ذكر البعض إن الإله أوزيريس هو نبى الله إدريس، وقد ذكر بعض المؤرخين المسلمين أن نبي الله إدريس قد حكم مصر، ونسب إليه البعض بناء الأهرامات مثلما ذكر الإمام السيوطي في كتابه "حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة"، ومؤخرا أثار الدكتور على جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومفتى الديار المصرية الأسبق، جدلاً حينما قال في أحد البرامج "إن مما قيل فى نبى الله إدريس عليه السلام، ورجحه بعض علماء المسلمين، مثل الشيخ محمود أبو الفيض المنوفى فى كتابه (العلم والدين) أن وجه تمثال أبو الهول فى مصر، هو وجه سيدنا إدريس".
ومن جانبه قال الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية، إن العلماء والمؤرخين المسلمين ذكروا أن نبي الله إدريس كان بين من دخلوا مصر من الأنبياء، ويذكر أنه عاد إلى مصر، وحكمها وزاد في مسار نهر النيل، وقاس عمقه وسرعة جريانه وكان أول من خطط المدن ووضع قواعد للزراعة وعلّم الناس الفلك والهندسة، وقال إن البعض يدّعي أن أحد أهرامات مصر قبره". وأوضح الدكتور عبد البصير أن هذا ليس مثبتًا لدينا من الناحية الأثرية.
أما عن نسبة بناء الأهرامات إلى نبي الله إدريس، فأوضح الدكتور حسين عبد البصير أنه تم ذكرها من قبل ابن تغري بردي في كتابه "النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة"، فقال: "إنه قد استدل من فهمه لحركة الكواكب على قرب الطوفان، فبنى الأهرامات وأودعها العلوم التي خشي من ضياعها"، وذكر المقريزي أيضًا في كتابه "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار" - أو الخطط المقريزية - أن "إدريس ملك مصر وكان أول من بنى بها بيوتًا للعبادة، وأنه أول من علّم الناس الطب." وأكد الدكتور عبد البصير أن هذا ليس صحيحًا من الناحية الأثرية لأسباب عديدة ومعروفة لكل علماء المصريات في مصر والعالم.
أما عن علاقة المعبود أوزيريس بنبي الله إدريس، قال الدكتور عبد البصير الحقيقة الأثرية تشير إلى أن المعبود أوزيريس يعتبر أهم وأشهر ورأس مجمع الآلهة المصرية القديمة، وظهرت عبادته في عصر الأسرة الخامسة عندما ذكر اسمه في "متون الأهرام" الخاصة بالملك "ونيس" آخر ملوك الأسرة، وذكر أيضًا في مقابر أشرافها. واعتبره المصري القديم إلهًا خالصًا له القدرة على الخلق والإبداع والابتكار وتم تمثيله كرب للعالم الآخر وسيد للموتى ومن ثم الأبدية، وبرغم اعتقادهم بأن كل المعبودات عرضة للموتى فيما عدا أوزيريس، فقد تعرض أوزيريس لمحاولة غدر وخيانة من قبل أخيه الشرير "ست" الذي قتله ووزع أجزاء جسده عبر الأرض المصرية. ونجحت أخته وزوجته الوفية إيزيس في تجميع أجزاء جسده وإعادته للحياة مرة أخرى، وفقًا للأسطورة الأوزيرية.
وأشار الدكتور حسين عبد البصير، إلى أنه إذا حاولنا تحديد مكان عبادة أوزير الأول، يصعب علينا ذلك، لكنه ارتبط بهليوبوليس (عين شمس حاليًا) وجاء ذكره في "متون الأهرام" مع إيزيس وست ونفتيس كواحد من أبناء الرب "جب" (رب الأرض) والربة " نوت " (ربة السماء) وكواحد من الآلهة التسعة (التاسوع) العظيم الخاصة بمدينة عين شمس. وتشير النقوش في هليوبوليس إلى أن أوزيريس تم تصويره مع بقية أفراد التاسوع المقدس، ولعل أهم مكانين ارتبط بهما الإله هما: أبيدوس وأبوصير، وفي أبوصير، اتحد مع معبودها القديم وأخذ كثيرًا من صفاته، وفي أبيدوس، اتحد مع معبودها القديم "خنتي إمنتيو "، كما سلف القول، واتحد كذلك مع ملوك الموتى. وأصبح سيدًا للغرب، وحاكمًا لعالم الموتى، وإمامًا للغربيين أي الموتي الذين كان يتم دفنهم في الغرب عادة. وتم تصوير الإله في هيئة آدمية وكانت له شعر مستعار ولحية يخصان المعبودات. وصُور أيضًا على شكل مومياء ذات أرجل متصلة ملتصقة ببعضها البعض إشارة إلى طبيعة الإله الجنائزية وإرتباطه بعالم الموتى. وظهر في عصر الدولة الوسطى بالتاج الأبيض فوق رأسه إشارة إلى أصله الصعيدي. وارتدى كذلك فوق رأسة تاج يُعرف بـ"الآتف". وارتبط الرب أوزيريس بالزراعة والبعث والإخضرار والهناء وإعادة إخصاب التربة المصرية. وكان له الدور الأعظم في محكمة الموتى في العالم الآخر. واتحد مع عدد مع المعبودات الأخرى المهمة في مصر القديمة، وفي النهاية يؤكد الدكتور عبد البصير مما استعرضناه نقول فى النهاية إن الإله أوزيريس ليس هو نبي الله إدريس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة