حظت الكلاب بمكانة كبيرة عند الحضارات القديمة، لاسيما فى الحضارة الفرعونية القديمة منذ آلاف السنين، وكانوا جزءا لا يتجزأ من حياة المصريين اليومية، سواء من خلال تربيتهم في البيوت، أم مصاحبتهم في رحلات الصيد والقنص وحراسة الممتلكات، بل ومرافقتهم في المعارك الحربية، وفي الآخرة أيضا حيث خصصت لهم مقابر بجوار مقابر أصحابها.
وكانت حالة من الجدل أثيرت خلال الأيام الأخيرة بشأن تربية الكلاب فى المنزل، وهل هى طاهرة أم نجسة؟.. وهنا تحدث الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية، حكم تربية الكلاب، وهل هو نجس أم طاهر؟، أن جمهور العلماء يعتقد بنجاسة الكلب لكن هناك مذهب المالكية الذى نفتى به يقول إن الكلب طاهر، ولا حرج فى التعايش مع الكلاب والعبادة، وكذلك لا حرج فى الصلاة إذا مس الملابس لعاب الكلب.
الكلب، حيوان من الثدييات من فصيلة الكلبيات من اللواحم، استأنس هذا الحيوان قبل 14000 إلى 150000 سنة، عادة ما يتم وصف هذا الحيوان بالوفاء، ويطلق عليه لقب "أفضل صديق للإنسان" ذلك لمقدرته العالية على تذكر صاحبه ولو بعد انقطاع طويل عنه.. فكيف نظرت الحضارات القديمة لهذا الكائن الوفى المخلص الذى يرفضه بعض المتدينون خطئا.
الفراعنة
عرفت الكلاب في اللغة المصرية القديمة باسم "إوو"، ويرجع اسمها إلى نفس الصوت الذي يصدره الكلب، ومنذ بداية العصر النيوليتي عرفت الكلاب كصائد، بحيث ترافق صاحبها في مطاردة القنائص، وكانت تعد ضمن سكان البیت المصري القديم، حيث تنام على مقربة من سيده، أو في سريره، وترافقه في أشغاله الیومیة، وبعد ذلك تمت الاستعانة بها لحراسة القطعان، وكانت مصاحبا له فى المعارك الحربية، وتعد لوحة الملك "انتف"من ملوك الأسرة الحادية عشر 2120 - 2070 ق.م وكلابه الأربعة خير دليل على مكانة الكلاب في مصر القديمة.
يقول عالم المصريات"جي راشیه" في الموسوعة الشاملة للحضارة الفرعونیة "كانت الكلاب ترجع إلى سلالات مختلفة ومتباينة، ولكن المشاھد والرسوم تبين لنا عن وجود 4 أنواع مميزة منھا: الكلاب السلوقي، وتتمیز بالرشاقة الواضحة ممشوقة القوائم منتصبة الأذنین وملتوية الذيل، وغالبا كان يقتنيها الأمراء وأثرياء القوم، وھي قادرة على العدو الفائق السرعة، وربما يتخذها أصحابھا كمجرد رفقاء مخلصین، وعلى ما يبدو أن أصلھا من بلاد "بونت"، ويسمیھا المصريون بالكلاب "السلوقي"، وغالبا ما ترى في أنحاء مصر المعاصرة أيضا.
وكان يطلق على الكلاب بعض الأسماء منذ عصر الدولة القديمة مثل "نب" أي "السید"، بالإضافة إلى أسماء أخرى تدل على صفات الكلب، منها "الرفیق المخلص"، و"المھاجم الجسور"، وفي فترات أخرى انتشرت بعض الأسماء الأجنبیة التي تطلق على الكلاب، حيث كانت أسماء كلاب الملك "أنتف" الأربعة وهي "بحتى" أي "غزال"، و"بحتيس" بمعنى "أسود"، و"أبیكور" الذي قد يعني "خنزير وحشي"، و"تكرو" أسماء أجنبية.
اليونان
في اليونان القديمة، حرس سيربيروس، الكلب ذو الرؤوس الثلاثة، أبواب جهنم على حافة ستيكس، وبالتالي منع النفوس اللعينة من الهرب، يعتبر الكلب في تاريخ الرومان بالفعل حيوان أليف حقيقي مثل كلب مالطا الذي كان له مكان في الأسرة وكان له دور اللعب مع الأطفال، معظمهم كانوا يعتبرون ألعابًا ومفسدين في الطعام لدرجة أنهم يعانون من السمنة المفرطة، لم يكن أي شيء جيدًا جدًا بالنسبة إليهم، فالتفت انتباههم إلى الأطباق الفاخرة. بالنسبة للحكاية، أعرب يوليوس قيصر عن دهشته من عودته من بلاد الغال لرؤية في أحضان النساء الرومان فقط الكلاب والقرود بدلاً من الأطفال.
الصين
في الصين، يترك الأباطرة مكانًا لكلبهم على العرش. في عام 1000 قبل الميلاد، ظهرت أزياء الكلاب الصغيرة في المحاكم الإمبراطورية الصينية، إنهم يحبون ثم هابّا، كلب صغير يجلس القرفصاء مع أنف سحق، عبر مع الكلب المالطي، وسوف ينجب البكيني أحد أبناء بكين.
قال تشن شين، المنسق فى متحف أونتاريو الملكى فى تورنتو، بالصين، إن الكلاب فى التاريخ الصينى تلقت معاملة ملكية، حيث إنها عاشت فى أجنحة ذات أرضيات رخامية، وكانت تنام ينامون على وسائد حريرية، خصص لها رجال يعملون على العناية بها وتلبيه احتياجاتها، وكانت النساء تقمن بتصميم ملابس فخمة للكلاب وينقشن اسم كل حيوان على بطانات الملابس.
العرب قبل الإسلام
من الاسماء المعروفة عند العرب قبل الإسلام، كلب وكليب وكلاب، وحملت قبائل ورجال لهم شأن عظيم في الجزيرة العربية، قبل ظهور الإسلام، مشتقات من أسماء الكلب: قبيلة أكلب بن ربيعة، قصي بن كلاب سيد قريش وجد النبي محمد، وكليب بن ربيعة سيد قومه قبيلة تغلب.
وقد سبق أن الجاحظ ذكر تسميتهم بالكلب لمعان جميلة فيه، ووافقه في ذلك أبو البقاء الدميري (ت 808هـ) -في كتابه "حياة الحيوان الكبرى" حين قال: "والكلب حيوان شديد الرياضة كثير الوفاء، وهو لا سبع ولا بهيمة، حتى كأنه من الخَلْق المركَّب؛ لأنه لو تم له طباع السبعية ما ألف الناس، ولو تم له طباع البهيمية ما أكل لحم الحيوان".
زذكر ابن سيده الأندلسي (ت 458هـ) -في كتابه "المحكم والمحيط الأعظم"- أن الكلب: "كلُّ سَبُعٍ عَقُور" (العَقُور: المفترس)، ثم قال: "وقد غَلَبَ [هذا الاسم] على الكلبِ النّابحِ"، ولعلّ أوّل من سَمّى كلبًا من العرب قصد السّبُع، ثم تداوله الناسُ وتواطؤوا عليه، قال الجاحظ في ‘الحيوان‘: "فإذا صار حمارٌ أو ثورٌ أو كلبٌ اسمَ رجلٍ معظَّم، تتابعت عليه العربُ... ثم يكثر ذلك في ولده خاصّة بعدَه". أما كلاب فهو جمعُ كلب، وكانت العربُ تسمي بأسماء الوحوش فردًا وجمعًا، سموه بذلك طلبًا للكثرة كما سمَّوا بلفظ سباع وأنمار؛ كما نقل عنهم الدميري.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة