نواصل مع المفكر العربي الكبير جواد على (1907 – 1987) قراءة تاريخ العرب والتعرف على قبائلهم وعلاقاتهم وذلك من خلال كتابه المهم "المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام" وسؤال اليوم: ماذا فعل الرومان فى بلاد العرب؟
ضمت "العربية النبطية" سنة "105" أو "106" بعد الميلاد إلى الأملاك الرومانية وكون منها ومن أرضين أخرى ضمت إليها مقاطعة جديدة عرفت باسم "الكورة العربية" "Provincia Arabia" "المقاطعة العربية" وجعلت تحت حكم حاكم بلاد الشام المدعو "كورنليوس بالما"، ولا يعلم على وجه التحقيق أعين الرومان واليًا على هذه الكورة حال تكوينها أم أنها جعلت تحت إدارة حاكم "سورية" المباشرة ثم عين لها حاكما خاصا، والمعروف أن أول والٍ "Legat" عين عليها إنما عين في سنة "111" بعد الميلاد.
ولم تكن حدود "الكورة العربية" "المقاطعة العربية" ثابتة، بل كانت تتغير وتتبدل، وتتقلص وتتوسع تبعًا لمراكز الحكام ومنازلهم، ففي سنة "195" بعد الميلاد مثلًا أضيف إليها بعض الأرضين الجنوبية من مقاطعة "سورية الفينيقية" "Syria Phonice"، ولكن هذه الحدود تغيرت مرارًا قبل هذا التاريخ وبعده، وتساعدنا "السكة الرومانية" التي أنشأها "تراجان" ثم وسعت فيما بعد مساعدة كبيرة في تعيين حدود ومساحة هذه المقاطعة، وقد أنشئت هذه السكة لأغراض عسكرية لتيسر للجيوش الرومانية الوصول بسرعة إلى المواضع المهمة من الوجهة العربية، ولتتمكن بواسطتها من السيطرة على الوطنيين وضبط الأمن.
ويمكن الاستدلال من أنصاب الأميال، التي وضعها الحاكم "قلوديوس سويروس" "قلوديوس سفيروس" "Claudius Severus" على هذه الطرق للوقوف بواسطتها على الأبعاد والمسافات والاتجاه، على معرفة طريقين مهمين: أولهما طريق جديد انتهى منه في نسة "111" للميلاد، يمتد من الحدود الشمالية للمقاطعة العربية أي من بلاد الشام إلى "بصرى" "Bostra". ثم إلى "فيلادلفيا" "عمان" "Philadelphia"، ومنها في اتجاه الحنوب ثم الغرب على طريق "بطرا" حتى البحر الأحمر. وثانيها الطريق الممتد من "فيلادلفيا" مارًّا بـ"جرش" "Gerasa" وربما بـ "أذرح" "Adra" نحو "بصرى" "Bostra". وقد كان هذا الطريق معروفًا قبل سنة "105" للميلاد، غير أنه أصلح وعمر، وربما حول إلى طريق عسكري في سنة "112" للميلاد، أي في أيام "تراجان".
وقد عرفت أسماء أكثر الحكام الذين تولوا منصب حاكم المقاطعة العربية من رومان وبيزنطيين، وردت أسماؤهم مدونة على أنصاب الأميال وفي الكتابات الأخرى التي عثر عليها في مواضع متعددة من هذه المقاطعة. وأولهم "كورنليوس بالما".
وقد تبين أن الألقاب الرسمية التي كان يتلقب بها حكام هذه المقاطعة في القرن الثاني بعد الميلاد كانت من درجة الألقاب الرفيعة التي تمنح عادة لحكام مقاطعة "قيصرية" مثل لقب: "Legatus Augusti Pro Praetore" أو "Augustorum" تضاف إليه جملة: "Consul Designatus" متى يكون الحاكم في درجة "قنصل" "Consul"، وذلك يكون عادة بالنسة إلى حكام المقاطعات من درجة "Legatus Pro Praetore" وقد يقتصر اللقب على كلمة "Consulares" إذا كان صاحبه قنصلًا. غير أن هذه الألقاب الرسمية لم تكن ثابتة، بل كانت تتغير بحسب أهمية الحاكم ومنزلته، والوظيفة التي يشغلها، والزمان الذي حكم فيه.
وتفيدنا وثائق المجامع الكنسية التي انعقدت في أوقات مختلفة لمعالجة المشكلات التي جابهت الكنيسة، وحضرها ممثلون عن كنائس "الكورة العربية" فائدة كبيرة في تعيين أسماء مدن هذه الكورة وتأريخها، ومن هذه المجالس مجلس "نيقية" "Nicaea" الذي انعقد في سنة "325" بعد الميلاد، ومجمع "أنطاكية" "Antiochia" المعقود في سنة "341" بعد الميلاد، ومجمع "Sardica" الملتئم عام "347" للميلاد، ومجمع "القسطنطينية" المنعقد عام "381" بعد الميلاد، ومجمع "أفسوس" "Ephesus" المجتمع عام "431"، ومجمع "خلقدونية" "Chalcedon" الذي انعقد في عام "451"، للميلاد، ومجمع "القسطنطينية" المنعقد سنة "536" للميلاد، ومجمع "القدس" الملتئم عام "536" بعد الميلاد وغيرها من المجالس والمجامع الدينية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة