فرعون المجد والانتصار، فرعون الحرب والسلام، رمسيس الثانى هو نجم الأرض وأشهر ملوك الفراعنة والذى ملأ الدنيا وشغل الناس جميعًا، اعتلى رمسيس الثانى عرش مصر وهو شاب صغير، ابن الخامسة والعشرين من عمره المديد، كى يسطر أسطرًا من نور ومجد وعزة وفخار فى تاريخ مصر القديمة والشرق الأدنى القديم والعالم القديم، وكأن القدر كان على موعد مع مولد وتولى حكم مصر لذلك الملك الأسطورى رمسيس الثانى ملك الملوك وسيد العالم القديم.
ويقول كتاب "الفراعنة المحاربون.. دبلوماسيون وعسكريون" للدكتور حسين عبد البصير، صار رمسيس الثانى على الرغم من وجود عدد كبير من الملوك الفراعنة الذين حملوا اسم رمسيس من قبله، مثل جده رمسيس الأول فى أسرته الأسرة التاسعة عشرة، وخلفائه من رمسيس الثالث إلى رمسيس الحادى عشر فى الأسرة التالية وأعنى الأسرة العشرين، وصار علمًا واسمًا على عصر كامل، وهو عصر الرعامسة أى ملوك الأسرتين التاسعة عشرة والعشرين، عصر المجد فى مصر القديمة، فعندما نقول رمسيس دون تحديد ترتيبه فى الأسرتين أو فى العصر أو فى مصر القديمة عمومًا، فيعلم الجميع فى العالم كله، أننا نقصد دون شك نجم الأرض وملك الملوك رمسيس الثانى العظيم الخالد.
وأوضح الدكتور حسين عبد البصير، أن رمسيس الثانى كان هو ابن الفرعون المحارب الخالد الملك سيتى الأول العظيم وابن الملكة تويا، ويعنى اسم رمسيس "الإله رع خلقه" واسمه الكامل "رمسيس مرى آمون" ويعنى "الإله رع خلقه، محبوب الإله آمون"، واسم العرش الخاص به هو "وسر ماعت رع ستب إن رع" أى "عدالة الإله رع قوية، المختار من الإله رع".
ولفت كتاب "الفراعنة المحاربون"، أن رمسيس الثانى تزوج عددًا كبيرًا جدًا من النساء، لعل أشهرهن هى الملكة الفاتنة وجميلة الجميلات الملكة نفرتارى، وكذلك أنجب عددًا كبيرًا من البنين والبنات، لعل أشهرهم ابنه وولى عهده الملك مرنبتاح والأمير الزاهد الناسك الشهير خع إم واس والأميرة ثم الملكة ميريت آمون، ولم ينجب ملك مصرى قديم مثلما أنجب رمسيس الثانى العظيم من أبناء كثيرين.
حكم رمسيس الثانى مصر فترة طويلة تبلغ حوالى سبعة وستين عامًا، وامتاز عهده بالعظمة والمجد والضخامة فى كل شئ خصوصًا فى أعمال البناء والتشييد والتى امتدت فى أركان الكون الأربعة خصوصًا فى أرض مصر الطيبة وبلاد النوبة وبلاد الشام وعلى ساحل البحر المتوسط.
وأكد كتاب "الفراعنة المحاربون"، أنه لم يشيد ملك مصرى قديم من معابد وتماثيل ضخمة ومسلات مثلما بنى رمسيس الثانى العظيم، وكان زمنه بحق عصر رمسيس الثانى العظيم، وامتد به العمر طويلاً ومات فى سن متأخرة بعد العام التسعين من عمره المديد، وعندما مات تم دفن الفرعون المقدس بكل جلال الملكية المصرية المقدسة التى تليق بعظمة جلالة الملك رمسيس الثانى العظيم فى مقبرته رقم 7 فى منطقة وادى الملوك فى البر الغربى لمدينة الأقصر الشهيرة بصعيد مصر الخالد، ووضع الملك رمسيس الثانى العظيم بصمته، التى لا يمكن محوها أبدًا، فى ذاكرة مصر والشرق الأدنى القديم والعالم القديم. إنه رمسيس الثانى العظيم الخالد عبر العصور والأزمان.
وسجل الملك رمسيس الثانى العظيم مناظر الاحتفال بنصره فى معركة قادش على الحيثيين فى مناظر ونصوص عديدة فى آثارها التى تملأ البلاد فى طولها وعرضها، وعندما كان رمسيس أميرًا صغيرًا تأثر كثيرًا بالتقاليد العسكرية التى أرساها جده الملك رمسيس الأول الذى أُطلق اسمه عليه تيمنًا به، وشارك رمسيس فى سن صغيرة مع أبيه الملك المحارب العظيم سيتى الأول حملاته العسكرية ضد الحيثيين، وتم أيضًا تصوير الأمير رمسيس مع أبيه سيتى الأول فى حملاته ضد الليبيين على جدران الكرنك.
وأشار الدكتور حسين عبد البصير، أن العلاقات مع الحيثيين على الحدود المصرية فى سوريا غير جيدة فى الفترة الأولى من حكم رمسيس الثانى العظيم، وفى عهده والده الملك سيتى الأول، سيطرت مصر على الموانئ الساحلية الفينيقية الجنوبية، بينما سيطر الحيثيون على مدينة قادش. وفى العام الرابع من حكم رمسيس الثانى حدث تمرد فى بلاد الشام وفى ربيع العام الخامس عام 1275 قبل الميلاد، اضطر الملك الجديد لتحريك جيشه. فقام الملك بتجميع واحدة من أعظم تجمعات الجيش المصرى وكانت تبلغ حوالى عشرين ألف مقاتل فى أربع فرق وكانت كل فرقة قوامها حوالى خمسة آلاف مقاتل، وحملت كل فرقة اسمًا من أسماء آلهة مصر العظام على النحو التالى: آمون، ورع، وبتاح، وست، وصار الملك رمسيس الثانى على خطى جده المقاتل الأشهر الملك تحتمس الثالث الذى سبقه فى الحكم بحوالى مائتى عام، فدخل قطاع غزة وكان على مقربة عشرة أميال من مدينة قادش فى بداية شهر مايو، وفى ذلك التوقيت تم القبض على جاسوسين وبسؤالهما عن مكان الحيثيين من مدينة قادش، أفادا بأن الحيثيين على مبعدة مائة ميل إلى الشمال، وبناء على هذا، تحرك رمسيس الثانى بفرقة آمون وهى الفرقة الوحيدة التى كانت معه، وعبر نهر العاصى، وعسكر على الغرب من قادش، وكانت قادش مدينة محصنة أشبه بالجزيرة، وهنا قبض رجال الجيش المصرى على جاسوسين حقيقيين وقالا لهما الحقيقة تحت التعذيب بأن الجيش الحيثى يعسكر على الجانب من مدينة قادش منتظرًا الهجوم.
وتابع كتاب "الفراعنة المحاربون"، كان ملك الحيثيين مواتشيلى قد جمع جيشًا كبيرًا أكبر من جيش الملك رمسيس الثانى، وكان جيشه مقسمًا إلى قسمين أحدهما كان مكونًا من حوالى 18 ألف مقاتل والآخر من حوالى 19 ألف مقاتل، بالإضافة إلى ألف وخمسمائة عربة حربية، وكانت هذه قوة عسكرية كبيرة، وانقضت على فرقة الإله رع التى كانت فى طريقها للانضمام للملك رمسيس الثانى، وهاجمت القوات الحيثية جيش مصر بضراوة، واقتحمت المعسكر المصرى، وسيطر الارتباك على الملك رمسيس الثانى، وصار منعزلاً عن بقية قواته، وكان معه حارسه الشخصى حامل درع المدعو مننا، وكقائد عسكرى بارع، اعتمد رمسيس الثانى العظيم على قواته القليلة وأخذ يجمعها ليصد الهجوم الحيثى، وحارب الملك رمسيس الثانى بضراوة مما اضطر الملك الحيثى للتراجع فى المساء، وفى اليوم التالى، تجمع الجيش المصرى وحارب بشدة، وهنا عرض الملك الحيثى السلام على الملك رمسيس الثانى، فعاد الجيش المصرى بسلام إلى أرض الوطن، ثم تم عقد معاهدة السلام بين المصريين والحيثيين، وتم تتويج تلك المعاهدة بزواج رمسيس الثانى من الأميرة الحيثية ابنة الملك الحيثى خاتوشيلى الثالث، ثم تزوجت الملك رمسيس الثانى من أختها بعد ذلك بحوالى سبع سنوات.
رمسيس الثانى العظيم ملك الملوك الذى جعل من نفسه ملك الحرب والسلام ومن مصر أرض المجد والانتصارات، لذا فقد عاش فى ذاكرة مصر والعالم أبد الأبدين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة