"سارع بالحجز.. مجموعات دروس تضم أعدادا محدودة حرصا على التباعد الاجتماعى"، "أماكن مجهزة للدروس حرصا على صحة الطلاب ومواجهة فيروس كورونا"، هذه عينة من إعلانات كثيرة عن الدروس ومجموعات التقوية الخاصة بأمبراطور الكيمياء وأسطورة الفيزياء وغيرها من الألقاب التى برع عدد من المعلمين فى إطلاقها على أنفسهم والتى انتشرت بقوة خلال الساعات الماضية عبر جروبات الواتس آب الخاصة بالماميز ومواقع التواصل الاجتماعى المختلفة وكلها تتفق على شىء واحد هو انطلاق موسم الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية عقب إجازة عيد الأضحى المبارك، وتحديدا فى بداية شهر أغسطس المقبل، فى وقت لم يحسم فيه بعد موعد أو شكل العام الدراسى الجديد، فيما تظل الخيارات مفتوحة فى التعامل مع الأمر فى الوقت الذى أحرزت فيه جهود مكافحة كورونا نجاحا ملحوظا انعكس فى صورة تراجع متواصل فى أعداد الإصابات.
الحقيقة أن شهر أغسطس تم اختياره منذ عدة سنوات كموعد لبداية موسم الدروس، حيث جرى العرف على أن تسبق انطلاق العام الدراسى بأكثر من شهر ونصف وهو الأمر الذى لا نجد له تفسيرا أو مبررا واضحا حتى اللحظة، وبعيدا عن الحيرة الدائمة التى تسيطر على الكثير من أولياء الأمور والضغط المبكر الذى تتعرض له الكثير من الأسر، فإن علامات الحيرة تتضاعف هذا العام، والعشرات من علامات الاستفهام تعلو المشهد عن السبب الذى دفع عشرات المدرسين إلى اتخاذ قرار كهذا فى وقت تتشبث فيه الدولة بالإجراءات والتدابير الاحترازية لمواجهة فيروس يبدو غامضا ومجهولا ومراوغا حتى اللحظة.
هل يعقل فى ظل إغلاق المساجد فى صلاة الجمعة واستمرار إغلاق قاعات الأفراح وحظر أى شكل من أشكال التجمعات الكبيرة وإصرار نواب البرلمان على أن تقوم وزارة التربية والتعليم بوضع حلول ومقترحات جوهرية للقضاء على الكثافة الطلابية فى الفصول قبل بدء العام الدراسى الجديد أن يتم الإعلان عن بداية موسم الدروس؟.
أحسب أن خطرا كبيرا يلوح فى الأفق ويجب الانتباه له جيدا، ففتح سناتر الدروس وإن كانت مرخصة ورسمية يجب ألا يتم بقرار متسرع ويفترض أن يكون محكوما بالمصالح العليا التى تتعلق بسلامة وصحة الطلاب والمعلمين وأسرهم بعيدا عن حسابات الربح والخسارة المادية التى يجعلها البعض مقياسا للحكم على الأمور.
أغرب ما فى الأمر بحسب ما رواه لى عدد من الأصدقاء، هو أن بعض المدرسين الذين كانوا مترددين فى اتخاذ قرار كهذا دفعوا له دفعا تحت ضغط عدد من أولياء الأمور الذين يرون فى الأمر فرصة فى تعويض بعض ما فات أبناءهم بسبب النهاية المبكرة للعام الدراسى الماضى بسبب الوباء.
إلى هذا الحد انتحر المنطق تحت أرجل بعض من قادهم تفكيرهم إلى أن يضروا أنفسهم والناس بدلا من أن ينفعوهم أو حتى يكفوا أذاهم عنهم، لماذا يفرض البعض متطوعا على أنفسهم وعلى الآخرين معركة هم فى غنى كامل عنها؟.
الإنصاف يقتضى منا ألا نلقى باللوم على المعلمين وحدهم فهم لم يجبروا الطلاب على أن يذهبوا مبكرا لتلقى الدروس الخصوصية والمخاطرة بصحتهم وصحة أسرهم، كما أن المعلمين الذين أعلن عدد كبير منهم عن زيادة فلكية فى أسعار الدروس بحجة تخفيض الأعداد فى السناتر والمجموعات لمواجهة الوباء لم يضربوا أحدا على يده كى يذهب إليهم .
ولأولياء الأمور أقول، هل من المنطق أن تغلقوا أمام أبنائكم كل الأبواب طوال الفترة الماضية ليقضوا ساعات طوال بين جدران المنزل الأربعة خوفا عليهم من الوباء، ثم تلقون بهم اليوم فى قلب النار فى سناتر الدروس ومجموعات التقوية قبل أن يتحدد حتى شكل العام الدراسى الجديد؟.
أظن أن تحركا مبكرا لمواجهة موسم الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية وسناتر بير السلم يبدو حتميا قبل أن تتحول مثل هذه الأماكن إلى بؤر جديدة لنشر الوباء بعد أن تمكنت الدولة من قطع شوط كبير فى طريق مواجهته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة