احمد عبد الهادى

لا تخافوا من كورونا .. احذروها بالضوابط الصحية

الخميس، 14 مايو 2020 12:43 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تقدم الحكومة للشعب المصري، في ظل جائحة كورونا، خيارات كثيرة ومتنوعة يوما بعد الآخر ، قرارات متتالية لمحاولة حمايتهم من فيروس كورونا المستجد ، وفي المقابل يبدأ المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، أو حتي في وظائفهم في تحليل تلك القرارات بأهوائهم الشخصية.
 
بعضهم يقول متهكما: "الحكومة عاوزه تنيمنا في البيت وتجوعنا احنا وعيالنا"، والبعض الآخر لا تخلو كلماته من السخرية: " القرارات بتاعة الحكومة متفصلة لرجال الأعمال وأصحاب الشركات"
 
وبعد أن استشعرت الحكومة بخطورة الازمة قررت فتح بعض المحال وعودة الحياة بنسبة لا تتعدي 40 % مع استمرار فرض حظر التجوال، ليعود نفس المواطنين، ليقدموا شكرهم وامتنانهم للحكومة التي شعرت بمعاناتهم ، ولكن بنفس السخرية والتهكم : "الحكومة فتحت كل حاجه تاني علشان تموتنا خلاص".
 
الأمور أدخلت مرحلة المواجهة الحقيقية ، وخصوصا في ظل تضاعف أعداد الإصابات اليومية، مقارنة ببداية الأزمة منذ شهرين، أصبحت الهواجس والشكوك تطارد الجميع بلا استثناء، فتخيل الإصابة بالعدوي كفيل بإصابتك بحالة من الهلع والأرق، ولما لا وهناك حالات وفيات بشكل يومي!
 
الرحلة تجبرك علي الحرص الشديد على اتباع كل الإجراءات الاحترازية، وتتطلب منك تقديم الشكر لكل من يقدم لك النصيحة، بداية من الحكومة، ومرورا بالأطباء، ووسائل الإعلام المختلفة التي تنشر من خلال منصاتها المختلفة طرق الوقاية من ذلك الفيروس اللعين.
 
ارتداء الكمامة، ولبس القفازات، والبعد عن التجمعات، من أهم النصائح التي لا تقبل التشكيك، أو الاستهانة بها، لأن الكبر والعناد وربما الاستهزاء، قد تكلفك إصابتك بفيروس كورونا سريع الانتشار، ولن يتوقف الأمر على إصابتك وحدك، بل سينتقل الأمر إلي مجتمعك الصغير والمكون من أفراد أسرتك" والدك ووالدتك، إخوتك، زوجتك، أبنائك، زملائك في العمل، جيرانك، المحلات التجارية التي تتسوق منها، حتي لو الضابط الذي يستوقفك في الكمين للاطلاع على هويتك ورخصة قيادتك، وربما قابلت أحد الشحاتين المحتاجين وأعطيته نقودا للمساعدة، قد يطوله الأمر، دائرة بسيطة قد تتسع لتشمل المئات، وينتقل إليهم فيروس كورونا الذي ينتقل كالنار في الهشيم، وكل ذلك بسبب قلة الوعي والإهمال والعند والمكابرة.
 
رحلة الخوف المرضية بدأت من أحد المستشفيات الخاصة ، حيث قررت الاطمئنان على صحتي بعد تعب استمر 3 أيام ، قررت إجراء بعض الفحوصات ,سألني الطبيب عن سبب معاناتي، وشرحت له الأمر بمنتهي البساطة: "سخونية في جسمي، حالة هبوط دائم",نظر لي الطبيب بتفحص شديد، وهدأ من روعي، وأخبرني بضرورة إجراء بعض التحاليل، وعمل أشعة للاطمئنان، وبعد لحظات حضر عدة أطباء وارتدوا بدل طبية مجهزة ومعقمة، وخوذات بالرأس لمنع انتقال الأنفاس.
 
شعرت للوهلة الأولي بدوار خفيف، بعد تزايد ضربات قلبي، وأنفاسي المرتبكة،  إحساس يداهمني للمرة الأولى، وخصوصا أنني كنت بمفردي، وبسبب اضطرابي وارتباكي، لم أستطيع الاتصال بزوجتي ولا أحد من أصدقائي المقربين، وبعدها قررت عدم الاستعانة بأحد لخوفي عليهم، ثم بدأت في قراءة ما تيسر لي من بعض آيات الذكر الحكيم، ويا لها من رهبة.
 
بعد ساعة تقريبا، أخبرني الطبيب أنني مشتبه بإصابتي بكوفيد 19 “كورونا" وقرر خضوعي للعزل، ولكني رفضت لأن تكلفة العزل تقدر ب 50 ألف جنيه ، وبعد ذلك وقعت علي إقرار  بالخروج من المستشفي علي مسئوليتي الشخصية، وضرورة التوجه لأحد مستشفيات الحميات .
 
خرجت من المستشفي، في حالة وجوم، ثم أشعلت سيجارة وتخيلت أن كل ما حدث، كان مجرد كابوس، ثم قررت التوجه بسيارتي بعيدا لاستنشاق الهواء، وشردت للحظات وانهمرت دموعي بعدما شعرت بأنني قد أتسبب في إيذاء أقرب الناس لي في حياتي، بدون أي ذنب.
 
هداني تفكيري إلى التوجه إلى أقرب مستشفي حميات، لعمل مسحة طبية، للتأكد من إصابتي بفيروس كورونا، من عدمه، وكنت أريد أن أقطع الشك باليقين، بعدما توقف عقلي تماما عن التفكير، بعدما انتابتني حالة كبيرة من القلق والتوتر.
 
  في تمام الساعة الثانية صباحا، فوجيئت، باتصال من الأستاذ خالد صلاح، رئيس تحرير اليوم السابع، وبدأ يطمئني ويهدئ من روعي، واندهشت من معرفته بالأمر!، ثم طالبني بالتوجه إلى مستشفى الحميات بإمبابة: "متخافش يا أحمد واطمن واطلع دلوقتي علي حميات إمبابة إعمل المسحة الطبية.. وباذن الله خير وهطمن عليك كل شوية".
 
تجربة المسحة لم تكن سهلة على الإطلاق ، فبمجرد دخول مستشفي حميات إمبابة وأصيب جسدي كله برعشة هائلة كادت تقتلع ضلوعي من أماكنها، وبدا توتري واضحا للجميع، بعدما تشابكت لفظيا مع الأمن، وموظف التذاكر، الطبيب، بدون أى داع، لقد تملكني الخوف وسيطر الوهم على تفكيري.
 
دخلت إحدي الغرف، لعمل المسحة الطبية، واندهشت عندما وجدت الطبيب ممسكا بعود ثقاب مبطن وطويل يصل طوله حوالي 30 سم ، وطالبني بتحمل الألم ثم أدخلها بالكامل داخل أنفي، وشعرت بدوار كبير وغبت عن الوعي للحظات، وداهمني شعور لحظي بأنني فارقت الحياة، وخصوصا أنه أحضر عود ثقاب جديد وأدخله في حنجرتي، وشعرت باختناق كبير كاد يودي بحياتي.
 
بعد الانتهاء من عملية المسحة الطبية، انتظرت في شقتي بمفردي لمدة ٤٨ ساعة، بدون نوم وقلق متواصل، انتظارا للنتيجة الحاسمة, كنت خائفا ومتوترا بشكل مبالغ فيه، وبدأت أفكر في محيط دائرتي الصغيرة، التي تعاملت معهم من أهلي وزملائي، وباتت الأسيئلة التي تتردد بذهني: هل أنا تسببت في نقل العدوي لهم؟ هل سيسامحوني؟.
 
كان يهاتفني أستاذ دندراوي كل ساعة تقريبا، ويطالبني بالتحلي بالصبر، وعندما أنهار بالبكاء: استرجل يا عبدالهادي عيب عليك ، عمرو جاد يهزقني .. ده بيقولي انت لو شوفت 2000 جنيه بعينك هتخف وحدك ، إبراهيم أحمد كان يدللني مثلما يدلل ابن شقيقته: اجيبلك أكل وأجيلك أجيبلك عصير، أسرة اليوم السابع التي لم يخذلني منهم فردا كانوا على قدر المسئولية، وشملوني بحبهم الكبير
 
وأخيرا بعد انتهاء ال 48 ساعة التي مرت كالدهر ، رن هاتفي، وطمأنني أستاذ خالد صلاح:  مبروك يا أحمد النتيجة سلبية الحمد لله، يا لها من فرحة، تبدل الحزن والهم إلي سعادة، تحولت طاقتي السلبية إلى شعلة من النشاط والحيوية، تبدل الظلام بالنهار المتوهج بأشعة الشمس الذهبية، التي شعرت للحظات أنها تتمايل من الفرحة، شعور لم أعتاده من قبل، إنه شعور العودة للحياة.
 
الحمد لله رب العالمين ، بلاش تضايق من قرارا بمنع دخولك مكان بدون كمامة ، بلاش تضايق من شغلك انه بيقولك حافظ علي نفسك كل شوية ، لأنك لو عيشت التجربة ولو حتي سلبية هتخرج تقول أنا آسف يانفسي مش هعمل كده تاني .









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة