فوجئ رئيس شركة قناة السويس باهتمام المحامى مصطفى الحفناوى بقناة السويس وأخبارها والمعلومات الجديدة بشأنها، وذلك فى اللقاء الذى تم فى مقر الشركة بباريس، حيث كان الحفناوى بصحبة وزير التجارة المصرى محمود سليمان غنام تلبية لدعوة من رئيس الشركة الفرنسى «شارل رو»، ويكشف «الحفناوي» أسرار هذا اللقاء الفريد فى مذكراته عن «دار ميريت، القاهرة 2019».. «راجع، ذات يوم، 15 يوليو 2020».
يؤكد «الحفناوى» أنه بعد انتهاء زيارة الضيوف، طلب رئيس الشركة منه الانتظار واجتمع به منفردا، وسأله عما يخفيه، فأجابه الحفناوي: «أنا صحفى وكاتب وأحاول أن أستعين بعمل إضافى فوق راتبى بأن أضع كتابا باللغة العربية فى موضوع غير مطروق فى مصر، فاخترت موضوع قناة السويس»، أجابه شارل: «نحن هنا فى الشركة قررنا وضع كتاب باللغة العربية عن قناة السويس لنقول لمواطنيك إننا لسنا مستعمرين كما يتهموننا، ما رأيك لو اشتركت معنا فى وضع هذا الكتاب باللغة العربية».. وافق الحفناوى، فهز شارل يده محييا ومودعا.
كانت خطة «الحفناوى» السرية هى الوصول بأى طريقة إلى الأرشيف السرى لقناة السويس، الذى تحتفظ به إدارة الشركة فى مبناها ليستعين به فى إنجاز رسالته للدكتوراه حول القناة التى سيقدمها إلى جامعة باريس، كما أوضحنا فى حلقة أمس.
بعد عدة أيام اتصل رئيس الشركة بالحفناوى ودعاه إلى مكتبه.. يتذكر أن رئيس الشركة سأله عما يمكن أن يقدمه من مساعدات فى كتابه بالعربية عن القناة، رد الحفناوي: «أريد أن أعرف ما تريدوننى أن أدافع عنه من وجهات نظر فى الكتاب، ويجب أن يكون كلاما مؤيدا بمستندات لا تقبل الشك، ولم يسبق نشرها، رد شارل: «لدينا أغنى أرشيف فى العالم عن قناة السويس، سنضعه تحت تصرفك لتختار منه ما تريد، ونحن نريد أن تقول لمواطنيك إننا معمرون، أوجدنا مدنا وحياة فى الصحراء، ولسنا مستعمرين، وشركتنا هذه سفارة أخرى لمصر فى باريس».. تظاهر الحفناوى بالموافقة وقال: «سأطلب منكم طبع الكتاب على نفقاتكم لأنى رجل فقير»..رد شارل: «سنطبع الكتاب طبعة فاخرة بشرط أن يترجم قبل الطبع بمعرفتنا إلى اللغة الفرنسية لنطمئن إلى أنه يوافق وجهة نظرنا».
يكشف الحفناوى: «استدعى شارل رئيس المحفوظات بالشركة، وقدمنى له فخصصوا لى غرفة صغيرة للاطلاع فى الطابق الأول على مقربة من غرفة رئيس مجلس الإدارة، وتوثقت العلاقة بينى وبين موظفى المحفوظات».. يؤكد، أنه حصل فى سهولة ويسر على ملفات ووثائق بالغة أقصى درجات الخطورة.. يقول: «عرفت حقيقة تكوين الشركة وأنها ستار فى باريس يخفى السلطة الحقيقية التى تدير قناة السويس، هذه السلطة هى حكومة إنجلترا، فوزارة الحرب البريطانية تهيمن على قسم الأشغال بالشركة، وهى التى تشرف على المشروعات الجديدة وتراقبها، والبحرية البريطانية هى التى تهيمن هيمنة تامة على قسم الملاحة بقناة السويس، ولها فيه عيون بعضهم بدرجة أميرال، ووظائفهم الظاهرة وظائف إدارية بقسم الملاحة، أما الإدارة العامة للقناة فكانت تخضع للإشراف الأعلى للجنة متواضعة فى لندن سمتها حكومة إنجلترا اللجنة الاستشارية لقناة السويس».
توصل الحفناوى إلى أسرار كثيرة حول تحكم إنجلترا فى حركة الملاحة بالقناة لكى تكون لصالحها وحلفائها فقط، ففى الحربين العالميتين الأولى والثانية، حرمت ألمانيا وحلفائها من عبور القناة، مما رجح كفة الحلفاء، كما أن الوثائق أثبتت أن بريطانيا بنت اقتصادها فى أوقات السلم على أساس مزايا مستترة تحصل عليها بسيطرتها على القناة، وكانت هذه المزايا سرية، تتمثل فى غش قياس السفن التى تحمل بضائع لحساب إنجلترا من الجنوب إلى الشمال بالنسبة للمواد الخام، ومن الشمال إلى الجنوب للسلع المصنوعة فى إنجلترا، وفى ترتيب السفن فى القوافل، وتسيير السفن البريطانية التى تحمل بضائع لحساب بريطانيا وغيرها.
توصل الحفناوى إلى خطر أكبر، حيث وجد أن عقد امتياز الشركة المطبوع الذى تتعامل من خلاله حكومة مصر مزيف وملفق منذ احتلال إنجلترا لمصر عام 1882، وأن العقد الأصلى الذى صدق السلطان العثمانى عليه ونص على أن الشركة «مساهمة مصرية» تخضع للقوانين المصرية ولاختصاص القضاء المصرى.. يكشف: «هذا العقد تم سرقته من مصر، ووقعت نسخته المسروقة فى يدى، ووجدتها فى ملف بال من ملفات الشركة، فانتزعتها وسلمتها لوزارة الخارجية فى القاهرة».
وكانت خطة عدم تدويل القناة بعد انتهاء الامتياز عام 1968 هى أخطر ما كشفه الحفناوى، فماذا كان فيها؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة