السيد شحتة

التحرش جريمة مع سبق الإصرار والترصد

الخميس، 09 يوليو 2020 01:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يكن التحرش أبدا جزءا من ثقافتنا وتكوين مجتمعنا، فنحن بلد شرقى محافظ بطبيعته، يلعب الدين جزءا أساسيا فى تشكيل وعى مواطنيه مسلمين ومسحيين، كما أن الأعراف والعادات المستقرة لدينا منذ زمن طويل والتى توارثناها من أجداد الأجداد تجعل الرجل يهب دوما لنجدة المرأة حتى لو لم يكن له بها سابق معرفة من قبل.
 
فى وسائل المواصلات العامة يتسابق الرجال من أجل التنازل عن مكانهم لسيدة كبيرة أو فتاة كى تجلس فيه، لأن شهامتهم تأبى أن يجلسوا وتقف شابة أو مسنة، وفى مصر وحدها تجد منافسة لمساعدة حواء على حمل طفل أو حقيبة ثقيلة ولا زلت أذكر ذلك الشاب الذى أصر على أن يحمل على رأسه متعلقات كثيرة لسيدة مسنة من الباص حتى باب بيتها رغم أن المسافة ليست قصيرة.
 
لا يجب أن نترك لبعض النماذج المريضة التى يتم الكشف عنها بين فترة وأخرى الفرصة لتشويه صورة الحياة فى بلادنا، فالخير فى هذه الأمة موصول إلى يوم الدين، نعم هناك أخطاء تقع وجرائم ترتكب لكن مصر ليست أرضا خصبة للتحرش، والمتورطون فى هذه الجريمة غير الأخلاقية يجب الضرب على يدهم بقوة حتى لا يعودوا لها من جديد ويتحقق الردع لكل من تسول له نفسه للحظة بارتكاب مثل هذا الجرم.
 
العودة للتاريخ تبدو مفيدة فى التعرف على أسباب الداء ومن ثم وضع علاج فعال له، والحقيقة أن مصر رغم كل الانفتاح الذى كانت تعيشه فى الخمسينات والستينات لم تشهد أى حوادث تحرش لفظى أو جسدى كتلك التى بدأنا نسمع عنها خلال السنوات الأخيرة.
 
والسبب فى ذلك أن الأسرة كان لها دور حاسم فى تشكيل وعى وتفكير كل فرد من أفرادها، كما أنه كان للعادات والأصول والتقاليد قدر كبير من الاحترام الذى لا يمكن تجاوزه، كما كان الجميع مشغولون بالقضايا الوطنية الكبرى، وكان للمفكرين العظام فى تلك الفترات دورا ملحوظا بتغذية الشعور القومى وإعلاء جانب الأعراف والتقاليد فى هذا الصدد حتى الحالات النادرة التى ظهرت فى الستينات كان يتم التعامل معها عبر وضع المتحرش فى أحد المعسكرات الأمنية وحلق شعره وحبسه لفترة من الزمن حتى لا يعود لفعلته مرة أخرى.
 
يرتكب البعض حماقة كبرى اليوم عندما يحاول أن يلقى بالتبعة فى جرائم التحرش التى تقع بين فترة وأخرى على طريقة لبس الفتيات، فالأمر هنا أشبه ما يكون بلص يبرر جريمة سرقته لأحد الأشخاص قائلا: "ده معاه فلوس كتير"، كما أن وقائع التحرش بالمحجبات وهى متعددة تكشف أن المتحرش لا هدف له سوى قتل ضحيته معنويا وإثارة الفزع فى نفسها سواء كان جرمه لفظيا أو ماديا.
 
التحرش جريمة مكتملة الأركان يشترك فيها كل من يسكت عنها أو يحاول بأى شكل من الأشكال تبرير ارتكابها أو الدفاع عن مقترفها أو التضامن معه بأى صورة كانت، فعندما تقف فى خندق الجانى ضد الضحية فيجب عليك أن تنتظر نصيبك من العقاب إن لم يكن فى الدنيا ففى الآخرة.
 
من حق كل سيدة وكل فتاة أن تسير بأمان كامل فى الشارع وهى فى طريقها لبيتها أو عملها أو لقضاء احتياجات أسرتها، فهى فى مظلة مجتمع متحضر يكفل بعضه بعضا ويرحم كبيره صغيره ويحمى القوى فيه الضعيف.
 
وللمتحرش أقول، تذكر أن أبسط مبادئ الرجولة تقتضى ألا تكره أحدا على فعل تأباه نفسه خاصة إذا كان هذا الشخص سيدة أو فتاة تسير بمفردها فى الشارع، وعليك أن تجعل نصب عينيك حكمة الحياة الخالدة وهى أنك كما تدين تدان، وإذا كنت ترفضه لأمك ولأختك ولزوجتك فيجب ألا تقبله لابنة أو أم أو زوجة آخر قد تكتشف بالصدفة بعد ذلك أنه جار أو أخ أو صديق.
 
ولكل فتاة أو سيدة تعرضت يوما ما للتحرش بأى شكل من أشكاله فنحن جميعا رجال ونساء مصر مدينون لك باعتذار عن هذه الجريمة التى مازلتى تعانين حتى اللحظة من تأثيراتها النفسية المزلزلة على كيانك.
 
فى المقابل أحسب أن تكرار هذه النوعية من الجرائم غير الأخلاقية يتطلب تعديلا تشريعيا لتغليظ العقوبة واقترحا أن تتضمن نشرا لأسماء وصور المتحرشين وحلق شعرهم بشكل معين كما كان يحدث قديما بصورة تضمن قدرا كبيرا من الردع الذى يؤدى إلى التفكير ألف مرة قبل الإقدام على مثل هذا الجرم.
 
وفى الوقت نفسه فإن الأسر مدعوة إلى مزيد من تفعيل دورها فى تنشئة وتكوين الأبناء وهو ما يضمن الحد بنسبة كبيرة من مثل هذه التصرفات المخلة.
حفظ الله بنات وأبناء مصر من كل مكروه وسوء 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة