ومن المعروف أن أحد أهم العوامل فى نمو الصناعة ،هو الغاز الطبيعى ، الذى يستخدم كطاقة وكمادة خام فى الوقت نفسه، وهو ما يدفع الدول لاستغلاله كمادة خام ؛بهدف الوصول لقيمة مضافة عالية أفضل من تصديره أو حرقه كطاقة، وبالنسبة لمصر فقد نجحت الدولة فى عبور أزمات الطاقة التى تلت ثورة 25 يناير.
مصر عبرت الأزمة نتيجة برنامج الاصلاح الاقتصادى الذى أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ نوفمبر 2016 ، وهو ما حول مصر لقبلة للاستثمار، خاصة فى مجال الطاقة ؛مما ترتب عليه انتعاش هذا القطاع ووجود وفرة كبيرة .
النتيجة المترتبة على وجود وفرة، تمثلت فى النزول بسعر الغاز للصناعة وهو ما تم فعلا بخفضه حتى 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية ،بعدما كانت تصل لنحو 8 دولارات ، لكن النزول بالسعر وإن ساهم بشكل مباشر فى تحقيق نموا للصناعة إلا إنه غير كاف بالنظر إلى المنافسين .
فالدول المنافسة تبيع المليون وحدة حرارية بأسعار تتراوح من 2 إلى 3 دولارات كحد أقصى ، وهذا أقل من السعر الذى تبيع به مصر الغاز البالغ 4.5 دولار ،بنسبة 33.3%.
وزارة البترول بدورها تتمسك بشدة بهذا السعر، وتعتبره سعرا منافسا للشركات ، على الرغم من أن الوزارة تبيع الغاز لشركات تتبعها تعمل فى مجال الأسمدة والبتروكيماويات بسعر 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية ، كما كانت تبيعه للكهرباء بسعر 3 دولارات أيضا تم رفعها مؤخرا ليكون 3.25 دولار.
البترول ترى أن السعر مناسب ربما لضمان احتلال قطاع البترول مكانة متميزة فى الدخل القومى ، ورجال الصناعة يرون أن السعر تقريبا ضعف السعر العالمى، والمتضرر الحقيقى الصناعة الوطنية ،التى تفقد أسواقا خارجية ، لصالح المنافسين فى ظل ظروف دولية دقيقة سواء نتيجة فيروس كورونا أو نتيجة دعم الدول لشركاتها ، هذه الظروف تستلزم من مصر دعم الصناعة؛ لكونها قاطرة التنمية وأساس التقدم بربط سعر الغاز والكهرباء أيضا بالمتوسطات العالمية .
الفيصل فى تصورى هنا أنه على الحكومة حسم الأمر، هل نحن بحاجة لانعاش الصناعة وزيادة الصادرات والتنافسية وحماية المنتج الوطنى وبالتالى نهضة الاقتصاد ؟ أم أن بيع الغاز بالسعر الحالى أكثر إفادة لها وللاقتصاد عامة؟ .. هذا الأمر يجب أن يتم الفصل فيه رقميا وبصورة أكثر شمولا ،وبحساب انعكاس خفض السعر ل 3 دولارات ، أو 3.5 دولار على الصناعة أو استمراه بوضعه الحالى.
هذه الحسبة الرقمية لابد أن تتضمن حجم الصادرات المتوقعة، بعد الخفض وحجم زيادة الإنتاج وحجم التوسعات وحجم الاستثمارات الأجنبية المتوقعة وحجم خفض الواردات ، وبالتالى يمكن التوصل لحل أو معادلة لبيع الغاز ،وهو ما طالبت به غرفة الصناعات الكيماوية برئاسة الدكتور شريف الجبلى، والعديد من الشركات مطالبة مختلف القطاعات لوزيرة التجارة والصناعة الدكتورة نيفين جامع، للتدخل لخفض السعر .
فى تصورى أيضا أن الصادرات يمكن زيادتها سنويا برقم يتراوح من 5 إلى 7 مليارات دولار نتيجة خفض الغاز ، كما سيوفر الخفض أعباء على الشركات لن تقل عن مبلغ يترواح من 10 إلى 15 مليار جنيه سنويا ، ويمكنه جذب استثمارات تصل لنحو مليار دولار سنويا ،بخلاف النقاط الايجابية الأخرى ،واستفادة العديد من القطاعات بشكل مباشر والنهوض بشركات قطاع الأعمال العام ، وهى قطاعات الأسمدة والحديد والصلب ،والمعادن والسيراميك والأسمنت ومواد البناء ، والبتروكيماويات والبلاستيك والتعدين والنحاس والغزل والمنسوجات والصباغة وبعض القطاعات الزراعية والداجنة .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة