تناولت مقالات صحف الخليج اليوم السبت، عددا متنوعا من القضايا العربية والدولية، وكتب عبد الله السعدون، أن الأحداث العالمية والتقدم التكنولوجي أثبت أن الاقتصاد القوي يكمن في مجتمع المعرفة.
احتمالات الثورة الإيرانية القادمة
ضرب عضو تنظيم «الإخوان» في السودان كفاً بكف، وهو يُحدِّث مجموعة قيادية من أعضاء التنظيم، في اجتماع تم أثناء أحداث الثورة السودانية الأخيرة، وقال مستغرباً: كيف لهؤلاء الطلاب الذين يملأون الشوارع في الخرطوم والمدن السودانية أن يتظاهروا ضد نظامنا؟ ونحن من وضعنا برامجهم الدراسية، واخترنا مدرسيهم، ونصَّبنا مديري مدارسهم وجامعاتهم في الثلاثين سنة الأخيرة، المفروض أنهم من إنتاجنا، فكيف ينقلبون علينا؟ لم تجد تساؤلات ذلك القيادي - والتي سمعناها ورأيناها نحن المشاهدون من خلال ما بثه تلفزيون «العربية» في برنامج وثائقي منذ أسابيع، وكان بعنوان «الأسرار الكبرى» - إجابات غير الحيرة!
منطق ذلك القيادي يستحق التفكير، فالنظام الذي يمتلك كل أدوات التوجيه، وينشئ جيلاً كاملاً على سوية مرئياته، كيف يمكن لهذا الجيل أن ينقلب عليه؟ الإجابة في مكان آخر، لا يريد عادة الآيديولوجي أن يعترف بها، وهي أنك لا تستطيع أن تطعم الناس «آيديولوجيا»، فهم في نهاية المطاف في حاجة إلى خبز ودواء ووظائف يسترون بها إنسانيتهم، وشيء من الكرامة الإنسانية.
معروفة نتيجة التحرك الشعبي السوداني، وكيف أدى في النهاية إلى التخلص من نظام البشير المستند إلى كثير من التفكير الأسطوري خارج العصر؛ إلا أن الاتجاه يذهب إلى مكان آخر اليوم، وهو مستقبل النظام في إيران، فهو لا يواجه نقصاً في الغذاء والدواء وضعفاً في إدارة الدولة فقط؛ بل هو أيضاً سوف يعاني بعد الجائحة بنسبة كبيرة من المتعطلين ونقص في التمويل، سببه تدهور أسعار النفط، مما يدفعه لاستخدام القوة المفرطة لإرهاب الشارع.
المؤشرات واضحة، فقد اشتكى رئيس الجمهورية العراقية علناً على محطة «سي إن إن» منذ أسبوعين بالقول إن إيران تضغط بشدة من أجل فتح الحدود العراقية- الإيرانية، تحت شعار «آيديولوجي» هو السماح للحجاج الإيرانيين بالقدوم إلى النجف! واشتد الضغط حتى وافق العراق على فتح جزئي، في عالم تُغلق فيه الدول أبوابها حفاظاً على حياة مواطنيها. ذلك الضغط أسبابه اقتصادية بحتة، وتُظهر الوضع الخطير الذي وصل إليه الاقتصاد الإيراني، فحتى حياة البشر يمكن المجازفة بها.
هذا الملف أضيف إليه هذا الأسبوع ملف خطير ولافت، فقد نشرت مجلة «الشؤون الخارجية» الأميركية، صاحبة النفوذ في توجيه السياسات في الولايات المتحدة في عددها (مايو/ أيار- يونيو/ حزيران) دراسة مطولة، وربما هذه أول مرة، تتحدث فيها مطبوعة رصينة عن «ضرورة العمل على تغيير النظام الإيراني». وتسرد الدراسة عدداً كبيراً من الأسباب التي تجعل التفكير في استراتيجية تغيير النظام خطة واقعية. الدراسة اعتمدت على افتراض صحيح: أن هذا النظام ليست لديه القابلية بعد كل هذه السنوات ليتحول إلى نظام دولة تحترم القوانين الدولية، وتقدم إلى مواطنيها الحد الأدنى من العيش الكريم.
يرى المؤلفان أن الحديث عن «تغيير النظام» تعبير مكروه في واشنطن، نتيجة ما لاقته الإدارات المختلفة من عقبات في تجارب أخرى، ولكن الدراسة تقترح عدداً من الأدوات الناعمة يمكن استخدامها بعيداً عن استخدام القوة. وتذهب إلى أنه منذ أكثر من أربعين عاماً كانت الولايات المتحدة تراهن على «عقلنة النظام»، منذ الرئيس جيمي كارتر حتى الرئيس دونالد ترمب. كارتر رفض تطبيب الرجل المريض محمد رضا شاه في الولايات المتحدة، رغم كل العلاقة الخاصة معه، إرضاء للمزاج الثوري الإيراني، ثم جاء رونالد ريغان فقدم السلاح للنظام الإيراني في مقابل موافقة إيران على أن يقوم ذراعها العميل في بيروت «حزب الله» بإطلاق مختطفين لديه، فيما عُرف لاحقاً بفضيحة «إيران غيت»، ثم جاء الرئيس جورج بوش الأب وفتح باباً خلفياً للتفاوض، وخلفه بيل كلينتون الذي وجد ضرورة تهدئة النظام الإيراني بسبب ما كان يحدث في أفغانستان. أما بوش الابن فوضع إدارته في كل من العراق وأفغانستان بانسجام غير معلن مع إيران، بسبب أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 وما تلاها. ولم تكن هدنته مع من سماهم المعتدلين وقتها سراً.
أما السيد باراك أوباما، بسبب حلمه المثالي بحل مشكلات العالم عن طريق الدبلوماسية، محاطاً بعدد وافر في إدارته من أبناء المهاجرين، وكان معظمهم مصاباً برهاب الصراع والدعوة إلى السلمية، فقد اعتقد أن باستطاعته - بالسياسة - تعديل سلوك النظام، ووقَّع معه اتفاقاً أعرج يوفر له زمناً للوصول إلى إنتاج السلاح النووي بعد سنوات قليلة. حتى الرئيس ترمب، رغم الموقف الظاهري، هو الرئيس الوحيد الذي أعلن رغبته في الجلوس مع النظام الإيراني للتفاوض المباشر دون شروط مسبقة.
«الإيمان والعمل»
على العمودى
فيما تناول الكاتب على العمودي فى صحيفة الاتحاد الإماراتية رسالة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، قائلا:" كانت واضحة ومباشرة لدى استضافة مجلس سموه الرمضاني مؤخراً، محاضرة قيمة، وتمثلت في ضرورة المضي نحو أهدافنا الوطنية والإنسانية بالحرص على قيمنا التي نؤمن بها ونعمل لأجلها، قيم التلاحم والتكاتف والتضامن والرحمة والتفاؤل والإيجابية ضمن الأسرة الواحدة داخل «البيت المتوحد».
وقد أكد سموه تجاوز التحدي الذي نمر به من خلال «تلازم الإيمان والعمل معاً»، الإيمان بقيمنا الإسلامية والعمل بها والتزود بالعلم الحديث والمعرفة باعتباره طريقنا إلى المستقبل. ومشدداً على الدور الجوهري للقيم والأخلاق في المجتمع في الأوقات والظروف كافة، وهذا ما تجلى في شعب الإمارات والمقيمين على أرضها خلال هذه المرحلة».
من هنا ندرك سر حرص الشيخ محمد بن زايد على إدراج مادة التربية الأخلاقية في مناهجنا الدراسية ومتابعته للأمر بصورة متواصلة لنقطف اليوم ثمرة الإدراك المبكر لهذا الجانب عند بناء الأمم والشعوب والأوطان.
وحرص سموه على توجيه «كل التحية والتقدير إلى كل من يعمل لأجل سلامة هذا الوطن وصحة المواطنين والمقيمين، نفخر بهم جميعاً، ولا نفرق بينهم في عطائهم، وفي حبهم لهذه الدولة».
ولأننا في ظرف غير عادي، عقد مجلس محمد بن زايد محاضرته الأولى في حلة جديدة وشكل جديد مع المحافظة على جوهر التواصل والتفاعل المباشر الذي كان عليه خلال الأعوام السابقة، ونتشرف بحضوره خلال أماسي الشهر الفضيل.
محاضرة «بقيمنا نمضي نحو المستقبل» التي استهلت النشاط الرمضاني للمجلس، وقدمها عن بُعد الدكتور عمر حبتور الدرعي، المدير التنفيذي للشؤون الإسلامية في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، قدمت لنا عن قرب المحاضر، وهو كفاءة إماراتية نفخر ونعتز بها، وثمرة الاستثمار في الإنسان على هذه الأرض المباركة. أثرى موضوع محاضرته من جوانبها المتعددة في خدمة الفكرة السامية التي تمحورت حولها والمرتكزة على «استحضار قيم الدين الإسلامي الخالدة والمعاني الراسخة في ثقافتنا الوطنية لمواجهة التحدي والمضي نحو المستقبل».
وإذا كانت «الأزمات مختبرات معادن الرجال وقيم المجتمعات»- كما قال المحاضر، فإننا نفخر بمواقف ومبادرات قائد فذ، طمأننا مع هبوب بدايات عاصفة كورونا «لا تشلون هم» قولاً وفعلاً. حفظ الله الإمارات.
مجتمع المعرفة
فيما تناول الكاتب عبد لله السعدون فى صحيفة الرياض قضية المعرفة، قائلا :" أثبتت الأحداث العالمية والتقدم التكنولوجي أن الاقتصاد القوي يكمن في مجتمع المعرفة والذي يعتمد نجاحه على توجيه ومتابعة السلطة العليا في البلد، والدليل هو ما رأيناه وعشناه من نجاح منقطع النظير في مكافحة وباء الكورونا حين عملت الدولة بكل مؤسساتها بتناغم واحتراف لمحاصرة المرض، وتقليل آثاره على المواطن والمقيم...
من أصعب المواقف التي تواجه أي مسؤول في الدولة وخصوصاً أمراء المناطق هو إيجاد المزيد من فرص العمل للشباب المتخرج حديثاً، وإبقائه في المنطقة التي تخرج منها، وعدم نزوحه إلى المدن الكبيرة بحثاً عن العمل، واليوم سيكون القطاع الخاص خصوصاً في قطاع الخدمات أكثر المتأثرين من وباء كورونا، وفي تقارير البنك الدولي تحذير من بطالة قادمة على مستوى العالم، بطالة ستلقي بملايين البشر خارج أعمالهم، وعدد كبير منهم سيعود إلى خط الفقر، وخصوصاً في دول أفريقيا وآسيا ومنها الصين.
والركود الاقتصادي على مستوى العالم يعني استهلاك أقل للطاقة، وهي المكون الأساس لصادرات المملكة إلى العالم، وهو ما تنبهت إليه رؤية المملكة 2030، لكن ما لم يحسب حسابه هو وباء كورونا الذي أثر بشكل مباشر على واحد من أهم الأنشطة التي تولد الوظائف، وتعتمد عليها كثير من الدول في ميزان مدفوعاتها وهي السياحة، التي لن تعود إلى ما كانت عليه في القريب العاجل.
وقد أحسنت حكومة المملكة بتبني حلول عاجلة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وضمان بقاء المواطن في وظيفته لأنه من الصعوبة الحصول عليها فيما بعد، إضافة إلى إجراءات كثيرة تم الإعلان عنها كتخفيض الرسوم أو تأجيل تحصيلها، والمرونة في معاملة الموظفين الوافدين كمنحهم إجازات طويلة كي لا يكونوا عبئاً على المؤسسة قد يؤدي إلى إفلاسها، وحث المؤجرين للمحلات التجارية على تخفيض الإيجارات للأشهر القادمة.
والبطالة معضلة عالمية تعاني منها الدول، وخصوصاً الدول النامية، وتعاني منها الدول ذات الوفرة في المصادر الطبيعية أيضاً، مثل دول مجلس التعاون بسبب ما يسمى بالمرض الهولندي، وهو أن يصبح المجتمع مستهلكاً وغير منتج، نظراً لوجود مصادر دخل أرخص من أي نشاط آخر كالصناعة أو السياحة والخدمات، ومن الدول القلائل التي سلمت من هذا المرض هي النرويج التي لم تدخل ضمن ميزانيتها العامة سوى نسبة بسيطة من دخل النفط والغاز، وبدلاً من ذلك استثمرت جلّ عائداته في صندوق الاستثمارات العامة ليكون رافداً للحاضر والمستقبل.
والمملكة اليوم بقيادتها الفتية والحازمة والمتابعة بشكل دقيق لجميع الأنشطة الاقتصادية سوف تتغلب على مشكلة البطالة، وما تفرزه من أمراض اجتماعية بخطوات كثيرة تم الإعلان عنها، إضافة إلى نقاط أخرى من أهمها:
أولاً: ضرورة حماية المواطن الجاد في البحث عن العمل من المنافسة غير العادلة من قبل الوافدين بتقليل أعدادهم، وتخصيص أنشطة معينة للمواطن فقط والحزم في تنفيذها، وخصوصاً في هذا الوقت بالذات، واستمرار الحملات على المتخلفين والمبلغ عن هروبهم، ودراسة تقليل أو إيقاف الاستقدام مدة معينة، إضافة إلى تكثيف الحملات على التستر الذي يستنزف الكثير من الأموال إلى خارج البلد، مع التأكيد على ما صدر من قرارات سابقة بجعل وظائف المشتريات في الدولة والمدارس الأهلية والمؤسسات للمواطن والمواطنة.
ثانياً: المستقبل في العالم لمجتمع المعرفة، وهو المجال الذي تتنافس عليه دول العالم المتقدم بما فيه من ابتكارات وتطبيقات وحلول، وفي كتابه (بناء المجتمع المعرفي) للدكتور محمود المظفر الاستشاري والمتخصص في البحوث العلمية وإقامة المشروعات التكنولوجية وتطوير الأعمال، وهو مهنس عراقي يعيش في أميركا، ذكر أن أول خطوات بناء المجتمع المعرفي المنتج هو إقامة "المدن العلمية والتكنولوجيا والأعمال" وهو ما يعني أن تكون الجامعات وإدارات التعليم، وكليات التقنية هي الحاضنة لهذه المدن لتضم بداخلها مجتمعاً للتكنولوجيا والأعمال والابتكارات، ولتسهم في حلّ التحديات التي تواجه المجتمع ومكافحة البطالة ودراسة الحلول الممكنة والفرص المتاحة، واحتضان الطاقات الشابة المبدعة، مع توفير الدعم لهذه المدن العلمية من الحكومة بكل مؤسساتها، ومن القطاع الخاص بشركاته الكبيرة وبنوكه، والقطاع الثالث غير الربحي بما لديه من جمعيات أهلية يجب أن تتحول من متلقٍ للمساعدات وتوزيعها فقط إلى داعم وشريك في الإنتاج، والكتاب السالف الذكر صدر عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة، وهو جدير بالدراسة والتطبيق.