حمل رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، الوزير عباس كامل، إلى جنوب السودان الكثير من الرسائل والتى تمثل منهج ونهج القيادة المصرية فى التعامل مع الأشقاء والأصدقاء، خاصة فى محيطنا الأفريقى الذى يحتاج للتكاتف والمساندة والدعم، ومن هنا قررت مصر القيام بدورها الذى كان مفقوداً (قبل 6 سنوات) نتيجة غياب مصر عن أفريقيا وفقدنا الكثير من الأسس والقواعد فى القارة السمراء، هذا الأمر أصبح يهدد الأمن القومى المصرى، لكن عاد الدور المصرى من جديد بقيام ثورة 30 يونيو التى حملت على عاتقها مساعدة ودعم الأخوة فى القارة السمراء، سواء بجولات السيد الرئيس الذى ذهب العام الماضى لدول أفريقية لم يزرها أى رئيس مصرى من قبل، إلى جانب تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كل مناسبة ليؤكد أن يد مصر ستظل ممدودة لأشقائها فى جميع الدول الأفريقية من أجل تعزيز الاستقرار والأمن والتنمية داخل القارة، وحق القارة فى التنمية والرخاء، وكان كل همه «إسكات البنادق» لإطلاق البناء، وهنا يظهر اهتمام مصر باستقرار شعوب البلدان الأفريقية وحرصها عليها، لذا كانت عودة مصر من جديد بقوة إلى مجالها الحيوى فى أفريقيا تجرى وفقاً لرؤية واضحة من الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يوجه ناظريه صوب الأشقاء الأفارقة عن وعى بأن مساهمة مصر فى عملية البناء والتعمير والتنمية هى واجب ومهمة لم يكن يصح أن تتخلى مصر عنها يوما، ومن تلك الرؤية السياسية، التى تتطور يوما بعد يوم، انطلقت آفاق التعاون الاقتصادى مع دول حوض النيل، وتضع الشركات المصرية أقدامها بقوة فى مناطق مختلفة من القارة، وأصبحت لغة الصداقة وبناء الثقة والمصلحة المشتركة عنوانا ظاهرا يعيد الاعتبار لعلاقات استراتيجية أصابها الإهمال سنوات طويلة، وزيارات الزعماء ورؤساء الحكومات وكبار المسؤولين الأفارقة للقاهرة خير شاهد على تطور العلاقات الثنائية والعلاقات المتعددة الأطراف فى القارة الأفريقية، وعودة مصر للعب أدوار فى حل النزاعات والوساطة الموثوق فيها فى كثير من القضايا، فيما تؤكد الدبلوماسية المصرية طوال الوقت أن رؤية مصر تقوم على الاحترام المتبادل والصداقة العميقة المخلصة، وهنا نكتشف أهمية الزيارة التى قام بها الوزير عباس كامل، مدير المخابرات العامة المصرية، خلال زيارته الثلاثاء الماضى إلى جمهورية جنوب السودان، والتقى خلالها بالرئيس سيلفاكير ميارديت، وسلّمه رسالة من الرئيس المصرى، عبدالفتاح السيسى، للتهنئة بتنفيذ استحقاقات السلام والإعراب عن دعم مصر الكامل لجنوب السودان فى سبيل تحقيق الاستقرار والأمن، كما تناولت الزيارة العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تحقيق التعاون المشترك، كما التقى بـرياك مشار، النائب الأول لرئيس الجمهورية، إذ تناول اللقاء التهنئة بتنفيذ مخرجات اتفاق السلام، وتعيينه نائبًا أول للرئيس، والتأكيد على دعم مصر لشعب جنوب السودان من أجل تحقيق السلام الدائم والاستقرار.
كان الغرض الرئيسى من الزيارة هو افتتاح المركز الطبى الحديث الذى أنشأته مصر فى العاصمة جوبا نظراً للظروف الإنسانية التى تمر بها جنوب السودان فى ظل موسم الفيضانات الحالى، لذا جاءت زيارة وزيرة الصحة المصرية ضمن الوفد للوقوف على الحالة الإنسانية، خصوصاً أن القاهرة تهتم بالإنسان الأفريقى وتقدم العديد من المبادرات والمنح خاصة فى مجالى الصحة والتعليم، وجاء رد فعل من الرئيس سيلفا كير الذى قدم الشكر لمصر على المساعدات التى تم تقديمها لتنفيذ الترتيبات الأمنية، وكذلك المساعدات الطبية لمواجهة آثار السيول والفيضانات فى جنوب السودان.
ولا يخفى على أحد الأهمية التى توليها مصر لعلاقاتها بالأشقاء فى جنوب السودان، والتى تعتبرها بمثابة أرض التواصل بين شمال القارة الأفريقية وجنوبها، وهو ما حرصت عليه مصر دوماً على مدى السنوات السابقة، ولا ننسى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، طلب توجيه الحملة الرئاسية لمكافحة فيروس سى إلى جنوب السودان، حيث تم توقيع الكشف الطبى على 1500 مواطن جنوبى، وتقديم العلاج اللازم لهم، وكذلك توجيه القوافل الطبية، وتقديم 7 أجهزة للغسيل الكلوى لمستشفى جوبا، وهو ما يجعلنا نتوقفت كثيرا أمام مشهد افتتاح الوزير عباس كامل، رئيس المخابرات العامة، والدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، للمركز الطبى الذى جاء فى ظل ظروف غاية فى الصعوبة هناك، والذى رحب به المواطنون والمسؤولون فى جوبا لكونه يحمل الكثير من المعانى الإنسانية، خاصة أن المركز بدأ منذ 12 عاماً وكان قائماً على 3 تخصصات فقط ليصبح حالياً المركز الطبى المصرى، والذى يحتوى على 12 عيادة بـ8 تخصصات مختلفة (عيادتان للأمراض الباطنة والنساء والولادة والأطفال والأسنان وعيادة واحدة لكل من الأمراض الجلدية والتناسلية والجراحة العامة والعيون وجراحة العظام)، وتم تطوير معمل التحاليل الطبية ليحتوى على أحدث الأجهزة الدقيقة، وتزويد المركز بجهاز أشعة حديث يعمل على جميع الأشعات، وهو إضافة جديدة، وكذلك صيدلية تحتوى على جميع الأدوية اللازمة، وتقديم خدمات طبية رفيعة المستوى، مع العلم بأن مصر عملت منذ استقلال الجنوب على تقديم المساعدات الطبية للأشقاء فى جنوب السودان، والتى بلغت 18 طن أدوية و11 طن ألبان أطفال، و11 طن مستلزمات لمكافحة فيروس كورونا المستجد، وقد تم تشغيل المركز المصرى فى دولة جنوب السودان من خلال فريق طبى من وزارة الصحة وكذلك يقوم بتدريب الأطقم الطبية من فريق أطباء السودان، والتمريض من جنوب السودان وجميع المستلزمات الطبية تذهب إلى المركز بشكل دائم، وهو ما أكدت عليه وزيرة الصحة المصرية أثناء لقائها نظيرتها فى دولة جنوب السودان، إليزابيث أشواى، للتباحث بشأن تطوير وتعزيز التعاون بين مصر وجنوب السودان فى المجال الطبى، وهنا كانت توجيهات الرئيس حاضرة وسريعة بتوفير كامل الدعم لجنوب السودان، خاصة أن مصر بذلت منذ اعترافها وترحيبها بدولة الجنوب الوليدة وقبل ذلك جميع سبل الدعم والمساندة للأشقاء فى دولة جنوب السودان الشقيقة وفى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانية والتنموية، اعترافاً بأهمية تطوير الجنوب وأهمية العمل على تنميته، وتحقيق السلام الشامل والعادل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة