"أخرجت هذا الكتاب حول بعض القيم والأخلاق والإنسانيات ليكون زادًا للأئمة والخطباء والوعاظ في خطبهم ودروسهم وللواعظات في دروسهن".. بهذه المقدمة كشف الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، عن أهم الأسباب التي دفعته لإخراج كتاب "حديث الروح"، الذى جاء ضمن الكتب الأكثر مبيعًا في عام 2019/2020 بين مطبوعات دار التحرير للطباعة والنشر.
وقال جمعة، إنه حاول فى الكتاب تصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة، قائلاً: "في حديثي عن العلم النافع أكدت أن المراد به كل ما يحمل نفعًا للناس في شئون دينهم، وشئون دنياهم، في العلوم الشرعية، أو العربية، أو علم الطب، أو الصيدلة، أو الفيزياء، أو الكيمياء، أو الفلك، أو الهندسة، أو الميكانيكا، أو الطاقة، وسائر العلوم والمعارف " وضم الكتاب عددًا من الموضوعات الدينية حول القيم والأخلاق من بينها: "حقيقــة الزهد، قيمــة العدل، الحيــاء خير كله، الصبر الجميل، حق الوالدين، أزمة الأخلاق والقيم، وعاقبة الشذوذ والانحراف، محكمة العدل الإلهية، الإمام العادل، المكر السيئ، الخيانة والنفاق".
وفى حديثه عن حقيقــة الزهــد، قال وزير الأوقاف: "يرتبط الزهد في أذهان البعض بجوانب شكلية لا علاقة لها بحقيقته، وقد يتوهم بعض الناس خطأ أن الزهد رديف الفقر أو حتى الفقر المدقع، فالزاهد في تصور البعض شخص بالضرورة قليل المال، وربما قليل الحيلة، وربما رث الثياب أو مخرقها، صوته لا يكاد يبين، ويده لا تكاد تلامس مصافحها، ثم تطور الأمر إلى سلبية أشد بهجر العمل، وربما ترك الدراسة العلمية أو عدم الاكتراث بها، والخروج من الدنيا بالكلية إلى عالم أقرب ما يكون إلى الخيالات الخاطئة منه إلى دنيا الواقع، في تعطيل مقيت وغريب وعجيب وشاذ للأسباب، مع أن ذلك كله شيء والزهد شيء آخر".
وقد قال أهل العلم: ليس الزاهد من لا مال عنده، إنما الزاهد من لم تشغل الدنيا قلبه، ولو ملك مثل ما ملك قارون، وعَنْ بِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: قِيلَ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: أَيَكُونُ الرَّجُلُ زَاهِدًا وَيَكُونُ لَهُ الْمَالُ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنْ كَانَ إِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ وَإِذَا أُعْطِيَ شَكَرَ.(حلية الأولياء لأبي نعيم)، ولذا كان من دعاء الصالحين: اللهم اجعل الدنيا في أيدينا لا في قلوبنا.
وأضاف جمعة تحت عنوان "قيمــة العدل": "العدل ميزان الله الذي وضعه للخلق، ونصبه للحق، فـلا تخالفه في ميزانه، ولا تنازعه في سلطانه، والعدل الذي ننشده هو العدل على كل المستويات، على مستوى الفرد، وعلى مستوى المجتمع بكل أركانه ومؤسساته، فالإنسان مطالب بالعدل بين أبنائه وفي أسرته وسائر جوانب حياته، كما أن على كل مسئول على أي مستوى كان أن يعدل فيما ولاه الله إياه، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): " مَا مِنْ رَجُلٍ يَلِي أَمْرَ عَشَرَةٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَّا أَتَى اللهَ مَغْلُولًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ فَكَّهُ بِرُّهُ أَوْ أَوْبَقَهُ إِثْمُهُ "(مسند أحمد).
وتابع وزير الأوقاف:"على أن تحقيق العدل الإداري بين المرؤوسين وبين المتعاملين يعمق الولاء والانتماء الوطني، أما ظلم الناس وتقديم الولاء على الكفاءة فيولد الاحتقــان المجتمعي ويضعف الولاء الوطني، ويؤدي إلى الشقـاق المجتمعى".
كما تناول وزير الأوقاف موضوع آخر نحتاجه في ظل الظروف الراهنة وهو التفاؤل والأمل، حيث قال :"ما أجمل الأمل، وما أصعب اليأس، وما أشقه، وما أخطره، اليأس مدمر للنفوس، محبط للآمال، مولد للكآبة، مثبط للهمم ؛ لذا نهى الإسلام عن اليأس والتأييس، والإحباط والتحبيط، وعدّه بعض أهل العلم من الكبائر.
وحول قيمة العدل قال جمعة: "العدل ميزان الله الذي وضعه للخلق، ونصبه للحق، فـلا تخالفه في ميزانه، ولا تنازعه في سلطانه، وقد قالوا: إن الله (عز وجل) ينصـر الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ولا ينصـر الدولة الظالمة ولو كانت مؤمنة، وأن المُلْكَ قد يـدوم مع العـدل والكفـر، ولا يـدوم مع الإسـلام والظلـم.
وتابع جمعة:"على أن تحقيق العدل الإداري بين المرؤوسين وبين المتعاملين يعمق الولاء والانتماء الوطني، أما ظلم الناس وتقديم الولاء على الكفاءة فيولد الاحتقــان المجتمعي ويضعف الولاء الوطني، ويؤدي إلى الشقـاق المجتمعي، وعاقبة الظلم هي الهلاك والدمار في الدنيا، والسخط وسوء العاقبة يوم القيامة، حيث يقول الحق سبحانه في شأن الظالمين:" فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا " (النمل: 52)، ويقول سبحانه:" فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ " (القصص: 58)، ويقول تعالى: "وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ " (يونس: 13).
وتحت عنوان عاقبة الشذوذ والانحراف قال جمعة:"إن شواذ قوم لوط الذين خرقوا سنن الله الكونية، ولقد تحدث القرآن الكريم عن شذوذ قوم لوط في مواطن عديدة لتسليط الضوء على سلوكهم غير الإنساني الذي أطلق عليه القرآن الكريم "الفاحشة" بالتعريف بالألف واللام، ولم يقل " فاحشة "، وكأن فعلتهم قد صارت علمًا على الفاحشة، بحيث تتلاشى إلى جانبها أي فاحشة أخرى، حيث يقص علينا القرآن الكريم ما كان من سيدنا لوط (عليه السلام) مع قومه، فيقول سبحانه:" وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ * وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ" (الأعراف: 80 – 82)، وفي سورة العنكبوت ترتفع نغمة التحدي لدى هؤلاء الشواذ لنبي الله لوط (عليه السلام) إلى درجة طلبهم منه أن يأتيهم بعذاب الله إن كان من الصادقين، وذلك حيث يقول الحق سبحانه:" وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ الله إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ" (العنكبوت: 28-30) .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة