دينا شرف الدين

الأبحاث وأخطاء أولياء الأمور والمدرسين

الجمعة، 01 مايو 2020 02:44 م


أود في بداية الحديث أن أحيي السيد الفاضل وزير التربية و التعليم علي ذكائه في انتهاز الفرصة لفرض التغيير المرجو بالمنظومة التعليمية العقيمة التي أسفرت عن عدة أجيال مصابة بالجهل و فقدان الوعي و المعرفة في ظل عقود مضت من استتباب الأوضاع المزرية بالمدارس و الجامعات العامة منها و الخاصة ،

و توحش و طغيان مافيا الدروس الخصوصية و السناتر و الملازم الخاصة و خلافه من أشكال استبداد قطاع المدرسين الذين استماتوا علي بقاء الحال علي ما هو عليه لضمان استمرار و تزايد مصادر دخولهم التي لا تتوقف عن التزايد عاماً بعد عام .

 

فشكلوا جبهات بعينها للمقاومة و تثبيط كافة محاولات التغيير و التطوير التي جاء بها الدكتور طارق شوقي ليجد نفسه طرف بمفرده بمواجهة جيش أو بمعني أدق عصابة ذات أفرع متعددة كعصابات المافيا ،

 

و ما ان حدث ما حدث ، و اجتاحت الدنيا جائحة كورونا لتتبدل الأحوال من حال إلي حال ، قام  السيد الوزير  مشكوراً بانتهاز الفرصة كأحسن ما يكون ، و ربما هيئت له الأقدار  أن يتحقق مراده بعدما غلت أيادي الطامعين الذين لا يعنيهم بالأمر سوي استقرار أوضاعهم المادية ببقاء الحال علي ما هو عليه .

 

و بعد أن شرع السيد الوزير بفرض هذا التحرر من ذاك العقم العقيم ، بتحرير أذهان الطلاب و التحليق خارج هذا الصندوق الأسود و الخروج من تلك الدائرة المغلقة علي الحفظ و التلقين ثم نسيانه فور الخروج من لجنة الإمتحان

فطرح عدة موضوعات للبحث الذي هو بديل لهذا الإمتحان التقليدي ، و ترك الحرية الكاملة للطالب باختيار مصادرة من خارج الكتاب المدرسي و إطلاق العنان لمخيلته و تأملاته العقلية و استنتاجاته العملية التي لم يصادفها من قبل ،

ليقدم موضوعاً بحثياً  متكاملاً يختاره دون خوف من درجات أو علامات و رسوب أو نجاحات .

 

فيشعر أخيراً  هذا التلميذ أنه قد تحرر عقلياً من قيود لم يكن يعلم من قبل أنها قيوداً ، و يقدم  موضوعاً  يعبر به عن وجهة نظره و درجة فهمه و استيعابه لهذا المبحث الذي فضله و استهواه دون غيره ،

 و من هنا يبدأ التغيير و الخروج الآمن من بين فكي السبع لتكون الإنطلاقة الأولي لعملية تطوير شاملة لهذه المنظومة التعليمية المهلهلة التي عفا عليها الزمان و مضي .

   

و لكن :

سرعان ما أبي أولياء الأمور  الكرام  بالتعاون مع عصابات المافيا من المدرسين ليحبطوا المحاولة و يغلقوا الطرق الممهدة بعثرات متعمدة و يلبسوا الحق بالباطل و هم يعلمون  

 

فسارع كل  ولي أمر بالعمل علي البحث الذي اختاره بنفسه لإبنه أو ابنته و قام بتجميع المصادر ،  

و فضل البعض الآخر  اللجوء إلي طائفة التجار من المدرسين الذين عرضوا قائمة بأسعار البحوث المطلوبة للبيع العلني و أسسوا الصفحات و الجروبات علي مواقع التواصل المختلفه و الواتس آب تعويضاً عن نصف العام الذي أصابه الركود و توقفت به حركة البيع و الشراء و المتاجرة بامتصاص أكبر قدر من دماء الأهالي ، هؤلاء الذين ربما استساغوا هذا الإستنزاف، و كلما سنحت لهم الفرصة بالخلاص منه عادوا ليبحثوا عنه من جديد .

 

فعندما سألني إبني الطالب بالصف الثالث الإعدادي عن كيفية عمل البحث ، لم أبخل عليه بالطرق و الكيفية و شرح الطريقة السليمة التي تمكنه من عمل البحث،

و عندما سألني المساعدة فيما هو أكثر من الإرشاد الأولي ، رفضت بشدة و حملته مسؤولية البحث عن المصادر و كتابة الموضوع بنفسه دون أي مساعدة ، و ربما قمت بتحفيزه و تشجيعه ليثق بقدراته و يقدم  أفضل ما عنده ،

 

و لكن ما أحزنني كثيراً و أحبط سعادتي بهذه البادرة من الأمل التي هيئتها الظروف ،

بعد أن قال لي ابني أن بعض زملائه قد اشتروا الأبحاث جاهزة مجهزة من بعض المدرسين ، و البعض الآخر قام والديه بعمل الأبحاث .

 

فبأيدينا نحن لا بيد الغير  نغلق أبواب الأمل بمستقبل أفضل لأولادنا ، و نخشي ألا نحلق بآفاق التطور و ننطلق مثلما انطلق من سبقونا ، لنستميت و بشدة و ننفق المزيد من أموالنا لإقرار الفساد المعتاد و إن كان المقابل تدمير مستقبل بلادنا




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب