- حاكم يحتمى بجماعة ضد القضاء والإعلام والكنيسة والأزهر والجيش والشرطة
لم تكن المسؤولية سهلة على دولة 30 يونيو.. فميراث السنة اليتيمة لحكم جماعة الإخوان كان ثقيلًا ومريرًا وكئيبًا.. المشهد السياسى فى مصر طوال هذا العام كان يهدد بالفوضى الداخلية والانقسام، فمشروع الإخوان الفوضوى أدى طوال عام كامل إلى حالة من التوتر والاضطراب والعصبية والصراع بين مؤسسات الدولة.. ودخل ممثل الجماعة فى الحكم «رئاسة الجمهورية» فى صراع مع كل مؤسسات الدولة الرسمية والشعبية بسبب مشروع الهيمنة والسيطرة و«الأخونة»، الذى قاومته المؤسسات الوطنية بكل ما تملكه، فلم يكن هناك بد من تجاوز الإخوان للخطوط الحمراء للنسيج الاجتماعى المصرى وإعلان العداء السافر بجذوره التاريخية مع الجيش والقضاء والكنيسة والأزهر والإعلام والشرطة.
لم يتصور عاقل أو من تبقى لديه بقايا من عقل أن تستمر هذه الجماعة فى الحكم، فى ظل هذا الكم من التوتر والفوضى والصراع مع مؤسساتها أو بشكل أدق أعمدتها وأركانها الوطنية.. ولولا ثورة الشعب وتضامن الجيش معها لم يكن أحد يتصور شكل الدولة المصرية، فى ظل حالة الصراع والانقسام والاستقطاب الحاد فى المجتمع بمؤسساته.
قبل 30 يونيو بأيام أدرك الجيش خطورة ما يحدث فى الداخل..فالمشهد غائم.. ضبابى وسوداوى.. فالجماعة الإرهابية قطعت كل الخيوط مع المؤسسات، وأعلنت الحرب عليها، واحتمى ممثلها فى قصر الرئاسة بـ«الأهل والعشيرة».. فكان الإنذار الأول والثانى والأخير، لكى يتحمل الجيش مسؤولياته الدستورية لحماية وصون الدولة من الانهيار.. واستجاب لإرادة الشعب.
المهمة كانت دقيقة للغاية والمسؤولية صعبة.. ودولة 30 يونيو أمامها مهمة ثقيلة لتبريد وإطفاء كرات النار المشتعلة فى أعمدة الدولة المصرية، ووأد حالة التوتر والاستقطاب سريعا، بعد أن أصبح الجميع على حافة الهاوية مع نهاية حكم الجماعة.
وحتى لا ننسى.. ودون إسهاب والدخول فى التفاصيل، لا بد من قراءة المشهد طوال عام حكم الجماعة، وعلاقتها بمؤسسات الدولة، التى لم تنسَ ثأرها التاريخى معها.. حتى ندرك كيف كان الوضع صعبًا والطريق شائكًا ومليئًا بالجروح أمام دولة 30 يونيو.
الإخوان والكنيسة
عقب ثورة 25 يناير 2011 حاول الإخوان الإيهام بتغيير فكرهم والانسلاخ من جلدهم، وعملوا على تغيير الصورة النمطية التى كانت مأخوذة عنهم، من الإرث الكبير فى الاعتداءات على الأقباط والكنائس، وذلك فى سبيل الوصول إلى الكرسى وحكم البلاد، فأطلقوا التصريحات الرنانة، وزار رئيسهم «الإستبن» محمد مرسى قبل الوصول للحكم الكاتدرائية المرقسية، وحضروا قداسات العيد، وفى ظل الانفلات الأمنى صرح قادتهم بأنهم سيحمون الكنائس أثناء الاحتفالات، وحاول مرشح الإخوان فى ذلك الوقت إلقاء تهمة الاعتداء على الأقباط على النظام السابق والظهور بمظهر الحمل الوديع، وألقوا بطُعمهم للأقباط بالإعلان عن تعيين مساعد قبطى لرئيس الجمهورية إذا وصلوا للحكم، ولكن الأقباط والكنائس لم تصدقهم، بل كانت تخشى منهم، فأيد غالبيتهم المرشح المنافس للإخوان فى هذا الوقت الفريق أحمد شفيق، ليقوم الإخوان بتهديدهم وإرعابهم، ومنعوا العديد من الأقباط من الوصول للجان الانتخابات فى الصعيد، وهى القضايا المثبتة قضائيًّا.
بعد وصول الجماعة للحكم، عانى الأقباط أشد معاناة من الإخوان خلال عام حكمهم اليتيم لمصر، ومارسوا هواية التحريض عليهم، وحرموا تقديم التهنئة لهم بالعيد، وامتنع رئيسهم وقياداتهم عن الذهاب للكاتدرائية، وخرجت الفتاوى السلفية التى تحرم حتى على سائقى الميكروباصات توصيل القساوسة والأقباط للكنائس. وحينما هب الشعب ثائرًا على الإخوان ونظامهم لم تجد قيادات التنظيم الإرهابى إلا إلصاق حالة الغضب بالأقباط، وأنهم هم من يحشدون الجماهير فى الشوارع ويحاصرون قصر الاتحادية، حيث وقعت الاعتداءات الطائفية على الأقباط أمام مقر مكتب الإرشاد فى المقطم وأمام قصر الاتحادية، وقبلها بأشهر قليلة وقع أول اعتداء فى التاريخ على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، حيث المقر البابوى أثناء جنازة بعض ضحايا الحادث الطائفى، الذى وقع بمنطقة الخصوص فى القليوبية.
وبعد زوال حكمهم، أظهر الإخوان وأنصارهم أشد ما لديهم من كراهية وبغضاء للأقباط والكنائس، فدمروا العشرات من الكنائس خلال يوم واحد هو يوم 14 أغسطس 2013، عقب فض اعتصامى «رابعة العدوية والنهضة»، كما تم الاعتداء على الأقباط خلال خروج حفل زفاف بكنيسة العذراء فى منطقة الوراق بالقاهرة، ليسقط الكثير من الضحايا بينهم أطفال، وتواصل مسلسل الاعتداء بقتل الكهنة فى محافظة شمال سيناء، وذبح 21 قبطيًّا فى ليبيا على يد ما يسمى تنظيم داعش الإرهابى، وإثارة النعرات الطائفية والاعتداءات على منازل الأقباط، وممتلكاتهم فى الصعيد، خاصة محافظة المنيا، وصولًا إلى الاعتداء الإرهابى على الكنيسة البطرسية فى العباسية، الذى راح ضحيته عشرات القتلى والمصابين، والذى ظهر أن الجماعة تقف خلفه. وسجلت الإحصائيات الرسمية 90 واقعة من الاعتداء على الكنائس والمنشآت القبطية، التى دمرها الإخوان، والتى استهدفت إشعال الفتنة الطائفية.
حالة الاستقطاب دفعت الكنيسة المصرية إلى الانخراط فى السياسة، رغم محاولة البابا تواضروس الثانى تهدئة الأوضاع وضرورة ألا تتدخل الكنيسة فى السياسة والتركيز على الأنشطة الدينية.
فى إطار هذه الأجواء عاد المسيحيون إلى الكنيسة طلبًا للحماية، وعاد البابا الجديد إلى إستراتيجية سلفه، حيث تصرف بوصفه الممثل الوحيد للأقباط فى المجال السياسى، فاعتمد البابا تواضروس الثانى لهجة ناقدة نحو جماعة الإخوان، متهمًا إياها بتهميش الأقباط. كما ذهب أبعد من ذلك، فاعترض على بعض سياسات مرسى الأخرى، بما فى ذلك محاولته إقالة عدد من القضاة.
انتهزت جماعة الإخوان المسلمين فرصة انخراط الكنيسة فى السياسة لحشد الدعم لسياساتها فى أوساط بعض المسلمين المحافظين دينيًّا. وخلال الجدل حول الاستفتاء الدستورى فى ديسمبر 2012، اتهم الإخوان الكنيسة بتعبئة الراهبات للتصويت ضد مشروع الدستور. وقد سهلت المزاعم القائلة بأن المعارضة قبطية فى الأساس، على الإخوان إقناع المسلمين المحافظين بالتصويت بالموافقة على الدستور، لا سيما فى صعيد مصر.
الواقع أن الكنيسة أدت دورًا مهمًّا فى إطاحة مرسى، فبعد الاحتجاجات الواسعة التى جرت فى 30 يونيو، دعا الجيش ممثلين عن السلطة القضائية والحركات الشبابية والمعارضة السياسية والكنيسة القبطية والأزهر، المؤسسة الدينية الرائدة فى مصر، يوم 3 يوليو، إلى البحث فى إيجاد حل للأزمة السياسية. وافق المشاركون، بمَن فيهم البابا تواضروس الثانى، على ضرورة عزل مرسى وعقد انتخابات رئاسية مبكرة. وألقى البابا تواضروس الثانى خطابًا عبر فيه عن تأييده لتدخل الجيش، والعملية السياسية الجديدة التى أعلن عنها السيسى، الذى كان وزيرًا للدفاع آنذاك.
كما شاركت الكنيسة فى اللجنة التى كُلفت بصياغة نسخة معدلة من دستور العام 2012، الذى تم اعتماده خلال فترة حكم الإخوان المسلمين. فضلًا عن ذلك، أيد البابا تواضروس الثانى مشروع الدستور الجديد، وكتب مقالًا فى صحيفة «الأهرام» المملوكة للدولة، يدعو فيه المصريين إلى الموافقة عليه فى الاستفتاء المقرر إجراؤه فى يناير 2014. كما شجع السيسى على خوض انتخابات الرئاسة، واصفًا ترشيحه بـ«الواجب الوطني».
الإخوان والقضاء
لم تتوقف محاولات جماعة الإخوان الإرهابية عند حد تخريب مؤسسات الدولة وأجهزتها، وفرض سطوتها على كل مقاليد الأمور فى الدولة، بل وصل الأمر إلى حد التطاول والاعتداء على السلطة القضائية، وتنفيذ العديد من المخططات لتدميرها وتخريبها، بدءًا من محاصرة المؤسسات، مرورًا بتمكين أعضاء الجماعة من تقلد أعلى المناصب فى كل الجهات القضائية على خلاف القانون، وصولًا إلى حد اغتيال القضاة المعارضين لهم.
تعرضت السلطة القضائية فى مصر لأبشع أشكال وممارسات الإرهاب الأسود، من أجل تكميم الأفواه وإخراس صوت العدالة، ولى ذراع القانون، والتغاضى عن الجرائم التى ترتكبها الجماعة وتنظيمها وذراعها السياسية حزب «الحرية والعدالة» عن أى محاسبة، ومارست الجماعة أساليبها فى التنكيل بكل المخالفين لها ولقراراتها.
وكذلك تعديل قانون السلطة القضائية، الذى كان يهدف إلى عزل ربع القضاة، وكان نادى القضاة فى المقدمة مدافعًا عن السلطة القضائية من خلال اجتماعاته، وجمعياته العمومية التى التف حولها قضاة مصر، وتم إجهاض تعديل قانون السلطة القضائية الذى كاد يعصف بربع قضاة مصر، من خلال تخفيض سن تقاعد القضاة لعزل عدد كبير منهم، فى الوقت الذى يعانى فيه القضاء نقصًا عدديًّا كبيرًا.
ومن أبرز الوقائع التى فضحت جرائم الإخوان ومخالفتهم القانون، بدء المعزول محمد مرسى حكمه بمخالفة صريحة للأحكام القضائية، بعدما أصدر قرارًا بعودة مجلس الشعب الذى قضت المحكمة الدستورية العليا بحله.
وكان القرار الأغرب ضد القضاة، يتمثل فى إصدار قرار بالمخالفة للدستور بعزل النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، من منصبه، وإعطائه وظيفة سفير فى الفاتيكان، وهو ما أثار حالة غضب وثورة داخل الأوساط القضائية، بالإضافة إلى تحصين مجلس الشورى واللجنة التأسيسية لإعداد الدستور، بحيث لا يُحل أى منهما كما حدث فى مجلس الشعب.
وجاء الإعلان الدستورى كالطامة الكبرى، الذى أصدره مرسى فى 22 نوفمبر 2012، ليثير الرأى العام برمته، وتقف القوى الشعبية والوطنية ضد نظام الإخوان، بعدما منح مرسى لنفسه صلاحيات مطلقة بموجب هذا الإعلان، وأعاد هذا الإعلان غير الدستورى مصر إلى أسوأ عهود القمع وتكميم الأفواه، وضمنت المادة الثانية تحصينًا للإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات السابقة عن رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة فى 30 يونيو 2012 وحتى نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد، لتكون نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أى جهة، كما لا يجوز التعرض بقراراته بوقف التنفيذ أو الإلغاء، وتنقضى جميع الدعاوى المتعلقة بها والمنظورة أمام أى جهة قضائية، وفى ذلك تحصين لم يحدث من قبل لأى رئيس دولة فى العالم.
وفى محاولة للانتقام ومعاداة السلطة القضائية ونظرًا لخلافات الإخوان والرئيس مع بعض قضاة المحكمة الدستورية العليا، تم استبعاد سبعة قضاة من بينهم المستشارة تهانى الجبالى، وهو مشهد تاريخى غير مسبوق، بسبب مواقف شخصية، واعتبره الكثيرون بمثابة عدوان حقيقى على السلطة القضائية.
ووقف القضاة لإعلان رفضهم مشروعَ قانون تعديل قانون السلطة القضائية، الذى كان من المفترض مناقشته داخل مجلس الشورى، وينص على خفض سن تقاعد القضاة من 70 سنة إلى 60، ما يؤدى إلى عزل نحو 3500 قاضٍ من وظيفتهم القضائية.
كان المشهد الأكثر مأساة هو حصار المحكمة الدستورية العليا فى ديسمبر 2012 لمدة 18 يومًا، حيث لم يتمكن مستشارو المحكمة من الحضور، بعدما احتشد الآلاف من المنتمين للجماعة أمام مقر المحكمة الدستورية، وأغلقوا كورنيش المعادى ورددوا هتافات ضد المحكمة.
وبعد عزل مرسى من منصبه توالت أكثر الوقائع والعمليات الانتقامية التى ارتكبها الإخوان، وكان أبرزها محاولة الإخوان استهداف المستشار أحمد أبو الفتوح، عضو اليسار للدائرة التى أدانت الرئيس المعزول فى قضية «أحداث الاتحادية»، وأيضًا محاولة اغتيال المستشار خالد محجوب، رئيس محكمة جنايات الإسماعيلية، الذى ينظر قضية «هروب قيادات الإخوان من السجون»، ومحاولة اغتيال المستشار يوسف نصيف، القاضى بمحكمة الخانكة، الذى أطلق النار عليه من قبل مسلحين مجهولين، فضلًا عن المستشار طارق أبو زيد، قاضى محكمة جنايات الفيوم، الذى أطلقت النيران عليه من سيارة يستقلها ملثمون، كما تعرض المستشار رامى منصور، رئيس نيابة البدرشين الأسبق، إلى محاولة اغتيال، عقب زرع عبوة ناسفة أسفل حجرته بمحكمة البدرشين، وتم التعامل مع تلك العبوة وإبطال مفعولها.
وجاء اغتيال المستشار هشام بركات، النائب العام السابق، ليكشف عن الوجه القبيح لجماعة الإخوان، حيث كان يعد واحدًا من أهم القضاة الذين كان لهم دور كبير فى فضح جرائم جماعة الإخوان.
وفى مايو 2015، قامت الجماعة الإرهابية باغتيال 3 قضاة فى مدينة العريش بشمال سيناء، بعد هجوم إرهابى مسلح على عربة كانت تقلهم، عقب إصدار الحكم بإحالة أوراق الرئيس المعزول محمد مرسى و103 من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية إلى فضيلة المفتى.
الإخوان والإعلام
عام الجماعة الإرهابية الأسود فى الحكم شهد تهديد الصحفيين وقتلهم، وهيمنة الجماعة على مفاصل الدولة، والهجوم على الإعلام عبر وقفات أمام الإنتاج الإعلامى.
جرائم الإخوان تمثلت فى التهديد المستمر من قبل جماعة الإخوان للمعارضة فى محاولة لتكميم الأفواه، وكذلك تهديدها للإعلام الذى تمثل فى المظاهرات التى نظمتها الجماعة وعناصرها أمام مدينة الإنتاج الإعلامى، والتهديد المستمر لمنع فضح الإعلام لجرائم الإخوان، بجانب قتل الصحفيين الذى تمثل فى واقعة الصحفى الحسينى أبوضيف الذى قتل فى أحداث الاتحادية.
جرائم الإخوان تمثلت أيضا خلال حكم الجماعة فى السيطرة والهيمنة على جميع مفاصل الدولة، ورفض أى أصوات تنادى بوقف الجماعة لجرائمها، واستخدام شباب الجماعة فى الحشد لتمرير قرارات الجماعة، والتهديد المستمر للمعارضين.
الجماعة كانت تضغط من أجل مواجهة الانتقادات التى توجه لها، خلال فترة حكم مرسى، وصلت إلى حد مطالبة محمد مرسى بالقبض على المعارضين، وغلق الصحف وممارسة كل أشكال الانتهاكات على الإعلاق لكتم الأصوات المعارضة، لتحاول عناصر وقيادات الإخوان الآن، تجميل صورة مرسى والجماعة بادعاءات بأن مرسى لم يحبس أو يقتل الصحفيين، وأنه كان يؤمن بحرية الرأى، إلا أن أفعالهم كانت تؤكد عكس ذلك تماما.
وفى أحد الاجتماعات طالب مرسى بحس كل المعارضين له، وبإجراءات قمعية على الصحفيين لوقف المعارضة ضده، وفضح ممارساته، ولا تنسى الجماعة الإعلامية القائمة السوداء للإعلاميين التى أعدها الإخوان للإطاحة والتنكيل بأكثر من 50 صحفيًّا وإعلاميًّا فى حالة فشل 30 يوينو.
الإخوان والأزهر
فى التجاذبات والاضطرابات والاستقطابات فى المجتمع خلال عام حكم الجماعة، انحاز الأزهر إلى الشعب ومطالبه بقوة، ووقف بجانب المطالب الشعبية التى زعم أنصار الجماعة وقتها أنها حرب ضد الإسلام، ولكن وقوف الأزهر أكبر مؤسسة إسلامية فى العالم فى صف إرادة الشعب، قطع عليهم هذا الطريق وحسم الأمر فى قلوب وعقول الشعب.
خاض الإمام أحمد الطيب حربًا خلال فترة تولى الإخوان بسبب محاولتهم اختطاف مصر بكل مؤسساتها وعدائهم الشخصى له منذ كان رئيسًا لجامعة الأزهر، حيث شهدت فترة رئاسته لجامعة الأزهر تحريضا لطلاب الجماعة داخل الجامعة، حتى إنهم أقاموا عرضًا عسكريًّا داخل الجامعة، واستمر عداء الجماعة للشيخ بعد توليه منصب شيخ الأزهر، حيث كانت الجماعة تدفع شبابها كثيرًا للتظاهر ضده، وهو ما وصل إلى حد محاولة اقتحام المشيخة ومكتب الشيخ، ولكنه أبدًا لم ينجرف إلى هذه المهاترات.
خلال المظاهرات، دعا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، المصريين إلى إنهاء حالة الانقسام التى تشهدها البلاد، والتى قد تجرها إلى كارثة محققة، مشددًا على أن وحدتهم فوق كل اعتبار.
ودعا الرئيس عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع فى ذلك الوقت، الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، لعقد اجتماع فى الثالث من يوليو 2013، مع عدد من الشخصيات، بحضور البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وممثلين عن حزب النور، وحركة تمرد، لإعلان بيان عزل الرئيس الإخوانى محمد مرسى، الذى تم بمباركة الأزهر الشريف، وأصدر الإمام الأكبر بيانًا عقب إلقاء السيسى بيان 3 يوليو، أكد خلاله، أن مصر أغلى من أن تُسفك فيها دماء أبنائها تحت أى شعار.
وأشار «الطيب» إلى أن موقف الأزهر هو الانحياز لشعب مصر الأصيل، والحفاظ على وحدة المصريين وحُرمة الدم المصرى، لافتًا إلى أن ذلك هو منهج الأزهر وتاريخه دائمًا، ومصر تستحق من الجميع موقفا وطنيا صادقا.
أكد شيخ الأزهر أن ما حدث فى 30 يونيو إرادة شعبية، موضحًا أنه استند فى رأيه إلى القاعدة الفقهية التى تقول إن ارتكاب أخف الضررين واجب شرعى.
فى ظل محاولات من الجماعات المتشددة لاختطاف الوطن وإرهاب أبنائه، وقف الأزهر مساندا للدولة المصرية ومقدرات الشعب، وتضامن مع الكنيسة المصرية ضد استهداف المواطنين المسيحيين وكنائسهم، بعد محاولات تلك الجماعات لإيقاع الفتنة بين أبناء الوطن، ليلعب وعى المؤسسات الدينية وتضامنها مع بعضها البعض دورًا محوريًّا لعدم تحقيق غرض تلك الجماعات.
شارك الأزهر بممثلين عنه فى لجنة إعداد الدستور الجديد للبلاد، وكان لهم دور بارز فى صناعة الدستور، الذى وافق عليه الشعب فى استفتاء عام، ودعم الأزهر جهود القوات المسلحة، والشرطة المصرية، فى حربهما المستمرة ضد الإرهاب.
الإخوان والجيش
لم ينسَ الإخوان ثأرهم مع الجيش منذ ثورة 23 يوليو المجيدة وضباطها الأحرار، التى اكتشفت نواياهم فى محاولة القفز على السلطة والاستيلاء عليها بعد الثورة، واستمر العداء طوال الخمسينيات والستينيات، ولم يتعلم الإخوان من الدرس ولم يقبل الكثير من المصريين أداء قادة الجيش التحية العسكرية لـ«الإستبن» الإخوانى، واعتبر الإخوان أن وصولهم للحكم فرصة للأخذ بثأرهم من الجيش.. والترتيب لإعداد الجيش الموازى من المرتزقة والإرهابيين، خاصة فى سيناء وتعرض جنودنا للاعتداء والخطف، وكشف مرسى عن الوجه الحقيقى للجماعة بتصريحاته بحماية الخاطف والمخطوف..
وعندما حاولت القوات المسلحة الاضطلاع بدورها فى تهدئة حالة التوتر والاستقطاب ودعوة القوى السياسية، تدخلت الجماعة لإفشال المحاولة والمجهود.. ومن منطلق مسؤوليتها الوطنية استطاعت القوات المسلحة المصرية أن تضرب مثالًا للعالم، فى الحفاظ على الأرواح والمنشآت وحمايتهما من بطش الجماعة الإرهابية، فى يونيو 2013، فلم ولن يحدث أن يتخلى الجيش عن شعبه يومًا، مهما حاولت الجماعات الإرهابية.
لبَّت القوات المسلحة نداء الشعب لحماية البلاد من بطش الجماعة الإرهابية، بعد سيطرتهم على العديد من المواقع السياسية والحكومية، فخرج وزير الدفاع حينذاك، المشير عبد الفتاح السيسى، يطالب بحوار وطنى للوصول لحلول صائبة، ولكن رفضت الجماعة الإرهابية أى سبل لحلول سلمية.
ولم يقتصر الرفض على عدم المشاركة فى حوار ينقذ البلاد من الدمار، ولكن بدأوا فى تنفيذ خطط ترهيب المواطنين بأعمالهم الإرهابية، فى أكثر من محافظة، خاصة فى سيناء.
أدركت القوات المسلحة حجم التحديات والتهديدات المحيطة، ليس فقط بالأمن القومى المصرى، بل بوجود مصر وكيانها، منذ عام 2011 حتى ثورة 30 يونيو، واجتمعت القوات المسلحة برئاسة الفريق أول عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع حينها، مع القوى السياسية والشبابية وممثلى الأزهر والكنيسة، لإعلان خارطة المستقبل فى 3 يوليو، التى أسست لمرحلة جديدة فى الثورة المصرية، وحماية الدولة الوطنية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة