عانى الجميع من التوتر الكبير الذي سببه انتشار فيروس كورونا في العالم، لكن تلك المعاناة لها طعم آخر في مصر، حيث سادن أجواء مختلفة منذ بداية الكارثة العالمية، وفي الحقيقة فإن العاصفة التي سبقت تفجر الأزمة في مصر كان لها دور أيضا في أن تكشف كيف سيتعامل المصريون مع فكرة البقاء في المنزل، حيث أعادتنا تلك الأزمات إلى مرحلة ما قبل انتشار الكهرباء.
التآلف الأسري، والبحث عن مسليات نقضي بها على الملل، والتسابق على شراء اللب والسوداني والمقرمشات، كلها من أشكال التحايل على الأزمة، ومع اشتداد أزمة كورونا وإقرار الحكومة لحظر التجول تبلورت الفكرة أكثروأكثر، واتجهنا إلى أقرب شكل من أشكال الوحدة في السلوك والمظاهر، وهو شكل شهر رمضان الكريم.
كانت كل مظاهر رمضان حاضرة اليوم، الجميع يتسابق على إنهاء كل شيء قبل ميعاد حظر التجوال، حالة التوتر التي صاحبت انتشار المرض، تشبه تماما حالة انعدام التركيز قبل ساعات الإفطار، الجميع يساعد الجميع من أجل الظفر بالذهاب إلى المنزل في الوقت المحدد، حتى لو كان هذا على حساب تعليمات الوقاية التي تذيعها وسائل الإعلام.
الأسرة أيضا كان لها نصيب من هذا التسارع الرمضاني، فغالبية البيوت اليوم ضبطت موعد الغذاء على ميعاد عودة الجميع إلى البيت، وفور أن دقت الساعة السابعة ذهب الجميع إلى مائدة الطعام، وفي الذهن: هل انطلق مدفع حظر التجوال أم لا؟
ولأن "القعدة" ستطول في المنازل، فمن المتوقع أن تزداد نسب مشاهدة التليفزيونات، والذكي الآن من يستطيع أن يقدم وجبات درامية على قدر كبير من المتعة والتشويق، وأعتقد أنه من المهم الآن أن تطلق الفضائيات الآن مسلسلات جيدة لتستحوذ على نسب مشاهدة عالية، أو أن تعيد إذاعة المسلسلات الناجحة، لأنه يضمن أن يشاهد الناس ما يقدمه، والرهان الآن سيصبح ليس فقط على من يستأثر بالمشاهدين الآن وإنما من سيستطيع أن يأسرهم في شاشته حتى رمضان المقبل.
ولأن "القعدة" ستطول في المنازل أيضا، فمن المهم الآن أن تبتكر ربات البيوت أنواع طعام أكثر، وأنواع حلويات أكثر، وأن تتحول جلسات المنزل إلى حالة لطيفة من الأجواء الأسرية الدافئة، ولا مجال هنا للحديث عن زيادة الوزن أو نسب الدهون في الجسم، فإزالة التوتر أهم بكثير من إزالة بضعة سنتيمترات من محيط الخصر.
حظرا مقبولا..وجلوسا شهيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة