التنمر على ضحايا كورونا مازال مستمرا، سواء بصورة مخططة أو عشوائية، فالبعض ينظر إلى مصاب كورونا على أنه وباء يجب إبعاده عن المجتمع، حتى لو تماثل للشفاء، والبعض الآخر يجد فى كورونا مصدرا للوصم والتمييز ضد أى مصاب أو متوفى بالمرض، وخير دليل على ذلك ما حدث خلال الأيام الماضية فى قرية شبرا البهو بالدقهلية، التي رفض أهلها دفن طبيبة توفاها الله بعد إصابتها بـ كورونا، فى مشهد لم يألفه الشعب المصرى، ويرفضه الدين، ويتعارض مع عادات وتقاليد المجتمع.
الوصم ضد مصابى كورونا بدأت منهجته بصورة غير مقبولة، بعدما تقدم أحد نواب البرلمان باقتراح برغبة إلى رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولى، لإنشاء مدافن خاصة بضحايا كورونا خارج الحيز السكنى، وفى الظهير الصحراوى، معللا أن هذا الإجراء يحفظ كرامة الميت ويقضى على المشكلات المتعلقة بأى نزاع أو خلاف على عملية دفن المتوفين، والحقيقة لم يفكر نائب البرلمان فى إجابة على سؤال واحد وهو ماذا لو أصيب شقيقه أو أحد أفراد عائلته وكانت نتيجة الإصابة الوفاة، فهل يقبل أن يتم دفن أحد أفراد عائلته فى مقابر الظهير الصحراوى ؟! هل يرضى أن يدفن موتاه فى قبر بدون شاهد!!
بالطبع ستكون الإجابة معروفة، لذلك علينا أن نحترم موتانا ونقدرهم ونرفع الوصم والتمييز عنهم، خاصة أن المصرى منذ عهود الفراعنة حتى الآن يقدر موتاه، بل كان يقيم لهم المعابد والشواهد الضخمة، فلم يتبق من هذا العصر سوى ثقافته الجنائزية التى ورثها عنهم المصريون جيلا بعد الآخر، ولا يمكن الآن أن نقنعهم بتغيير ثقافة تجاوز عمرها 5 آلاف سنة من أجل كورونا.
الاقتراح بإنشاء مقابر فى الظهير الصحراوى، يختلف كثيرا عن فكرة مقابر الصدقة، التى نعرفها منذ سنوات طويلة، ويدفن فيها المشردون ومن هم بلا مأوى ومن لم يستدل عليهم، أو من لا يمتلكون مقابر وحالتهم الاجتماعية صعبة، فمقابر الصدقة لها دافع إنسانى، وهى تكريم الميت الذى لا يجد أهلا أو لا يملك مدفنا، بينما مقابر كورونا بالظهير الصحراوى فكرة قائمة على الوصم وأن ضحايا المرض وباء يجب التخلص منهم بأى صورة، حتى ولو كانت من خلال وضعهم فى مقابر جماعية.
منظمة الصحة العالمية حسمت الجدل حول جثث المتوفين بكورونا وأكدت أنه ما من دليل علمى أنها تنقل العدوى أو تساهم فى انتشار المرض، وكل ما يثار حول أنها تنقل المرض أمر من أفعال الجاهلية لا يحترم العقل، ولا يقدر الدين ولا يعرف معنى الإنسانية، ولعلى ذكرت من قبل وسأظل أتحدث عن فكرة أن كورونا يختبر إنسانيتنا قبل اختبار قدرتنا وقوتنا.
مواجهة أزمة كورونا لن تكون من خلال بناء المقابر أو إهانة المصابين وتشويه صورتهم، بل بالعلم والإنسانية والتعاون وتقدير النفس البشرية التى خلقها الله في أحسن تقويم ومنحها كل مظاهر القوة لعمارة الأرض واستقرار الحياة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة