يعد كيفية تحقيق التوازن بين حق الدولة السيادى في مواجهة خطر الإرهاب واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومبادئ سيادة القانون إبان إجراءات مكافحة الإرهاب، من أهم الموضوعات المثارة بين الفقه الدولي ومنظمات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، وهو ما أكدت دراسة رسمية نشرت على الموقع الرسمى للهيئة العامة للإستعلامات تحت عنوان :" حقوق الإنسان ومجابهة الجماعات الإرهابية المسلحة".
وجاء في الدراسة أن هذا الموضوع تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عدة قرارات صادرة عنها معنونة "حقوق الإنسان والإرهاب"، أعقبتها بحزمة من القرارات معنونة "حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب"، مضيفة أنه مما لا شك فيه أنه سوف يكون من المستوجب عند تقييم مدى مراعاة الدول لمبادئ حقوق الإنسان وسيادة القانون في سياق مكافحة الإرهاب، النظر إلى حجم الأخطار الناجمة عن الإرهاب، وما تسببه من خسائر في الأرواح والممتلكات، ذهبت في عصرنا الحالي إلى الانتقاص من سيادة وهيبة الدول.
وأكدت الدراسة أن مسألة حماية ومساعدة ضحايا الإرهاب، لا تثير مشكلات سوى تلك المتعلقة بتحديد الضحايا وبالإمكانات والآليات المتاحة لجبر أضرارهم، وأن المجتمع الدولي يولي ضحايا الإرهاب اهتماماً شديداً، آية ذلك ما جاء بالمحورين الأول والرابع من استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، حيث أعتبر المحور الأول من الاستراتيجية أن تجريد ضحايا الإرهاب، بجميع أشكاله ومظاهره، من إنسانيتهم، يُعد من بين الظروف المؤدية للإرهاب، كما ركز المحور الرابع المتعلق بالتدابير الرامية إلى احترام حقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون على الموضوعات المتعلقة بحماية حقوق ضحايا الأعمال الإرهابية.
وأشارت الدراسة إلى أن المنطقة العربية عانت ولا تزال تعانى من خطر الإرهاب وتداعياته بعد أن اجتاحتها موجة عاتية من الإرهاب "المنظم"، تقوم عليه جماعات الإرهاب المسلح، التي ترتكب خلال هجماتها أشد الجرائم بشاعة وجسامة، دون مراعاة لأدنى مبادئ الإنسانية، وترتب على ذلك سقوط أعداد لا حصر لها من المدنيين ما بين قتيل وجريح، لافتة إلى أن ذلك تزامن مع تدخل قوى إقليمية ودولية تعمل على خلق الصراعات على أسس دينية وطائفية وعرقية، لهدف واضح هو زعزعة الاستقرار وتدمير الجيوش العربية، بما يؤدي حتماً إلى إضعاف النظم العربية، وتفتيت الأوطان وتتميز هذه الصراعات بأنها تدور أساساً بين قوات نظامية وميلشيات انفصالية أو جماعات مسلحة غير نظامية تستخدم الإرهاب وسيلة لتحقيق أهدافها، وهي لا تسعى من خلاله إلى إثارة الفزع وإشاعة الرعب في النفوس فقط - وهي الأغراض النهائية للإرهاب التقليدي - بل إلى الانتقاص من هيبة الدول وسيادتها الإقليمية، متابعة:" ولذلك لم تتردد منظمة الأمم المتحدة في النظر إلى الموجة الجديدة من الهجمات الإرهابية منذ بداية هذا العقد على أنها تهدد السلامة الإقليمية للدول وأمنها وتزعزع استقرار الحكومات".
وتابعت :" وفي مصر استهدف الإرهاب الأسود أبناء الشعب المصري وأفراد القوات المسلحة والشرطة – على حد سواء - في هجمات غادرة، لا تفرق بين عسكري ومدني، مسلم ومسيحي، ولا تأبه بطفل أو شيخ، بما ترتب عليه سقوط مئات الشهداء والمصابين وخطورة هذه الموجة العاتية من الإرهاب أنها تقوم عليها جماعات تكفيرية متشددة، لا تتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم، باسم الدين، فتعتمد في شق منها على توظيف الدين لخدمة أهدافها، عن طريق استغلال سذاجة جماعات بعينها أو نزعتها الطائفية وطمعها في السلطة، أو دغدغة مشاعر من ينتمون لتيارات الإسلام السـياسي المتشدد وتمويلهم بالمال والسلاح لتحقيق أهدافهم ولم تعد العمليات الأمنية التقليدية تكفي لمواجهة هذا النوع الجديد والشرس من الإرهاب، فكان من اللازم تدخل القوات العسكرية لمواجهة تلك العمليات الإرهابية الواسعة بطريقة شاملة، ولاستهداف منفذيها، لمنع وقوع المزيد منها مستقبلاً".
يشار إلى أن "حقوق الإنسان ومـجابهة الجماعات الإرهابية المسلحة".. دراسة منشورة بدورية دراسات في حقوق الإنسان التي تصدرها الهيئة العامة للاستعلامات، أعدها المستشــار عادل ماجد نائب رئيس محكمة النقض المصرية وروان عادل ماجد باحثة بقسم العلوم السياسية – الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة