عندما هوانى فكرى للحديث فى هذا الموضوع أمام شخصيتين تاريخيتين مثل البابا شنودة الثالث والشيخ الشعراوى شعرت حقا أن قلمى يعجز عن الكتابة، وجف تفكيرى عن تلاوة هذا المقال، فنحن امام شخصيتين ينحنى لهما التاريخ لعظمتهما وقامتهما ولتعاليمهما السمحة التى تركوها لنا والتى تعتبر حجر الأساس التى نعيش عليه حتى وقتنا هذا، وفى هذا الموضوع أذكر بعض المواقف التى احتلت عقلى وتفكيرى والتى جعلتنى أكتب هذا الموضوع :
حيث كان البابا شنودة يضع صورة الشيخ الشعراوى فى مكتبه الخاص، فتلك هى (أم الصور)، إذ كان لها أن تظهر إلى أى مدى كانت العلاقة بين قامتين كبيرتين تجمعتا على الحب والمودة والإنسانية، حيث إن البابا شنودة وضع صورة الشيخ الشعراوى فى مكتبه الخاص لكى يصلى من أجل أن يتم الله شفاءه، وأن يعود إلى أرض الوطن بكامل صحته بعد إجراء عملية جراحية فى لندن. وارسل البابا شنودة وفدا من رجال الكنيسة لزيارة الشيخ الشعراوى مقدما له هدية عبارة عن علبة شيكولاتة وباقة من الورود، وعندما عاد الشيخ الشعراوى إلى أرض الوطن سالما قام بزيارة إلى البابا شنودة بالكاتدرائية، وكان فى استقباله البابا شنودة ومجموعة من الأساقفة فى استقبال حافل، وكان من المقرر أن وقت الزيارة نصف ساعة إلا أن من المفاجأة أن اللقاء استمر لثلاث ساعات دون ملل، وهذا إن دل يدل على عمق العلاقة والمحبة بينهما قائلا وقتها الشيخ الشعراوى : من منح الله لى فى محنتى أنه جعلنى أجلس مع قداسة البابا شنودة، ورد عليه البابا شنودة قائلا: إن الذين ارتبطوا بالسماء يجب أن يضعوا أيديهم فى أيدى بعض دائما من أجل ما اتفقوا عليه ويتركوا ما اختلفوا فيه.
وأهدى البابا شنودة الشيخ الشعراوى بعض كتبه وبعض أشعاره التى قام بتأليفها، وأخذ الاثنين يتبادلان كل منهم قصائده الشعرية وسط تهليل من الحاضرين، حيث تحولت الجلسة إلى مأدبة ثقافية دينية خالصة، وفى نهاية الحوار قدم الشيخ الشعراوى هدية للبابا شنودة، وكانت عبارة عن (عباءة سوداء)، ورد عليه البابا قائلا: نحن نريد للمجتمع بأكمله أن يعيش تحت عباءة واحدة.
ولم يكن هذا اللقاء الوحيد الذى جمع بين البابا شنودة والشيخ الشعراوي.
وعندما توفى الشيخ الشعراوى ذهب البابا شنودة للعزاء وقال: لقد خسرنا شخصية نادرة فى إخلاصها وفهمها لجوهر الإيمان.
نرى تعجب الغرب لنا كيف لهذه الفتن التى نضعها للمصريين بين طوائفهم وسرعان ما نجد كأنه لم يكن شيء قد حصل ونسوا أنهم :
يعبدون إله المال ونحن نعبد رب الكون والجمال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة