"تزوجت من زوجي (نبيل.ر) منذ عام تقريبا، وفوجئت بعد الزفاف أنه لا يستطيع إتمام العملية الزوجية – المعاشرة – الجميع أكد أن هذا أمر طبيعي يحدث للعديد من الشباب يوم الزفاف – الدخلة – بسبب عملية ربط الزوج، والربط هو عبارة عن عمل سحر حتى لا يستطيع الرجل معاشرة المرأة، كما يوصفه البعض خاصة في أرياف مصر، الأمر الذي أدى بنا للذهاب للعديد من المشايخ في القرى والنجوع لفك هذا الربط كما نصحنا العديد من الأقارب والمعارف".. بهذه الكلمات بدأت "ه.ع"، 26 سنة، بمحافظة القليوبية، سرد مأساتها لـ"اليوم السابع" فى محاولة لإيجاد حل قانوني للأزمة.
مأساة سيدة.. تزوجها زوجها وهو مصاب بالعنة (اضطراب القدرة الجنسية)
وتابعت السيدة المتضررة: "تمكنت من إقناعه بصعوبة الذهاب إلى الطبيب عندما فشل المشايخ في علاجه، ولكن الأطباء أيضاَ فشلوا بعد أن قرروا أنه مصاب بالعنة، فقد مر عام ولم يبرأ من علته خاصة بعد أن وصلت لي معلومة من أحد أقاربه أنه عاجزاَ جنسياَ من قبل الزواج منى وأنه وأهله على علم بهذا الأمر، فقررت طلب الطلاق بشكل ودي، لكن الزوج رفض وتعنت وأصر على عدم التطليق، فلجأت لرفع دعوى قضائية بعدما علمت أنه يجوز لى الطلاق للعنة أو للضرر، ولكن السؤال هنا هل يحق لى التعويض عما بدر من هذا الرجل الذى جعل منى حقل تجارب؟ وهل يكون طلب التعويض بناء لقواعد المسئولية التقصيرية أم المسئولية العقدية؟ ".
التعويض يقع ضمن قواعد المسئولية التقصيرية وليس العقدية
وللإجابة على هذا السؤال، يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض عماد الوزير، إن العنة من الناحية الشرعية والقانونية هي عجز في الانتصاب عند الرجل يصعب معه اتمام العلاقة الجنسية وهو من عيوب الرجل الموجبة للطلاق، ويُطلق عليه "طلاق للضرر" وفي الغالب يكون عيب خلقي ووصفه عجز جنسي وليس ضعفا، ومن موجبات الطلاق، أما عن أساس الحكم بالتعويض عن الضرر الذي لحق بأحد المتعاقدين نتيجة إبطال العقد هو باعتباره واقعة مادية متى توافرت عند تكوينه شروط الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية فى جانب المتعاقد الأخر الذي تسبب بخطته فى إبطال هذا العقد، ومؤدى ذلك أن العقد بعد أن يبطل لا يصلح أساساَ لطلب التعويض وإنما يكون أساسه هو خطأ المتعاقد الذي تسبب في إبطاله وتخضع دعوى التعويض الناشئة عنه لقواعد المسئولية التقصيرية والتقادم المسقط المنصوص عليها فى المادة 172 من القانون المدنى، وبذلك يكون طلب التعويض يخضع لقواعد المسئولية التقصيرية وليس المسئولية العقدية.
مدة انقضاء الدعوى
وأضاف "الوزير": كما أن النص فى الفقرة الأولى من المادة 172 من القانون المدنى على أنه: "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء 3 سنوات من اليوم الذى علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، تسقط الدعوى فى كل حال بانقضاء 15 سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع"، يدل على أن المراد بالعلم لبدء سريان التقادم الثلاثي المقرر به هو العلم الحقيقى الذى يحيط بوقوع الضرر وشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء 3 سنوات من يوم هذا العلم ينطوى على تنازل المضرور عن حق التعويض الذى فرضه القانون على الملتزم دون إرادته، مما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضى هذا التقادم.
ومفاد ذلك أن العلم الحقيقى للمضرور بالضرر الذى يبدأ منه سريان التقادم الثلاثى المنصوص عليه بتلك المادة – إذا توافر له العلم أيضاَ بشخص المسئول عن الضرر لا يتحقق إلا من تاريخ الذى تنكشف له عناصر التعويض التى لا تتضح إلا بعد أن يتبين حقيقة الضرر الذى لحقه، والقول بأن الأثر الكاشف للحكم ببطلان العقد يرتد بهذا البطلان إلى يوم صدور ذلك العقد ليبدأ منه سريان التقادم غير صحيح فى القانون ذلك أن هذا الأثر وإن كان يزيل العقد فى خصوص التزامات طرفيه التعاقدية منذ إبرامه إلا أنه لا أثر لذلك فى خصوص بدء سريان تقادم دعوى التعويض عن العمل غير المشروع الذى أدى للحكم بهذا البطلان لأن العبرة فى بدء سريان التقادم ليست بافتراض وقوع الضرر وعلم المضرور به والمسئول عنه منذ إبرام العقد قياساَ على الأثر الكاشف للحكم بالبطلان، بل العبرة فى ذلك – وعلى ما جرى به نص المادة 172/1 من القانون المدنى – هى بوقوع الضرر فعلاَ وبالعلم الحقيقى به وبامسئول عنه وهو ما لا يتحقق بالفعل إلا يوم صدور ذلك الحكم النهائى بالبطلان.
تصدى محكمة النقض للأزمة
وعن هذه الإشكالية فقد سبق لمحكمة النقض المصرية التصدى لواقعة مشابهة فى الطعن المقيد برقم 1902 لسنة 58 القضائية - حيث قالت المحكمة فى حيثيات الحكم أنه لما كان العلم الحقيقى بالضرر الذى يعتد به لبدء سريان التقادم الثلاثى لدعوى التعويض لا يتحقق إلا من التاريخ الذى تتبين فيه الزوجة المتضررة حقيقة الضرر الذى لحقها وهو ما لا يتحقق بالفعل إلا يوم صدور الحكم النهائى ببطلان عقد زواجها بالمطعون ضده بسبب فعله غير المشروع، وإذ كان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد قضى بسقوط حق الطاعنة فى التعويض بالتقادم الثلاثى استناداَ إلى تحقق علمها بالضرر وبشخص المسئول عنه منذ تاريخ زواجها بالمطعون ضده – بالمخالفة للنظر المتقدم – فإنه يكون مشوباَ بالفساد فى الاستدلال بما يوجب نقضه.
والطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك تقول إن الحكم قضى – ومن تلقاء نفسه – برفض طلبها برد قيمة منقولاتها الزوجية تأسيساّ على عدم طلبها ابتداء التنفيذ العينى قبل التنفيذ بطريق التعويض، فى حين أن المطعون ضده لم يبد هذا الدفع أو رغبته فى التنفيذ العينى خلال فترة تداول الدعوى أمام محكمة الموضوع، وإنما اقتصر دفاعه بخصوص هذا الطلب على إنكار تسلمه هذه المنقولات، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
المحكمة فى هذا النعى قالت إنه فى محله حيث أن الأصل وفقا لما تقضى به المادتان 203/1، 215 من القانون المدنى هو تنفيذ الالتزام تنفيذاَ عينياَ ولا يصار إلى عوضه أو التنفيذ بطريق التعويض إلا إذا استحال التنفيذ العينى، فإذا لجأ الدائن إلى طلب التعويض وعرض المدين القيام بتنفيذ التزامه – متى كان ذلك ممكناَ – فلا يجوز للدائن أن يرفض هذا العرض لأن التعويض ليس التزاماَ تخييرياَ أو التزاماَ بدئياَ بجانب التنفيذ العينى، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد قصرت دعواها على طلب التعويض، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض هذا الطلب تأسيساَ على مطلق القول بأنها – الطاعنة – لم تلجأ أولاَ إلى طلب التنفيذ العينى دون أن يبحث عما إذا كان المطعون ضده على استعداد لرد المنقولات الزوجية عينا من عدمه أو يثبت ضياعها أو تلفها كلياَ وصولاَ منه لاستحالة التنفيذ العينى والاستعاضة عنه إلى التنفيذ بطريق التعويض – وذلك بصرف النظر عن طلب الطاعنة – فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون، بما يوجب نقضه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة