- 10000 عامل تسابقوا لانهاء مستشفى في 10 أيام و11 ألف طبيب قدموا المساعدة
- 10 مؤسسات تبرعت بكواشف للفيروس تفحص 500 عينة يوميا
- أكثر من 100 شخص تبرعوا بالبلازما بعد تعافيهم من الالتهاب الرئوي الناجم عن كورونا
قبل بضعة أيام أجرى الرئيس الصيني، شي جين بينغ، زيارة إلى مدينة ووهان البؤرة الرئيسية لعدوى فيروس كورونا، وأعلن من هناك أنه تم "السيطرة عمليا" على تفشى الفيروس المستجد، وأنه "تم تحقيق نجاح أولى نحو استقرار الوضع وتحسنه في ووهان"، لاحقا صرح الرئيس الصيني أن بلاده لديها استعداد لتقديم الدعم ونقل خبرتها إلى الدول الأخرى التي تعانى من انتشار الفيروس.
منظمة الصحة العالمية نفسها أشادت بالصين في بيان سابق، واعتبرت أن جهود الوقاية والسيطرة على الوباء هناك هي الأكثر طموحا والأسرع والأكثر إيجابية في التاريخ، وبحسب تيدروس أدهانوم، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، فإن "تجربة الصين تخبر العالم بأنه من الممكن الحد من انتشار الوباء، ويمكن لأي دولة السيطرة على الوباء طالما كان لديها التزام قويّ من الحكومة وتعاون كبير من الشعب".
بماذا تنبئنا التجربة الصينية في مكافحة كورونا؟
هذا ما حاول أن يرصده الدكتور وانج كوانغدا الأستاذ بجامعة شنغهاى للدراسات الدولية بالصين، في دراسة نشرها باللغة العربية عنوانها "مكافحة الصين لوباء فيروس “كورونا” يجسّد مزايا نظام الحوكمة"، حيث أكد أنه منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية قبل 71 سنة، مرت الأمة الصينية بالعديد من المحن في تاريخها، لكنها لم تُقهر قط، بل على العكس، أصبحت أكثر شجاعة ونضجًا وأقدر على تخطّي الصعوبات.
واعتبر أن تفشي فيروس كورونا هو اختبار صعب للصين حكومةً وشعبًا، ولكن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني تُولِي أهمية كبيرة لهذه القضية، وتنفّذ سلسلة من الإجراءات، ويتّحد أبناء الشعب الصيني الذين يبلغ تعدادهم 1.4 مليار نسمة في معركة الدفاع المشترك والمراقبة المشتركة.”
وحددت الدراسة مجموعة من العوامل التي اعتمدت عليها الصين في مواجهة فيروس كورونا، وهى على النحو التالى:
أ- قوة الدعوة العظيمة
أشار الباحث إلى أن أزمة الفيروس تزامنت مع عطلة عيد الربيع الصيني، حيث يتوقّف إنتاج المصانع ويعود معظم العمّال إلى بيوتهم. ولكن في سباق مع الزمن للحدّ من انتشار الوباء والسيطرة عليه، دعت الحكومة الصينية مصانع الكمامات إلى استئناف الإنتاج لتلبية الطلب المتزايد، وتعهّدت الحكومة أيضًا بأن تجمع الفائض من الكمامات وتخزنه بعد انتهاء الوباء، مما أدّى إلى عودة مصنّعي الكمامات إلى ممارسة أعمالهم في أسرع وقت.
أوضح الباحث انه حتى 19 فبراير بلغت الطاقة الإنتاجية اليومية لكمامة “إن-95” الطبية 30 ألفًا، وتم إعطاء الأولوية لمدينة ووهان في توفير هذا النوع من الكمامات، وهذا يعادل ضعف الطاقة الإنتاجية للأقنعة قبل الوباء.
ب- القدرة التنسيقية القوية
كشف الباحث أنه بعد تلبية الطلب على المواد الطبية، واجهت الحكومة الصينية تحديات هائلة، متمثلة في توزيع المواد حسب المتطلبات المختلفة ومستوى الطوارئ. فأنشأت منصة على الإنترنت لتوفير الإمدادات، مع الأخذ في الاعتبار احتياجات جميع الأطراف، وإعطاء الأولوية للخطوط الأمامية.
وأشار الباحث إلى أنه تم توفير متطلبات الوقاية من الوباء والسيطرة عليه في المناطق الأخرى. لذلك سرعان ما تم سد نقص المواد الطبية في مقاطعة هوبي، واستقرت الإمدادات في كافة أنحاء البلاد أيضًا. بالإضافة إلى ذلك، وفرت هذه المنصة المعلومات بشفافية مع مراعاة حق المواطنين في المعرفة، وتحديد مصدر المواد وأماكن توزيعها، إذ إن كل المعلومات يمكن إيجادها في المنصة، مما ضمن توزيع الموارد بشكل عادل، وزاد من فاعلية الوقاية من الفيروس والسيطرة عليه. ويرجع هذا إلى التنسيق المؤسسي الذي تقوم به الحكومة.
ج- القدرة التنظيمية الهائلة
ذكر الباحث أن الصين بنت مستشفى “ليشنشان” و”هوهشنشان” في ووهان بسرعة فائقة من أجل كبح انتشار الفيروس، فتسابق أكثر من 10000 عامل مع الزمن وعملوا معًا ليلًا ونهارًا تحت كاميرات البث المباشر على شبكة الإنترنت العالمية لإنجاز المستشفيين، الأمر الذي أطلق شعاع أمل جديد للجميع.
وفي السادس من فبراير بدأ تسليم مستشفى “ليشنشان” في مدينة ووهان بمقاطعة هوبي وسط الصين، ويتسع المستشفى لـ1600 سرير وأكثر من 2000 من الأطباء والممرضات. أما مستشفى “هوهشنان” فتم الانتهاء من بنائه في 10 أيام فقط، بدءًا من التصميم وحتى نهاية البناء. وعادةً ما يستغرق مشروع بناء مستشفى تبلغ مساحته 30 ألف متر مربع سنتين على الأقل. وانتشرت جملة “فقط الصين تستطيع فعل ذلك” بين مستخدمي وسائل الإعلام الاجتماعي خارج الصين.
وفي عطلة عيد الربيع، الذي يشهد لم الشمل العائلي بالنسبة للصينيين، سافر الآلاف من الأطباء والممرضات من جميع أنحاء الصين إلى مقاطعة هوبي لتقديم المساعدة الطبية، ويبلغ عددهم 11 ألف طبيب وممرضة حتى الآن. وأشاد الرأي العام الدولي بـ”القوة التنظيمية للصين” المتمثلة في تركيز الجهود لتحقيق إنجازات كبرى.
وتتجاوز العديد من التدابير التي تتخذها الحكومة الصينية متطلبات “اللوائح الصحية الدولية”. “هذا التماسك بين الصعود والهبوط شيء مذهل”، “كل ذلك يثبت القدرة الفريدة للصين في التضامن”.. لقد اكتسبت القدرة التنظيمية للصين احترامًا وثقة واسعة النطاق في شتى أنحاء العالم.
في أول يوم من السنة القمرية الصينية الجديدة (25 يناير)، عقدت اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني اجتماعًا حول سبل منع ومكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد. وترأس الأمين العام للجنة المركزية للحزب “شي جين بينغ” هذا الاجتماع، وألقى خطابًا مهمًّا فيه. وقرر الاجتماع تأسيس فريق لتنسيق جهود مكافحة الوباء تحت قيادة اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة الحزب المركزية. كما قرر الاجتماع أيضًا إرسال فرق إرشادية إلى هوبي وغيرها من المناطق الأكثر تأثرًا بالوباء، لتعزيز جهود منع تفشي الوباء ومكافحته.
وأوضح أنه تم اتخاذ قرار يُعد الأكثر حسمًا في التاريخ بإغلاق مدينة كاملة لكونها مصدر انتشار الفيروس
التضامن الكامل من أبناء الشعب الصيني
أوضح الباحث أن مستشفيات ووهان تشهد هذه الأيام وصول العديد من الإمدادات الطبية التي تم التبرع بها من جميع أنحاء البلاد. على سبيل المثال، شركة تشيجيانغ للتكنولوجيا الحيوية المحدودة تمكنّت، في غضون 24 ساعة، من إعداد مجموعة كاملة من معدات فحص الحمض النووي الأوتوماتيكية بالكامل والمواد الاستهلاكية الداعمة لها. كما تبرّعت عشر مؤسّسات بكواشف اختبار لووهان تكفي لشهر، وقد بلغ حجم المساعدات أكثر من 500 قطعة و12 طنًّا. كما أرسلت الشركة 10 مهندسين مسئولين عن تركيب المعدات والتدريب على استخدامها، مع العلم بأن هذه المعدات ستتمكّن من الفحص الأوتوماتيكي الكامل للحمض النووي. ويمكن لعشرة أجهزة فحص الحمض النووي لـ5000 عينة في اليوم بمعدل 500 عينة في اليوم لكل جهاز.
وأضاف :"بعد إثبات فاعلية العلاج بالبلازما من المرضى المتعافين من فيروس كورونا الجديد (كوفيد– 19) في علاج الحالات الخطيرة، تبرع أكثر من 100 شخص بالبلازما بعد تعافيهم من الالتهاب الرئوي الناجم عن الفيروس، مما ساعد في تحضير منتجات علاجية لعلاج 240 مريضًا يعانون من أعراض خطيرة وحرجة."
وذكر الباحث أنه بالإضافة إلى التبرعات من داخل الصين، تلقت مدينة ووهان عددًا كبيرًا من التبرعات من دول الجوار والدول الشقيقة، مما يجعلنا ندرك أن محاربة الوباء جزء لا يتجزأ من الإيمان بمبدأ مجتمع المصير المشترك، وهذا المبدأ لا يقتصر على الصين فقط، بل يتضمن كل أنحاء العالم. فالإجراءات النافذة لمواجهة فيروس الكورونا المستجد هدفها حماية الشعب الصيني وحماية البشرية على حد سواء.
ختامًا، يمكن القول إنه من الاكتشاف السريع لتسلسل الجينات الفيروسية ومشاركتها مع العالم، إلى تطبيق أكبر عملية عزل بشري في التاريخ لمصدر تفشي الفيروس؛ اتخذت الحكومة الصينية موقفًا مسئولًا للغاية تجاه سلامة وصحة الشعب، وتبنت سلسلة من الإجراءات غير المسبوقة للحد من انتشار الفيروس، وتجاوزت الكثير من إجراءاتها متطلبات اللوائح الصحية الدولية. لقد أظهرت الصين تضامنًا كبيرًا بعملها الاستثنائي.
يفكر الآن الكثير من الناس في العالم: لماذا “سرعة الصين” كبيرة لهذا الحد؟ ولماذا “قوة الصين” تتدفق بلا نهاية؟ إزاء هذا السؤال، يدرك المجتمع الدولي بشكل متزايد أن الإجابة تكمن في مزايا النظام الصيني الذي يعكس إرادة الشعب ويحمي حقوقهم ومصالحهم ويحفز على الإبداع، إذ إن التماسك الصيني يستطيع التغلب على كل الصعوبات.
من المؤكد أن حملة مكافحة فيروس كورونا الجديد ستصبح صفحة استثنائية في تاريخ البشرية. كما أن التماسك والتضامن الوطني الصيني في مواجهة الفيروس يجعل العالم يشعر على نحو متزايد بأن إرادة الشعب الصيني لا يمكن أن يتحداها شيء.
لقد بذل 1.4 مليار صيني جهودًا مشتركة لمكافحة الفيروس، وأظهرت الصين كفاءة وقوة نظام الحكم الوطني، وتم اكتشاف طرق جديدة للاستجابة لحالات الطوارئ الصحية العامة. وفي هذا الصدد، يشيد الرأي العام الدولي بأنه “لا يمكن لأي دولة في العالم أن تتصرف بهذه الكفاءة العالية”، “كلما واجهت الصين تهديدًا، تستطيع التغلب عليه وعلى كل التحديات بعزمها القوي”.
ويتجسد تفوق النظام الصيني بصورة أفضل في اللحظات الحرجة. ومن المؤكد أن الصين ستنتصر في معركتها ضد فيروس كورونا الجديد تحت القيادة القوية للحزب الشيوعي الصيني، وبفضل المزايا الهائلة للنظام الاشتراكي ذي الخصائص الصينية، بالإضافة إلى الدعم القوي من المجتمع الدولي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة