"صاحب البيت لا يستأذن في دخوله، ولكن سلطتنا الشرعية والمعترف بها دوليا وهي مجلس النواب الليبي أقرت بالسماح للجيش المصري بالتدخل حماية لليبيا وأمنها القومي وحماية الأمن القومي المصري الذي هو لصيق بالأمن القومي الليبي".. بهذه الكلمات لخص الشيخ حافظ خطاب، أحد حكماء قبيلة المنفة الليبية، وحفيد شيخ المجاهدين عمر المختار، موقف شيوخ وأعيان قبائل ليبيا خلال لقائهم أمس مع الرئيس عبدالفتاح السيسي الذى حمل عنوان "مصر وليبيا شعب واحد - مصير واحد".
اللقاء الذى حضره 200 من شيوخ وأعيان ليبيا وهو الأول من نوعه الذى يشارك فيه هذا العدد والممثل لمناطق ليبيا الثلاثة دون اقصاء لاحد، انتهى إلى تأكيد المشايخ والأعيان بتفويض مصر والقوات المسلحة المصرية للدخول إلى ليبيا وحماية أمنها القومى حال أضطرت إلى ذلك، أو كما قال عدد من المشايخ خلال اللقاء "نفوض مصر قلب العروبة النابض وجيشها، لتنظيف ليبيا من المستعمر التركى والخونة والمرتزقة"، مع التشديد على أن أى اعتداء على ليبيا يعد اعتداء على مصر وكذلك العكس.
وكان لافتاً أن اللقاء شارك فيه شيوخ وأعيان وممثلو جميع القبائل الليبية، وهو ما يؤكد أنه كان معبراً عن جموع الليبيين، فكان هناك حضوراً مميزاً لقبيلة ورفلة، أحد أكبر قبائل ليبيا عدداً، وكذلك قبائل ترهونة منهم المشاشية، والعربان، وزليتن، والقواليش، وكذلك بقية القبائل الليبية من الشرق والغرب من بينهم قبائل النوايل، واولاد حمد، واولاد بوسيف، والحساونة، والعمايم، والفواتير، المقارحة، والفواخر، والمجابرة، والصيعان، والمغاربة، والعبيدات، والمنفة، والعواقير، والدرسة، والحاسة، وترهونة، وورفلة، ورشفانة، والتبو، وازوية، والجوازى، والبراعصة، والعرفة، والقطعان، والبراغثة، والمسامير، والعبيد، واولاد سليمان، والفوايد، والفرجان، وبنى وليد، وغيرهم الكثير من القبائل الليبية التي قررت أن تعيد مشهد المجاهد الراحل عمرو المختار، الذى جمع الليبين في مواجهة الاحتلال الإيطالى.
وجاء تفويض القبائل الليبية لمصر وللقوات المسلحة المصرية بالتدخل لحماية الأمن القومى الليبى والمصرى بعد أيام قليلة من صدور بيـان مجلس النـواب الليبي رقم (02) لسنة 2020، الذى قال أنه للقوات المسلحة المصرية التدخل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري إذا رأت هناك خطر داهم وشيك يطال أمن بلدينا، مشيراً إلى ما تتعرض له ليبيا من تدخل تركي سافر وإنتهاك لسيادة ليبيا بمباركة المليشيات المسلحة المسيطرة على غرب البلاد وسلطة الأمر الواقع الخاضعة لهم ، ومرحباً بما جاء في كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي بحضور ممثلين عن القبائل الليبية، داعياً إلى "تظافر الجهود بين الشقيقتين ليبيا ومصر بما يضمن دحر الُمحتل الغازي ويحفظ أمننا القومي المشترك ويُحقق الأمن والإستقرار في بلادنا"، مؤكداً أيضاً إن التصدي للغزاة يضمن إستقلالية القرار الوطني الليبي ويحفظ سيادة ليبيا ووحدتها، ويحفظ ثروات ومقدرات الشعب الليبي من أطماع الغزاة المستعمرين، وتكون الكلمة الُعليا للشعب الليبي وفقاً لإرادته الحرة ومصالحه العليا.
وكانت رسائل القبائل الليبية خلال لقائهم الرئيس السيسى واحد وواضحة شديد الوضوح، وهى أنهم يفوضوا الرئيس عبد الفتاح السيسي، والجيش المصري للتدخل عسكريا في ليبيا عندما تقتضي الضرورة ذلك، فالشيخ صالح لاطيوش، شيخ قبيلة المغاربة، وأحد حكماء أجدابيا من المنطقة الشرقية، قال إن "مصر هي أم للأمة العربية، وأن الرئيس السيسي عندما ذكر أن أي اعتداء على ليبيا يعتبر اعتداء على مصر وأن الأمن القومي الليبي هو الأمن القومي المصري، وأن القوات المسلحة المصرية على أتم الاستعداد للوقوف إلى جانب ليبيا وللدفاع عنها، عرفنا إننا لسنا وحدنا في مواجهة الأتراك المستعمرين، فنحن مع أشقائنا، وأصبحنا لا نخشى ولا نخاف من أي اعتداء أجنبي"، مؤكداً "باسمي وباسم مشايخ وأعيان القبائل الليبية الذين حضروا هنا إلى مصر، نحيي الرئيس السيسي والشعب المصري والحكومة والبرلمان والجيش، فجميعهم يستحقون التحية والتقدير والاحترام من أشقائهم أبناء الشعب الليبي بصفة عامة، وأعلن تفويض الرئيس السيسي والجيش المصري للتدخل "عندما تدعو الضرورة".
كما قال الشيخ الطيب الشريف خيرالله من قبيلة العبيدات "إن تدخل مصر لحماية ليبيا وأهلها نعتبره تدخلا مشروعا لصد الاستعمار والمستعمرين، لأن الروابط التي تربط مصر بليبيا تتجاوز الحدود والمعوقات، ولأن أمن ليبيا من أمن مصر والعكس صحيح فهو أمن مشترك بين أسرة واحدة جمعها جوار وتاريخ وصلة رحم وقربى، تزيد قوة ومتانة عند الشدائد والأزمات"، مشدداً على أن الوفد الليبي - الذي يضم كافة مناطق ليبيا - يناشد الرئيس السيسي وجيش وشعب مصر أن يهبوا لدعم ليبيا وتنظيفها من الغزاة، والحيلولة دون تحقيق أهدافهم لنهب ثروات ليبيا وتفريق شملها وتهديد وحدتها وتسليمها للمتطرفين والمرتزقة لتكون بؤرة لتهديد أمن مصر واستقرارها وتعطيل دورها المميز الحاضن لأمتنا العربية والمدافع عنها، كما أكد أن القبائل الليبية وعشائرها لا ترى في تدخل مصر وجيشها لحماية ليبيا، تطفلا او رغبة في أرض ليبيا أو ثرواتها، لكن ترى بثقة دفاع شقيق عن شقيقه وجار عن جاره.
وقال الشيخ على محمد بركة التباوي، نائب رئيس المجلس لقبائل (تبو)، إن مصر هي القلب النابض والدرع الواقي للأمة العربية والاسلامية، مؤكدا دعمهم لمبادرة (إعلان القاهرة) ومبادرة رئيس البرلمان الليبي المستشار عقيلة صالح؛ لتشكيل مجلس رئاسي جديد، وإيقاف الحرب وإعطاء فرصة للحوار بين الأشقاء الليبيين للوصول إلى كلمة سواء.
وفيما أكد العمدة عبدالسلام البرغثي أحد شيوخ وحكماء قبيلة البراغثة إن مصر أم العرب ومهد الحضارات وتاريخها عريق وهي السند لنا في كل العصور والعهود، فهي قوية برئيسها وجيشها ورجالها وشعبها، أكد رئيس المجلس الأعلى لقبائل وأعيان ليبيا، أحد حكماء (ترهونة) صالح الفاندي أن كلمة الرئيس السيسي كلمة رجل صادق، مشددا على أن قبائل المنطقة الغربية قررت مد يدها للسلم عن طريق الحكومة المصرية والخارجية المصرية لكل الشعب الليبي، وقال إن أي اعتداء على ليبيا هو اعتداء على مصر والعكس صحيح، مؤكدا استعدادهم لصد أي اعتداء، فالقبائل ستكون في الصفوف الأولى أمام الجيش المصري.
من جانبه، أكد سالم بوحرورة من قبيلة (أزوية) الليبية وحدة ليبيا بأقاليمها الثلاث وسلامة أراضيها وتأييد البرلمان الليبي والقوات المسحلة الليبية في حربها ضد الارهاب وتأييد المبادرة السياسية (إعلان القاهرة) لحل الأزمة الليبية، داعيا إلى تطهير ليبيا من الجماعات الإرهابية وقيام دولة المؤسسات والقانون.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقائه أمس مع شيوخ وأعيان ليبيا، ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية يضمن استقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها بإرادة شعبها وبعيدا عن التدخلات الأجنبية، مشددا على أن مصر لن تسمح بتحول ليبيا إلى بؤرة لتجمع الإرهابيين، موضحاً إن الخطوط الحمراء التي أعلناها هي دعوة للسلام وليس المقصود منها تقسيم ليبيا بل هدفها وقف الاقتتال وإعطاء الفرصة لجهود السلام، وقال أن دعوته بعدم تجاوز خط (سرت - الجفرة) هي دعوة لمرحلة جديدة من نبذ العنف وبدء عملية السلام والتنمية.
وشدد الرئيس السيسى على أنه "منذ بداية الأزمة الليبية لم نعلن تدخلنا في الشأن الليبي احتراما لكم وخوفا على مشاعركم أن تظنوا بأن مصر تستقوي على أخوانها في ليبيا، لكن المرحلة الحالية نحن على استعداد لمساعدتكم، فجيش مصر هو جيشكم، ولن ندخل إلا بطلب منكم وكذلك سنخرج بأمر منكم، مشددا على وحدة المصير المصري الليبي في مواجهة التحديات والاستعمار"، موضحاً أنه عندما تدخل ليبيا في فوضى لا يمكن إنهاءها إلا بسواعد أبناءها المخلصين من شيوخ ووجهاء القبائل في ليبيا، مطالبا كل القبائل الليبية بالتوحد وإخلاص النوايا والجهود من أجل أمن وسلامة ليبيا، "فمصير ليبيا لن يقرره أحد نيابة عنكم.. أنتم المسئولون عن تحديد مصيركم".
وقال الرئيس السيسى: "إن مصر تعول على القبائل الليبية الحرة الرافضة لاستمرار الأوضاع الراهنة في ليبيا، وأؤكد استعداد مصر لتقديم كافة جهودها لأشقائها الليبيين الراغبين بشكل صادق في انهاء الازمة الليبية"، مشددا على أن مصر لن تسمح بتكرار تجربة الرهان على الميليشيات المسلحة مرة أخرى في ليبيا أو أن تتحول ليبيا لبؤرة جديدة يجتمع بها الإرهابيون، وأن تكون ملاذا للخارجين عن القانون حتى وإن كلف هذا الأمر تدخل مصر بشكل مباشر في ليبيا، داعياً جميع القبائل الليبية في المناطق الشرقية والجنوبية والغربية إلى مراجعة موقف أبناءها المرابطين في صفوف القتال وحثهم على أهمية بناء الوطن من خلال ترك السلاح في المقام الأول والاندماج داخل جيش وطني موحد هدفه مصلحة البلاد وليس لديه أطماعا شخصية.
وأعرب الرئيس السيسى عن أمله أن يتفهم الأشقاء في غرب ليبيا ذلك، وأن لا يتم تصعيد الموقف؛ وقال "نحن بصراحة لن نقف مكتوفي الأيدي أمام أي تجاوز لهذا الخط، فمصر قالت كلمتها بعد سكوت وصمت 6 سنوات وتركنا الأمور تتفاعل كما يرغب الليبيون، ولكن تتحول المنطقة الشرقية إلى منطقة غير مستقرة؛ هذا أمر لن تسمح به مصر"، مشدداً على "إنه بالرغم من قدرة مصر على تغيير المشهد العسكري بشكل سريع وحاسم حال رغبتها في ذلك، فمصر لديها أقوى جيش في المنطقة وفي أفريقيا، لكن الجيش المصري جيش رشيد ولا يعتدي ولا يقوم بعمليات غزو خارج أراضيه، وإذا أردنا هذا فسيتم التوجه إلى البرلمان المصري حتى يسمح لنا ويعطي لنا الأذن للتحرك في هذا الأمر".
ونبه الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال اللقاء إلى تزايد النفوذ الخارجي على الأراضي الليبية، والاستمرار في نقل المرتزقة والمتطوعين من سوريا؛ تمهيدا للسيطرة على مقدرات الشعب الليبي، خاصة من الثروة النفطية أو لتشكيل قاعدة انطلاق لتهديد دول الجوار؛ مشيرا إلى أن هذا الأمر يشكل تهديدا مباشرا قويا للأمن القومي ليس لمصر وليبيا وإنما العربي والإقليمي والدولي وما يقتضيه ذلك من اتخاذ التدابير والإجراءات لإحباط هذه المخططات، لافتاً إلى ترحيب مصر ببيان مجلس النواب الليبي - في 13 يوليو الجاري - والذي جاء معبرا ومتفهما ومدركا بقوة مدى المخاطر والتهديدات التي بات من حق شعوبنا العمل على مجابهتها بكل قوة وحزم، خاصة مع حقائق محدودية الدور الذي يقوم به المجتمع الدولي في هذا التوقيت انتظارا لما سيقوم به دفاعا وحماية عن هويتنا وكرامتنا ومقدراتنا.
وقال الرئيس السيسي "إذا كان الأشقاء بمجلس النواب الليبي (السلطة الشرعية الوحيدة التي انتخبها الشعب بكامل إرادته) قد طلبت من الجيش المصري - إذا اقتضى الأمر - التدخل لحماية السيادة الليبية تأمين مصالح الأمن القومي لبلدينا، فإن أشقائكم في مصر على استعداد لاتخاذ كافة الإجراءات تحقيقا للمصالح المشتركة في مجابهة هذه التهديدات"، مؤكداً أن نجاح مصر - بالتعاون مع الجيش الوطني الليبي وأي من الدول الشقيقة والصديقة - في تحقيق الأهداف المرجوة لن يتحقق دون التكاتف والتضامن والتعاون الكامل للقبائل الليبية.. فالقبائل الليبية لها دور في غاية الأهمية والخطورة وهذا الدور يجب أن يشمل - في البداية - تحقيق التماسك والترابط بين القوى الوطنية الليبية لدعم القرارات السياسية والعسكرية والتصدي لأي مخططات للعمليات النفسية بأبعادها، والتعاون في توفير احتياجات القوات، فضلا عن امتداد هذا الدور لمخاطبة الرأي العام العالمي بتأييد التدخل المصري ورفض انتشار الميليشيات، مشيرا إلى أنه في حال تدخل القوات المصرية في ليبيا؛ فسيكون شيوخ القبائل على رأس هذه القوات بالعلم الليبي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة