مررنا بتجربة اللادولة وغرقنا فى الفوضى وتعلمنا من أخطائنا لذلك قمنا بثورة 30 يونيو بعد أن فاض بنا الكيل.. 7 سنوات عمر الثورة التى أعادت مصر من الأسر والاختطاف من قبل تنظيم إرهابى أراد لها أن تكون ولاية تابعة لا دولة قائدة.
نعم هذا التنظيم أراد أن يغير قدر مصر كدولة قائدة فى المنطقة بل أيضاً أرادوا لعب دورها، ورغم غيابها خلال فترة الفوضى لم يستطيعوا ملء فراغ بلد بحجم مصر.
وعاد البلد وعاد معه دوره الذى أزعج الكثيرين حتى إنهم انشغلوا فى حياكة المؤامرات على مصر أكثر من عملهم على تنمية بلادهم وتعميرها.
وكلما قويت البلد وتعاظم دورها وتبؤات مكانتها أزعج ذلك هؤلاء الأقزام الذين يريدون لنا العودة للفوضى وتنفيذ ما فشلوا فيه فى 2011.
كانت هناك معادلة أخرى فى حسابات الهوية المصرية ذلك البلد العظيم الذى قدم الرئيس عبدالفتاح السيسى كى ينفذ مهمة إنقاذه وتوجيهه للمسار الصحيح وعودة قوته ونفوذه الذى يُحدث التوازن ويحقق العدل، فبفضل قوة مصر ورشد قوتها لا يستطيع طامع أو مستغل أن يحقق أطماعة لأن مصر له بالمرصاد.
نعم هذا ما حدث قديما ويحدث اليوم بنفس التفاصيل تقريباً.
بدأت الأحداث القاسية فى ليبيا قبل ذلك بخمسمائة عام، عندما قرر السلطان سليم الأول نقل معاركه ومدافعه وجنوده ومرتزقته الإنكشاريين من أوروبا إلى العالم العربى، فأسقط دولة المماليك الشرعية واحتل البلدان العربية الواحدة تلو الأخرى بما فيها ليبيا.
نفس الهدف القديم الجديد وهو استنزاف خيرات البلد العربى المحتل من موارد مالية وزراعية وخبرات بشرية وعمال مهرة مع استباحة أى حركة مقاومة أو تذمر يبديه الشعب المحتل بما فيها انتهاك الحرمات وقتل الأبرياء.
فى عام 1912 وقّعت إيطاليا والدولة العثمانية معاهدة «أوشى» أو معاهدة «لوزان الأولى»، على أثر هزيمة العثمانيين أمام الإيطاليين الذين وجهوا إنذاراً مذلاً للعثمانيين مدته ثلاثة أيام فقط لقبول المقترح الإيطالى للمعاهدة، والذى قبلوه حتى قبل انقضائها بعد أن توالت الخسارة العثمانية المدوية نتيجة رهان سياسى وعسكرى خاطئ، باعوا فيها ما لا يملكون لمن لا يستحقون، لم يتلفتوا فيها لكل شعارات الإسلام والأخوة التى ادعوها وتحت لوائها احتلوها لخمسة قرون ذاق فيها العرب الأهوال والمذابح والعنصرية الشعوبية، ولم تكن لتنقضى الحرب العالمية الأولى حتى باع العثمانيون كل البلدان التى احتلوها فى مقابل سلامة أراضيهم فى الأناضول.
الشعب الليبى بالطبع لم يكن ضمن اهتمام سلاطين العثمانيين، ولا حتى فلسطين من قبلها، وما ليبيا وغيرها من الدول المحتلة إلا أراض خصبة مليئة بالخيرات، ترسل للأستانة الغلال والأموال التى مكنت السلطان وحاشيته وأخيراً وقّع الأتراك معاهدة «أوشى» التى تنازل فيها الأتراك العثمانيون عن ليبيا لصالح إيطاليا- إحدى دول الحلفاء- وقعتها السلطنة العثمانية مع الإيطاليين.
لا تختلف بالطبع هذه المعاهدة عن تمكين العثمانيين لليهود من فلسطين منذ العام 1882.
كانت مصر فى هذه المرحلة أيضاً تعانى، لكنها فى نفس الوقت تدعم عمر المختار ورجاله بكل ما يلزمهم لتحرير بلدهم وكانت الحدود المشتركة بين مصر وليبيا هى عامل القلق للاحتلال، لذا بدأ فى وضع الأسلاك الشائكة ليمنع الدعم عن الليبيين المدافعين عن بلدهم.
هذا التاريخ لا أحد يستطيع تكذيبه ولا نكرانه، وها نحن اليوم نعود وتعود ليبيا التى سقطت ودمرتها المؤامرة وأغرقتها تركيا بالمرتزقة وكأنها تعيد نفس السيناريو من جديد.
نعم التاريخ يعود وها هى مصر لا ترضى بتدمير ليبيا، وبـ 5 نقاط أساسية حددت مصر معالم موقفها تجاه الأزمة الليبية فى المرحلة المقبلة، وذلك ضمن خطاب قوى عكس استعدادنا للتدخل عسكريا من أجل حماية أمن ليبيا، أولها أن التدخل المصرى فى ليبيا بات شرعيا وتتوفر له الشرعية الدولية سواء فى إطار ميثاق الأمم المتحدة الخاص بحق الدفاع عن النفس أو بناء على السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبى أى مجلس النواب، والنقطة الثانية تمثلت فى دعم الاستقرارفى ليبيا وحماية وتأمين الحدود الغربية للدولة بعمقها الاستراتيجى من تهديد الميليشيات الإرهابية والمرتزقة، أما الهدف الثالث فسيكون سرعة استعادة الأمن والاستقرار على الساحة الليبية باعتباره جزءًا لا يتجزأ من أمن واستقرار مصر والأمن القومى العربى، ورابعًا حقن دماء الأشقاء من أبناء الشعب الليبى شرقا وغربا، وأخيرا تهيئة الظروف لوقف إطلاق النار ومنع أى من الأطراف من تجاوز الأوضاع الحالية.
كان كلام الرئيس واضحا لا يقبل اللبس وهو أننا نقف أمام مرحلة فارقة تتأسس على حدودنا، فهناك تهديدات مباشرة تتطلب التكاتف والتعاون ليس فيما بيننا فقط وإنما مع أشقائنا من الشعب الليبى والقوى الصديقة للحماية والدفاع عن بلدينا ومقدرات شعوبنا من العدوان الذى تشنه الميليشيات المسلحة الإرهابية والمرتزقة بدعم كامل من قوى تعتمد على أدوات القوة العسكرية، وأوضح الرئيس أنه يجب التوقف عند الخط الذى وصلت إليه القوات الحالية سواء أكان من جانب أبناء المنطقة الشرقية أو المنطقة الغربية، على أن تبدأ مفاوضات بعد ذلك للوصول إلى حل للأزمة، لكن إذا ظن البعض أنه يستطيع تجاوز خط سرت الجفرة فهذا خط أحمر بالنسبة لنا مع التاكيد على جاهزية القوات المصرية للقتال لكن مصر بشعبها العظيم وجيشها القوى كانت ولا تزال تعمل من أجل السلام وتدعو لتسوية كافة الأزمات من خلال المسارات السياسية التى تلبى طموحات الشعوب وتحترم قواعد الشرعية الدولية، إلا أن ذلك لا يعنى الاستسلام والتفاوض مع القوى المعادية والميليشيات الإرهابية والمرتزقة الذين يتم جلبهم لتهديد الأمن والسلم الإقليمى والدولى ومستعدون لمساعدة القبائل الليبية للدفاع عن بلادها، مستعدون لتدريب شباب القبائل وتجهيزهم ونسلحهم تحت إشراف زعماء القبائل، فمصلحة مصر الوحيدة فى ليبيا أن تكون مستقرة وآمنة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة