزعيم الراحل أحمد عرابى للجيش البريطانى، وبينما كان يقترب من توجيه ضربة للمحتل البريطانى، أصدر السلطان العثمانى فرمانًا يتهم فيه عرابى بالخيانة وأنه قد خرج عن الطاعة!، وتهلل الخديو توفيق الخائن والغزاة الإنجليز بهذه الحماقة والخيانة العثمانية.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة