أمل جديد فى الشفاء وتجاوز محنة الوباء للمرضى من ذوى الحالات الحرجة منحته بلازما المتعافين من الإصابة بفيروس كورونا، وهو ما دفع وزارة الصحة لإطلاق نداءات للتبرع بها لإنقاذ حياة أرواح يتهددها خطر الموت خاصة بعد إخفاق بروتوكولات العلاج المستخدمة فى وقف تدهور حالة أصحابها الصحية أمام الضربات المتواصلة التى يوجهها الفيروس لجهازهم المناعى.
إقبال المتعافين على منح بلازما دمهم لإنقاذ مصابين لا يعرفون أى منهم، ولم يلتقوا بهم من قبل وربما تفصلهم عنهم مسافات شاسعة كان كبيرا للغاية ومؤشرا على درجة كبيرة من الوعى بأهمية التكاتف المجتمعى من أجل حصار الوباء وإنقاذ الأرواح من بين أنيابه فى وقت مازالت تجرى فيه الجهود على قدم وساق فى شتى أنحاء المعمورة بحثا عن لقاح أو علاج شافى، لوضع كلمة النهاية على تتر فيروس جمد الكثير من مظاهر حياة البشر على الكوكب فى لحظة لن تمحى بسهولة من الذاكرة.
أن تمنح روحا لا تعرفها فرصة فى الحياة بقطرات تتبرع بها من دمك فأنت تحيى الناس جميعا، وليعلم جميع المتعافين من كورونا أنه فى الوقت الذى يواصل فيه الفيروس انتشاره ويقض مضاجع كبار السن وذوى الأمراض المزمنة فإن أبواب بنوك الدم القومية تظل مفتوحة أمام المزيد من واهبى الحياة بجرعات البلازما حتى يأذن الله عما قريب بزوال الكابوس.
ومع الأمل الجديد الذى خلقته البلازما فى منح قطاعات من المرضى الشفاء فإن هناك مخاوف مشروعة من أن تتحول البلازما إلى وسيلة للتربح والاستغلال من قبل أشخاص أو ربما جهات خاصة فى توقيت يبدو دقيقا للغاية.
لا يجب أن نترك المجال على الإطلاق للاتجار غير المشروع فى البلازما فى السوق السوداء بعيدا عن علم المتبرعين أو برضا البعض منهم، وإن حدث هذا وأراه مستبعدا، فإنه سيكون استنساخا لما جرى من قبل فى المطهرات والكمامات وبعض الأدوية التى ورد ذكرها فى بروتوكولات علاج المرض.
للأسف الشديد فإن بعض اللاهثين خلف الربح السريع بدأوا مبكرا الترويج لبضاعتهم الخبثية والدعوة للاتجار غير المشروع فى البلازما، وهو ما يتطلب تحركا حاسما لمواجهة هذا النوع من الاتجار فى أرواح البشر.
لا يمكن السماح بأن يكون المال وحده فاصلا فى حصول شخص على علاج ربما لا تتطلبه حالته الصحية، فى مقابل منعه عن آخر قد تمثل البلازما له آخر خيط للبقاء على قيد الحياة.
أحسب أن الالتزام بالمعايير التى وضعتها لجنة مكافحة فيروس كورونا بدقة شديدة مع وجود رقابة مشددة من الجهات المختصة يمكن أن يقطع الطريق مبكرا على مافيا الاتجار فى البلازما، فالأمر يجب أن يتم وفقا لتقرير طبى دقيق يؤكد حاجة المريض الماسة لهذا النوع من العلاج، حيث يتم اختيار من وضعوا على أجهزة تنفس قبل مرور 48 ساعة على هذا الأمر بحسب ما أعلنته اللجنة.
الغريب فى الأمر بحسب تصريحات إعلامية للدكتور حسام حسنى رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورونا بوزارة الصحة أن معظم من تلقوا جرعات البلازما بالمستشفيات الخاصة لم تكن حالتهم فى حاجة إليها من الأساس، وهو ما يؤكد أن البعض تكالب مبكرا على "بلازما المتعافين".
فى كل الأحوال فإن الرقابة الشديدة من وزارة الصحة، والوعى المجتمعى يظلان أكبر ضمانة لعدم تحول البلازما إلى ورقة جديدة فى يد أولئك المستغلين الجدد، الذين يسعون للربح السريع حتى لو على حساب صحة الناس بدءا من إعادة بيع الكمامات المستخدمة من قبل، وصولا إلى محاولة اللعب بالبلازما.
وقانا الله وإياكم من كل سوء
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة