تشهد حركة الطيران المدنى فى العالم، تراجعا ملحوظا منذ بدء تفشى فيروس كورونا المستجد (كوفيد ـ 19) أنحاء العالم، وعلى الرغم من أن القارة السمراء بدت بمنأى عن هذه الأزمة منذ بدايتها إلا أن شركات الطيران فى القارة ستتحمل العبء الأكبر من هذه الأزمة.
فمنذ نهاية شهر يناير الماضي، اضطرت غالبية النواقل الأفريقية التى تقوم برحلات إلى الصين (بؤرة انتشار فيروس كورونا المستجد) إلى تعليق رحلاتها ومن بينها الخطوط الجوية الكينية والخطوط الجوية لموريشيوس والخطوط الجوية الجزائرية وطيران مدغشقر و"رواند اير" والخطوط الجوية الملكية المغربية التى أوقفت جميع رحلاتها الدولية باستثناء رحلات الشحن، واتخذت جيبوتى إحدى دول القرن الأفريقى قرارا مماثلا.
كما اضطرت الخطوط الجوية الإثيوبية، التى تنقل أكثر من 4000 راكب يوميا بين الصين وقارة إفريقيا، إلى خفض رحلاتها إلى بكين وشنغهاى وهونج كونج وقوانغتشو وتشنغدو نظرا لتدنى معدلات التشغيل، حيث أجبر الانتشار المقلق للفيروس العديد من الدول الأفريقية خصوصا فى أفريقيا جنوب الصحراء على اتخاذ تدابير أكثر صرامة ففى غانا حظرت السلطات استقبال القادمين إلى أراضيها أو العابرين من غير مواطنى البلاد.
وتنفذ جميع الدول الأفريقية تدابير وقائية مشددة لاحتواء الانتشار المقلق والسريع للوباء ومن المتوقع اتخاذ تدابير أكثر صرامة خلال الأيام المقبلة، وقد ألقت هذه التدابير القاسية بظلالها على شركات الطيران التى ستواصل تقليل حركة طائراتها حتى فى السوق المحلية خلال الأيام المقبلة.
وتحاول الشركات الأفريقية وحتى المطارات بذل قصارى جهدها لاحتواء الاستنزاف المالى الناجم عن هذه الأزمة ، حيث توقع الاتحاد الدولى للنقل الجوى (IATA) فى وقت سابق من الشهر الجارى خسارة شركات النقل الجوى الأفريقية بشكل جماعى حوالى 400 مليون دولار ؛ بسبب وباء "كورونا" كتقديرات أولية..مرجحا تكبد شركات الطيران خسائر أكبر تبعا لحالة تفشى هذا الفيروس.
وذكر اتحاد النقل الجوى الدولى فى أحدث تقاريره : أن النظرة المستقبلية للصناعة فى معظم أنحاء العالم باتت دراماتيكية .. موضحا أن الخسائر على الصعيد العالمى تقدر بحوالى 252 مليار دولار ومن المتوقع أن ترتفع ؛ نظرا للإجراءات المشددة التى نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية وحكومات دول أخرى مثل الكويت وإسبانيا.
وقال الكسندر دى جونيك الرئيس التنفيذى لاتحاد النقل الجوى الدولي: "إن النقل الجوى أمر حيوي، ولكن بدون مساعدة الحكومات، سنواجه أزمة مالية فى هذه اللحظة الدقيقة التى نعيش فيها وضعا صحيا طارئا".
ويرى مراقبون وخبراء اقتصاد أن العديد من الشركات الأفريقية باتت مهددة بالإفلاس بسبب هذه الإجراءات القاسية وتراجع أسعار النفط منذ يناير الماضى والتى لن تساعد الحكومات بطبيعة الحال على إنقاذ الشركات المتعثرة من كبوتها..مضيفين : أن بقاء هذه الشركات يعتمد الآن على الدعم القوى لدولها من خلال اتخاذ تدابير جريئة مثل الإعفاءات الضريبية والائتمان طويل الأجل لتعويضها عن تداعيات هذه الأزمة.
ويسهم قطاع الطيران فى إفريقيا بنحو 55.8 مليار دولار فى الناتج المحلى الإجمالى للقارة ، ويدعم ما يقرب من 6.8 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة.
وفى السياق ذاته .. أعلن بنك التنمية الأفريقى عن اتخاذ إجراءات وتدابير صارمة تتعلق بالأمن الصحى من أجل منع تفشى فيروس كورونا المستجد (كوفيد ـ 19) فى الدول التى يتواجد بها البنك ومن بينها دولة كوت ديفوار ،حيث يوجد المقر الرئيسى للبنك.
وقال اكينومى اديسينا رئيس البنك الأفريقى للتنمية، فى تصريحات عبر الفيديو كونفرانس من مقر البنك فى أبيدجان اليوم ، :"لقد قررنا اعتماد العمل عن بعد وعقد المؤتمرات عبر الفيديو كونفرانس وتعليق كافة الزيارات إلى مبانى البنك وإلغاء كافة التنقلات والمؤتمرات حتى إشعار آخر".
وأضاف :"أن البنك اتخذ على الفور العديد من الإجراءات لمكافحة انتشار فيروس كورونا (كوفيد ـ 19) من بينها وضع الموظفين العائدين من الدول عالية المخاطر فى تفشى الفيروس فى حجر صحى طوعى مدة 14 يوما على غرار ما اتخذه عدة مؤسسات مصرفية فى آسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية".
وأشار إلى أنه منذ بداية ظهور الوباء فى الصين فى ديسمبر 2019، يتابع البنك الوضع الصحى فى فروعه عبر مركزه الطبى وفريق البنك لإدارة الأزمات وعبر لجانه التنفيذية..منوها بأن موظفى البنك يتلقون بانتظام نصائح طبية وإجراءات وقائية لحماية أنفسهم وعائلاتهم ضد الإصابة بالفيروس.
ودعا رئيس بنك التنمية الأفريقى موظفى البنك إلى عدم الانزعاج من الإجراءات التى سيتخدها البنك..قائلا : "إن الوضع الحالى يدعونا إلى تغيير الطريقة التى نعمل بها والمكان الذى نمارس عملنا منه".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة