يطلق الكثيرون أحكاما قاسية على الراقصات ويعتقد البعض أن الراقصة هى أبعد ما تكون عن طريق الله أوعمل الخير ويرون فيها الشخصية الشريرة وخرابة البيوت.
لكن على العكس يمتليء تاريخنا الفنى بالعديد من الراقصات صاحبات المواقف الإنسانية اللاتى اجتهدن فى أعمال الخير وأشهرهن تحية كاريوكا وسامية جمال ونعيمة عاكف.
وفى يوم الرقص العالمى نعرض لبعض من جوانب حياة هؤلاء الفنانات بعيدا عن الأضواء.
كانت تحية كاريوكا من أشهر الفنانات اللاتى عرفن بمواقفهن الوطنية ومساعدة الفدائيين قبل ثورة يوليو ومنذ بداية مشوارها الفنى، وبعد ثورة 1952 شاركت كاريوكا فى قطار الرحمة وتبرعت بمجوهراتها، وجمعت التبرعات للجيش بعد نكسة يونيو 1967، وكان لها دور بارز فى حرب أكتوبر سواء فى جمع التبرعات أو مع الهلال الأحمر وفى مستشفى قصر العينى، حيث أقامت لشهور بعنبر 21 لخدمة الجرحى والمصابين.
كما عرفت كاريوكا بمواقفها المساندة لصغار الفنانين والعمال والكومبارس ومساعدتها الدائمة لهم،فضلا عن أطفال الشوارع والأيتام والفقراء.
وقضت كاريوكا مدة الـ 25 عاما الأخيرة فى حياتها متفرغة للعبادة وقراءة القرأن وكان على صلة دائمة بالشيخ الشعراوى ، ورغم الظروف المادية الصعبة التى عانت منها فى نهاية حياتها كانت تجود بكل ما يأتيها من أموال قليلة لإطعام الفقراء بنفسها فى السيدة نفيسة والسيد البدوى، والعمال الفقراء حول منزلها.
وفى نهاية حياتها عثرت كاريوكا على طفلة رضيعة أمام باب شقتها ورفضت التخلى عنها وكفلتها وقامت برعايتها حتى وفاتها.
أما الفراشة سامية جمال فقد عانت فى طفولتها من قسوة الحياة والظروف وتعذبت بالجوع والضرب فى طفولتها، حيث عانت من أقسى أنواع العذاب على يد زوجة أبيها التى حرمتها من كل شىء، التعليم، والطعام، واللعب، ولكن أكسبتها ظروفها وحياتها الصعبة حناناً وعطفاً بلا حدود على الضعفاء والبسطاء و عرفت دائما برقتها ورقيها فى التعامل.
كانت الفراشة أما حنونا لقسمت ابنة زوجها رشدى أباظة وتولتها برعايتها حتى بعد طلاقها من دنجوان السينما ووفاته.
كما كانت الفراشة عزيزة النفس ورغم تعثر حالتها المادية كانت تتولى رعاية أبناء شقيقتها الخمسة ورفضت قبول أى مساعدة من أحد وعادت للرقص وهى فى سن الستين بعد أن غرقت شقتها بالمياه وعرض عليها الفنان سمير صبرى العودة للرقص بفرقته.
وبعد فترة عمل عرضت فيها الفرقة فى أنحاء العالم توقفت الفراشة عن الرقص ،وابتعدت عن الأضواء وأدت فريضة الحج وكان آخر ظهور وآخر صورة التقطت لها وهى بملابس الإحرام، ثم اعتكفت فى بيتها تقرأ القرآن وتصلى، وتتصدق على الفقراء متخفية وراء نقاب، كما أوضح بواب عمارتها، كما كانت تعشق السيدة نفيسة وتذهب دائما للصلاة، وقبل وفاتها بشهرين اشترت مدفناً وعندما ذهبت لرؤيته وجدت المقاول وضع عليه لافتة «مدفن الفنانة سامية جمال»، فاعترضت قائلة أن الموت ليس فيه فرق بين فنان وغيره، وأوصت بأن يخرج جثمانها من سلم الخدم وأن يصلى عليها فى مسجد السيدة نفيسة، التى كانت تصلى فيه دائما، ورحلت فى1 ديسمبر عام 1994.
أما الفنانة الاستعراضية الجميلة نعيمة عاكف فلم تتحدث كثيرا عن علاقتها بربها، ورفضت فى إحدى المرات أن يلتقط لها أحد المصورين صورة وهى تصلى، وقالت له إن الصلاة علاقة بينها وبين ربها لا يجب أن تتاجر بها أو تكون محلا للنشر فى الصحافة.
و كانت نعيمة تبتعد عن الأجواء الصاخبة وعدسات كاميرات المصورين، خلال شهر رمضان، وتفضل أن تقضى أغلب أوقاتها فى الاعتكاف والالتزام بالصلاة وقراءة القرآن.
وبعدما أنجبت نعيمة عاكف ابنها الوحيد، وأثناء مشاركتها فى فيلمى أمير الدهاء وبياعة الجرايد عام 1963 شعرت بالإعياء، واكتشفت إصابتها بسرطان المعدة، ورغم ذلك خرجت من المستشفى، لتستكمل الفيلمين، وبعدها عانت الفنانة الشابة أشد المعاناة مع المرض، لمدة عامين لا يدرى أحد كيف كانت تناجى ربها وكيف تقربت إليه وماذا تحملت وهى تستعد للرحيل بينما ترى ابنها الذى لم يتجاوز 4 سنوات يتشبث بها، ولا يدرك أنها ستفارقه مبكرا، وبالفعل رحلت الجميلة عام 1966 وكان آخر ما نطقت به اسم « محمد» ابنها الذى لم يشبع من حنانها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة